رغم تزايد الحصار المفروض عليها من الدول والسلطات النقدية حول العالم، شهدت العملات الرقمية المشفرة اليوم الإثنين انطلاقة قوية قياساً بالمستويات الهابطة التي هوت إليها الأسبوع الماضي.
وتعافت "بيتكوين" Bitcoin من مستوياتها الدُنيا، لتصعد في تعاملات اليوم متجاوزةً 8738 دولاراً، ومرتفعة ألف دولار عن تداولات الأحد، وفقاً لما أورده موقع "بيتفينيكس" Bitfinex، وذلك بعدما هوت العملة قياسياً دون 6 آلاف دولار الأسبوع الفائت.
وانسحب التحسّن على بقية العملات الرقمية، إذ ارتفع سعر إيثيريوم Ethereum أكثر من 3.5%، وريبل Ripple نحو 5% ولايت كوين Litecoin نحو 6%.
وعكست العملات الرقمية اتجاهها صعوداً، مع أن التداول بها يلقى مكافحة شرسة على كافة المستويات، مع تحذيرات متصاعدة من انفجار سوق العملات الافتراضية في أي لحظة.
جديد هذه التحذيرات جاء اليوم الإثنين من هيئة السوق المالية السعودية، التي أكدت أن الاستثمار والمضاربة والمشاركة في الطروحات الأولية للعملات الرقمية، ينطوي على مخاطر عالية، من بينها مخاطر خسارة رأس المال والاحتيال، ومخاطر سوقية مرتبطة بالتذبذب العالي في أسعار العملات الرقمية، والضبابية حول طريقة تقييمها، فضلاً عن صعوبة حماية المستثمرين لكونها خارج نطاق الرقابة داخل السعودية.
وأوردت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن التحذير يأتي بعد النظر إلى انتشار الدعوات والعروض الترويجية للاستثمار في العملات الرقمية وظهور مواقع على شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تُروّج لهذه العملات وتستهدف المواطنين السعوديين والمقيمين، فضلاً عن زيادة التذبذب فيها خلال الفترة الأخيرة.
وحسب تأكيدات هيئة السوق المالية السعودية فإن هذه الاستثمارات مرتبطة بمخاطر عديدة، أهمها تذبذب الأسعار بنسب كبيرة، ومخاطر الاحتيال وذلك لعدم خضوعها لجهات رقابية وإشراقية تعنى بحماية المستثمر، وتزعم كثير من هذه المواقع أنها جهات مرخصة للاستثمار والمضاربة في العملات الرقمية، وتقوم بتوقيع عقود وهمية وطلب تحويل أموال لجهات غير معروفة، كما أنها تنطوي على مخاطر تشغيلية ناتجة عن احتمالية الاختراق الإلكتروني.
وأشارت الهيئة السعودية إلى أنه بسبب محدودية المعلومات المتاحة للمستثمرين عن مثل هذه الاستثمارات وعدم خضوعها لإشراف الهيئة ورقابتها وصعوبة فهم مخاطر هذه الاستثمارات من قبل المستثمرين الأفراد، فإن المستثمرين قد يتعرضون لخسائر كبيرة في رأس المال، ولعمليات نصب واحتيال.
وسبق ذلك إعلان البنك المركزي القطري في 7 فبراير/شباط الجاري حظر التعامل بعملة "بيتكوين" بأي شكل من الأشكال، أو تبديلها بأي عملة أخرى داخل قطر، على ضوء التقلبات التي أصابت العملة الرقمية الأشهر عالمياً.
وجاءت الخطوة القطرية في سياق منطقي عالمي، إذ فرض عدد من البنوك العالمية الكبرى والبنوك المركزية قيودا مشددة على تداول العملات الرقمية، ما ساهم في إلحاق مزيد من الخسائر بها وأفقدها قسماً كبيراً من قيمتها السوقية.
"المركزي القطري" أوضح في تعميم للمؤسسات المالية أنه لا يجوز فتح حسابات للتعامل بها، أو إرسال أو استقبال أي حوالات مالية بغرض شراء أو بيع تلك العملة.
ويأتي الحظر القطري "حرصا على سلامة الجهاز المالي والمصرفي، بعد أن نشط أخيرا وفي مختلف دول العالم، التداول بالعملات الافتراضية، ومنها ما يسمى بيتكوين".
وأكد المركزي القطري أن "بيتكوين" عملة غير قانونية لعدم وجود أي التزام من جانب أي بنك مركزي أو حكومة في العالم لتبديل قيمتها مقابل نقود صادرة ومبرئة للذمة، أو مقابل سلع عالمية متداولة، أو مقابل الذهب.
وقبل الخطوة القطرية بيومين، أعلن بنك "لويدز" البريطاني حظر شراء بيتكوين باستخدام بطاقات الائتمان، كما حظرت البنوك الأميركية الكبرى استخدام بطاقات الائتمان لشراء عملة بيتكوين أو غيرها من العملات الرقمية، في خطوة تهدف للحد من المخاطر المالية والقانونية، خاصة عقب تهاوي العملة الرقمية.
كما بدأ "بنك أوف أميركا" بتفعيل حظر مشتريات العملات الرقمية، قبل مدة، كما أقدم مصرف "جي بي مورغان تشيس" على الإجراء ذاته.
كما سبق أن أعلن "سيتي غروب" أنه سيوقف شراء العملات الرقمية باستخدام بطاقات الائتمان، وهو النهج ذاته الذي سار عليه مصرفا "كابيتال وان" و"ديسكوفر"، ما يعني أن خمس مؤسسات مصرفية رئيسية لإصدار بطاقات الائتمان في أميركا أعلنت أو فرضت بالفعل حظرا على هذه المشتريات.
ويناقش وزراء مالية مجموعة العشرين في اجتماعهم المقبل في مارس/آذار المقبل العملات الرقمية، وفقا لمحافظ بنك إنكلترا المركزي مارك كارني.
وحظر موقع فيسبوك كل دعايات العملات الرقمية في محاولة للتصدي لمحاولات الاحتيال، حيث سرق قراصنة 530 مليون دولار من العملات الافتراضية من مكتب "كوين تشك" للصيرفة الأسبوع الماضي، ما أدى إلى انهيار الأسعار وأظهر مدى هشاشة وتقلب هذه العملات.
وتأتي التقلبات الحادة في قيمة عملة "بيتكوين" وأخواتها العملات الرقمية المشفرة، لتثبت صحة التحذيرات من التداول بها، ومنها التحذير الذي أطلقه قبل نحو 3 أسابيع الخبير الاقتصادي الأميركي الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، البروفسور روبرت شيلر، من الانهيار الكامل لعملة بيتكوين.
شيلر أكد أن هذه العملة لو استمرت 100 عام، ستبقى معرضة للانهيار في نهاية المطاف لأنها غير موثوقة كبقية العملات أو الذهب، ولا يمكن الاستفادة منها عملياً، ولن يكون لها أي قيمة ما لم يتم الإجماع الدولي عليها.
(العربي الجديد)