العمرة في الجزائر... مصالحة واعتذار وتوديع المعتمر في المطار بالزغاريد والدموع

30 مايو 2017
مرافقة المعتمرين تزيد من الازدحام (العربي الجديد)
+ الخط -
طقوس وعادات وتقاليد كثيرة في الجزائر يتوافق أو يختلف الجزائريون بشأنها، إلا أن إحداها وهي "احتفالية العمرة" تحظى بموافقة الجميع. ومن طقوسها مرافقة المغادر نحو البقاع المقدسة ليس إلى باب المطار فقط، بل إلى قاعة المغادرة، تتخللها الزغاريد التي تطلقها النساء، تعبيراً عن الفرح بذهاب عزيز عليهم إلى مكة المكرمة.

من يدخل إلى مطار الجزائر الدولي أثناء مغادرة أحدهم إلى العمرة يرى الاكتظاظ الكبير من مدخله وحتى بوابات الدخول. وقال أحدهم بنبرة حادة وبغضب شديد لـ"العربي الجديد" عند السؤال عن أسباب الازدحام: "واحد يذهب للعمرة و20 شخصاً يودعوه".

الازدحام الذي صادفه، أصابه بالقلق، خوفاً من أن يؤخره عن موعد طائرته نحو فرنسا. وأضاف متعجباً: "كيف لعائلة كاملة أن تأتي لتوديع شخص متجه إلى بيت الله الحرام؟ كامل العائلة، يعني أبناءه وزوجات أبنائه وأحفاده، وكلهم يدخلون من نفس البوابة بسياراتهم، ثم إلى بوابات المسافرين، أليس هذا ظلماً في حق كل مسافر قد يتعطل أمامه الدخول؟ أليس من العدل أن يودعوه عند باب المطار وانتهى الأمر".

نقاش هذا الرجل الستيني الذي قضى حياته في التنقل والترحال، ألهب الحديث، خصوصاً وأن كثيرين مروا بالتجربة ذاتها. وعزز بعضهم لغة الاستهجان من تلك التصرفات، إذ أكد أحدهم لـ"العربي الجديد" أن "رجال أمن المطر أيضاً لديهم مشكلة في التنظيم، يتركون الجميع يمرون بسياراتهم، ما يسبب ضغطاً كبيراً عند المدخل الرئيسي ويعطل المسافرين".

ولفت إلى أن الاكتظاظ لا يقتصر على بوابة الدخول الرئيسية بل البوابات الأخرى، التي تخضع كل داخل منها للتفتيش الذي يستغرق وقتاً طويلاً بسبب كثافة الحضور، مع العلم أن أغلبهم من مودعي الأشخاص المغادرين لتأدية مناسك العمرة".







كثيرون لديهم رأي مخالف، فالمشاهد تلك في بهو مطار الجزائر "هواري بومدين الدولي" أصبحت من العادات المنتشرة في المجتمع الجزائري، وتخلق طقوسها أجواء من السعادة لدى العائلات، وتعتبر جزءاً من الاحتفالات الخاصة بـ"العمرة والحج" أيضاً.

أحد المؤيدين لتلك العادة يقول: "الجزائريون يحتاجون إلى لحظة فرح، والعمرة مناسبة للفرح، وهناك عائلات فرقتها المشاكل والأحقاد والضغائن، لكن تجمعها فرحة ذهاب أحد الأقارب لبيت الله الحرام، خصوصاً إن كان المعتمر رب العائلة أي كبيرها، أو كانا الوالدين (الجد والجدة) فالعائلة كلها تجتمع في هكذا مناسبة".

واعتبر أحد الحاضرين في المطار أن "مثل هذه التصرفات لا تمت للدين ولا للشرع بصلة، فالفرحة هي يوم عودة الشخص من البقاع المقدسة وليس يوم ذهابه".

العائلات الجزائرية تحوّل مناسبة الذهاب للعمرة، خصوصاً في شهر رمضان، إلى احتفالية كبرى توجه الدعوات للأقارب والأهل والجيران. طقوس يتفق عليها كثيرون فيودعون من ينوي زيارة بيت الله الحرام بتحضير أشهى المأكولات، خصوصاً طبق "الكسكسي" باللحم أو الدجاج، فضلاً عن الذبائح التي تفرق على الجيران والمسجد لإطعام الفقراء. في حين تجتمع العائلة على العشاء ليلة الذهاب للعمرة، ويقدم المعني اعتذاراته للجميع، ويقدم نصائح لأولاده، ويضفي جواً من التسامح والتضامن بين أفراد عائلته، داعياً لهم بالخير والبركة.

بعض المغادرين للعمرة يكتبون وصيتهم قبل الذهاب، على اعتبار أن زيارة بيت الله الحرام بعد سنوات الجد والشقاء، ويمكن للمعتمر ألا يعود منها.

للذاهب إلى البقاع المقدسة منزلة رفيعة خصوصاً إن كان كبيراً في السن. ويفكر الجزائري غالباً في الذهاب إلى البقاع المقدسة بعد أن "يؤدي أمانته" حسب تصريح محمد طرشي لـ"العربي الجديد"، أي بعد أن يزوج أبناءه ويجمع المال، لذلك يخرج من بيته بالزغاريد والدموع.


دلالات