العمل يعيد الثقة لهنديات معنفات حاولن الانتحار حرقاً

21 ديسمبر 2016
يقدمن على الانتحار هرباً من العنف(سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -



تنسى الهندية أسمى ندوبها العميقة التي تغطي وجهها وعنقها، أثناء خبزها الكعك في أحد المقاهي الفخمة في المدينة الساحلية تشيناي.

قبل أربع سنوات، أشعلت النار بجسدها، للتخلص من عنف وإهانات زوجها المتكررة. كانت تظن أنها بفعلها هذا ربما تخيفه وتجعله يتوقف عن تعنيفها.

هذا ما قالته المرأة الهندية لوكالة "تومسون رويترز"، وأضافت "كنت أظن أن الحروق ستكون طفيفة وتنتهي آثارها بالقليل من المرهم، ومن ثم أعود للعمل في كنس الشوارع والطرق في المدينة". لكنها لم تكن تدرك أن تلك النار ستلتهمها وأن حياتها ستتحول إلى جحيم لا يطاق، بحسب أسمى.

وأسمى، البالغة من العمر 29 عاماً، هي واحدة من سبع ضحايا للعنف المنزلي، عمل "مقهى الكتّاب" على توظيفهن ضمن مشروع تجريبي، لمساعدتهن على استعادة ثقتهن بالنفس وعلى تعلّم مهارات جديدة توفر لهن بعض الاستقلال المادي.

ويشار إلى أن الهند اعترفت بأن العنف المنزلي جريمة جنائية عام 1983، وعدّلت قانون العقوبات الذي بات يعتبر أن ممارسة القسوة من الزوج أو أسرته تجاه الزوجة جريمة.

وزادت الجرائم ضد النساء في الهند العام الماضي، وسّجلت بحقهن 327394 جريمة، صنفت 35 في المائة منها بأنها "قسوة من قبل الزوج أو الأقارب"، وفقا لمكتب سجلات الجريمة الوطنية.

إخفاء الكدمات والحفاظ على الهدوء سلوك تتبعه النساء عموما حيال العنف المنزلي في الهند وخاصة في الأرياف، فهن يتقبلن العنف على أنه جزء طبيعي من الحياة. لذلك، يصبح خيار الانتحار السبيل الوحيد أمام كثير من المعنفات، وأغلب الأساليب المتبعة شيوعاً الشنق أو تناول مواد سامة.




باريمالا جوبي، وعمرها 35 عاما، تعمل بدورها في "مقهى الكتّاب" ضمن المشروع التجريبي ذاته، وهي كذلك حاولت أن تحرق نفسها بعد سنوات من العنف المنزلي الدائم.

وقالت للوكالة "كنت أرى الرعب في عيون أطفالي عندما ينظرون إليّ، فنظراتهم تكسر روحي"، على حدّ قولها.

ويستقبل قسم الحروق في كلية "كيلبوك" في تشيناي ما يصل إلى 100 امرأة شهريا، حروقهن ناتجة عن إشعال الكيروسين أو الكحول، وأغلبها نتيجة الانتحار.

ويقول براسانا غيتو، من المؤسسة الدولية لمنع الجريمة ورعاية الضحايا: "إن من بين اللواتي يبقين على قيد الحياة بعد دخولهن المستشفى مَن يمتن بعد خروجهن، لأن المال المتوفر لهن لا يكفي لرعاية نظامهن الغذائي وحصولهن على الأدوية اللازمة، كما أنهن لا يلقين الاحتضان من أسرهن. هؤلاء النساء بحاجة للعمل".

ويدرب الخباز السويسري سيلك ستادلر، والطباخ كاران مانافالان، النساء على خبز الكعك في "مقهى الكتّاب" بهدف خلق بيئة عمل إيجابية، وعدم إطلاق الأحكام عليهن وفقا لمواقفهن وأفعالهن السابقة.

أما الرئيس التنفيذي للشركة المؤسسة للمقهى، أنيرودها سين، فيشير إلى خطة افتتاح مقاهي شبيهة في عام 2017، ويقول: "نريد لهن كسب الرزق الدائم من هذا المشروع".

ويتابع غيتو: "كانت الرحلة طويلة بالنسبة لهؤلاء النساء، وهن يقلن ببساطة نعم للعمل"، مشيراً إلى أنهن حاربن وصمة العار، وانعدام الأمان داخل جدران بيوتهن، ولدى خروجهن أيضاً، والعمل يساعدهن على تجاهل النظرات القاهرة".

أسماء ترى كيف أن الناس يتجنبون الجلوس بقربها في الحافلة أثناء تنقلها يومياً إلى العمل. وتقول: "خبز الكعك ينسيني كل شيء، أنسى الندوب وآثار الحروق على وجهي ويديّ، وأجد القليل من السعادة عندما أفكر بأنني أحصل على 147 دولاراً في الشهر".


(العربي الجديد)

دلالات
المساهمون