02 مايو 2021
العنصرية ليست عملة أميركية
..ونحن نشاهد ما يحدث من مظاهرات في أميركا منذ أسابيع بعد مقتل جورج فلويد على يد شرطي كان يضغط على رقبته بركبته لمدة تسع دقائق، وكان فلويد يصرخ "لا أستطيع أن أتنفس"، وقد وثق المشهد من طرف كاميرات المارين الذين كانوا يطالبون الشرطي أن يكف عن ذلك، إلى أن غاب عن الوعي وتوفي إثر ذلك.
صرخة فلويد زلزلت أرجاء أميركا وأخرجت الناس إلى الشوارع للتظاهر رفضاً للعنصرية وإعادة حق جورج، وبهذه الحادثة تستعيد أميركا ذاكرتها الطويلة التي كان يعاني فيها أصحاب البشرة السوداء من التمييز العنصري، وتعيد جراح النضال الذي قام به العديد من الشخصيات التي عانت من أجل تحقيق المساواة، تعيد خطاب مارتن لوثر كينغ وهو يقول: "لدي حلم"، وتعيد نضال هاري توبمان، وتوثيق إيدا بيل ويلز، وغيرهم.
عاد موضوع العنصرية إلى الواجهة بسبب هذه الحادثة التي امتد صداها إلى خارج أسوار أميركا، فخرج المتظاهرون في كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، أمّا بخصوص العالم العربي فبقي صداها حبيس مواقع التواصل الاجتماعي متفاعلين بكل حزن وأسى معها.
أجدني أقف وأنا أتابع تلك التغريدات والمنشورات المتعاطفة وأتساءل: أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم؟ ننعت أميركا بالعنصرية وننسى بأننا نعايشها في مجتمعاتنا العربية هذا أبيض وهذا أسود، هذا أمازيغي وهذا عربي! هذا من عرق وهذا من عرق كذا، وغيرها من مظاهر التمييز العنصري.
لنبقَ في موضوع التمييز ضد السود، فالأمثلة عديدة في بلداننا العربية بداية من تونس وليبيا والجزائر إلى اليمن ولبنان، ما زالت الشعوب لم تتخلص من عقدة اللون الأسود، فأحياء سكنية خاصة ومدارس وحافلات بل وحتى المقابر التي يساوينا فيها الموت تم الفصل فيها بينهم.
ولا ننسى النظرات الدونية من قبل البعض ممن يدعون الرقي الاجتماعي والثقافي، والكلمات الجارحة التي يتفوهون بها مثل كحلوش، وصيف، وعبد، وإنه لمن المحير جداً أننا في القرن الواحد والعشرين، أي أن أحمد باي حاكم تونس قد منع استعباد الناس والتجارة بالرقيق منذ 174 سنة، وما زلنا لم نتخلص من فكر الرق والعبودية لما لكلمة وصيف وعبد من دلالة على ذلك، وإذ كنا نملك العديد من المثقفين في العالم العربي اليوم فما دورهم تجاه هذه القضايا؟ ومن المسؤول عن بقاء هذه الذهنية وتجذرها في المجتمعات؟ وكيف يمكننا التخلص منها؟
المناهج التربوية والمؤسسات التعليمية!
إن الدور الذي تلعبه المدرسة في التربية والتعليم وتلقين الطفل المبادئ الأساسية العلمية والمفاهيم التعليمية الأولى، لهو المسؤول الأول عن تجذر وبقاء هذه العقليات في المجتمعات العربية، فعلى سبيل المثال، في الجزائر المنهاج التربوي يلعب دوراً كبيراً في تعريف الطفل في مراحله التعليمية الأولى باختلافات المجتمع وتنوعاته الثقافية والعرقية وحتى الدينية أيضاً، فتغرس فيه روح التسامح والتعايش وتقبل الاختلاف من باب لحمة المجتمع وخدمة الوطن، فينشأ الطفل محباً لكل من يختلف عنه ويقاسمه الرقعة الجغرافية ذاتها.
الدراما والسينما من أجل التخلص من الأفكار السلبية!
منذ مدة كانت تراودني فكرة سيناريو لفيلم يمكنه وأن يتناسب مع طبيعة المجتمع الجزائري، والسبب الأول الذي جعل الفكرة تراودني هو أنني لاحظت غياب العنصر الأسود عن الشاشة في الدراما أو السينما الجزائرية، خاصة التي تحتكرها العاصمة، ففكرت وقلت لمَ لا تعطى الفرصة لمثل هؤلاء ليبرزوا مواهبهم ومن خلال ذلك يبرزون تنوعات واختلافات المجتمع الجزائري، وخاصة وأن الدراما والسينما اليوم تلعبان دوراً كبيراً في التأثير على الذهنيات وطبع صورة عليها.
أجدني أتساءل أليس هناك ممثلون موهوبون يمكنهم أخذ مكانة لهم؟ أم ليس هناك نصوص روائية يمكن استثمارها سينمائياً؟ أم ليس هناك كتاب سيناريو يملكون النظرة الفنية واستغلال هذا التنوع فنيًا؟
وإني في آخر هذا المقال لأنوه لدور العائلة الكبير أيضاً في تطعيم الطفل بتنوعات المجتمع واختلافاته، ويكون ذلك من خلال الحديث معه حولها وتعريفه بتاريخ بلده ومناطقها وخاصة مناطق الظل.. وأتمنى أن يأتي جيل بعد أنيس شوشان ويقول رداً على مقاله في قصيدته السلام: فقبول الاختلاف عندنا ليس إلا غلاف.
اختلاف اللون يؤذينا
اختلاف الشكل يؤذينا
اختلاف الفكر يؤذينا
اختلاف الدين يؤذينا
فيكون كلامه عن عدم قبول الاختلاف كلام أسلاف ولا أذية من اختلاف مما قاله أصبح يعنينا.
صرخة فلويد زلزلت أرجاء أميركا وأخرجت الناس إلى الشوارع للتظاهر رفضاً للعنصرية وإعادة حق جورج، وبهذه الحادثة تستعيد أميركا ذاكرتها الطويلة التي كان يعاني فيها أصحاب البشرة السوداء من التمييز العنصري، وتعيد جراح النضال الذي قام به العديد من الشخصيات التي عانت من أجل تحقيق المساواة، تعيد خطاب مارتن لوثر كينغ وهو يقول: "لدي حلم"، وتعيد نضال هاري توبمان، وتوثيق إيدا بيل ويلز، وغيرهم.
عاد موضوع العنصرية إلى الواجهة بسبب هذه الحادثة التي امتد صداها إلى خارج أسوار أميركا، فخرج المتظاهرون في كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، أمّا بخصوص العالم العربي فبقي صداها حبيس مواقع التواصل الاجتماعي متفاعلين بكل حزن وأسى معها.
أجدني أقف وأنا أتابع تلك التغريدات والمنشورات المتعاطفة وأتساءل: أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم؟ ننعت أميركا بالعنصرية وننسى بأننا نعايشها في مجتمعاتنا العربية هذا أبيض وهذا أسود، هذا أمازيغي وهذا عربي! هذا من عرق وهذا من عرق كذا، وغيرها من مظاهر التمييز العنصري.
لنبقَ في موضوع التمييز ضد السود، فالأمثلة عديدة في بلداننا العربية بداية من تونس وليبيا والجزائر إلى اليمن ولبنان، ما زالت الشعوب لم تتخلص من عقدة اللون الأسود، فأحياء سكنية خاصة ومدارس وحافلات بل وحتى المقابر التي يساوينا فيها الموت تم الفصل فيها بينهم.
ولا ننسى النظرات الدونية من قبل البعض ممن يدعون الرقي الاجتماعي والثقافي، والكلمات الجارحة التي يتفوهون بها مثل كحلوش، وصيف، وعبد، وإنه لمن المحير جداً أننا في القرن الواحد والعشرين، أي أن أحمد باي حاكم تونس قد منع استعباد الناس والتجارة بالرقيق منذ 174 سنة، وما زلنا لم نتخلص من فكر الرق والعبودية لما لكلمة وصيف وعبد من دلالة على ذلك، وإذ كنا نملك العديد من المثقفين في العالم العربي اليوم فما دورهم تجاه هذه القضايا؟ ومن المسؤول عن بقاء هذه الذهنية وتجذرها في المجتمعات؟ وكيف يمكننا التخلص منها؟
المناهج التربوية والمؤسسات التعليمية!
إن الدور الذي تلعبه المدرسة في التربية والتعليم وتلقين الطفل المبادئ الأساسية العلمية والمفاهيم التعليمية الأولى، لهو المسؤول الأول عن تجذر وبقاء هذه العقليات في المجتمعات العربية، فعلى سبيل المثال، في الجزائر المنهاج التربوي يلعب دوراً كبيراً في تعريف الطفل في مراحله التعليمية الأولى باختلافات المجتمع وتنوعاته الثقافية والعرقية وحتى الدينية أيضاً، فتغرس فيه روح التسامح والتعايش وتقبل الاختلاف من باب لحمة المجتمع وخدمة الوطن، فينشأ الطفل محباً لكل من يختلف عنه ويقاسمه الرقعة الجغرافية ذاتها.
الدراما والسينما من أجل التخلص من الأفكار السلبية!
منذ مدة كانت تراودني فكرة سيناريو لفيلم يمكنه وأن يتناسب مع طبيعة المجتمع الجزائري، والسبب الأول الذي جعل الفكرة تراودني هو أنني لاحظت غياب العنصر الأسود عن الشاشة في الدراما أو السينما الجزائرية، خاصة التي تحتكرها العاصمة، ففكرت وقلت لمَ لا تعطى الفرصة لمثل هؤلاء ليبرزوا مواهبهم ومن خلال ذلك يبرزون تنوعات واختلافات المجتمع الجزائري، وخاصة وأن الدراما والسينما اليوم تلعبان دوراً كبيراً في التأثير على الذهنيات وطبع صورة عليها.
أجدني أتساءل أليس هناك ممثلون موهوبون يمكنهم أخذ مكانة لهم؟ أم ليس هناك نصوص روائية يمكن استثمارها سينمائياً؟ أم ليس هناك كتاب سيناريو يملكون النظرة الفنية واستغلال هذا التنوع فنيًا؟
وإني في آخر هذا المقال لأنوه لدور العائلة الكبير أيضاً في تطعيم الطفل بتنوعات المجتمع واختلافاته، ويكون ذلك من خلال الحديث معه حولها وتعريفه بتاريخ بلده ومناطقها وخاصة مناطق الظل.. وأتمنى أن يأتي جيل بعد أنيس شوشان ويقول رداً على مقاله في قصيدته السلام: فقبول الاختلاف عندنا ليس إلا غلاف.
اختلاف اللون يؤذينا
اختلاف الشكل يؤذينا
اختلاف الفكر يؤذينا
اختلاف الدين يؤذينا
فيكون كلامه عن عدم قبول الاختلاف كلام أسلاف ولا أذية من اختلاف مما قاله أصبح يعنينا.