العلاّمة "فيسبوك"... محرك تظاهرات البصريين

14 سبتمبر 2018
انطلقت تظاهرات البصرة قبل شهرين (Getty)
+ الخط -
يستخدم الناشطون في مدينة البصرة الواقعة على مياه الخليج العربي، جنوبي العراق، منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بالخدمات وتحسين المعيشة مطلع تموز/ يونيو الماضي موقع "فيسبوك" ويعتبرونه محرك التظاهرات الوحيد بينهم وبات له أسماء عدة بينها "الشيخ فيس" و"سماحة العلاّمة الفيس" على سبيل التعبير عن أهميته في تحديد مكان وزمان التظاهرات والشعارات التي سترفع فيها.
وبسبب الملاحقات الأمنية لصفحاتهم أصبح الناشطون ينشئون مجموعات مغلقة على الموقع للحفاظ على شيء من سرية نقاشاتهم ومنع تسلل المخبرين الحكوميين بينهم منعاً لاعتقالات أو ملاحقات حكومية، كما يقول الناشط حيدر البصري (37 عاماً) موضحاً أنّ "فيسبوك أصبح المحرك الرئيسي لتظاهراتنا عبر تنسيق المواعيد الخاصة بها مع بعضنا البعض كناشطين خاصة أننا لا نستطيع التنسيق عبر الهواتف فالاتصالات مراقبة".
ويبين البصري في حديث لـ"العربي الجديد" أنّه "رغم ذلك توجد ملاحقات أمنية على فيسبوك ولكن لجأنا إلى إنشاء مجموعات مغلقة لا نضيف فيها إلا الناشطين الثقات الذين نعرفهم حق المعرفة لنتمكن من تنسيق زمان ومكان التظاهرة التي ننوي القيام بها للتخلص من المخبرين".
وأكد أن صور وأحداث البصرة نقلت عبر فيسبوك ووكالات إعلام عالمية اعتمدت على ما ننشره من معلومات بعد انقطاع اتصالها بمراسليها خلال تفجر الاحتجاجات.
لكن ناشطين آخرين ينشئون صفحات شخصية بأسماء وهمية لدعم التظاهرات في البصرة عبر نشر المقاطع التسجيلية وما يجري للمتظاهرين خلال الاحتجاجات. ويقول الناشط صادق الفريجي إنّ "فيسبوك ساهم كثيراً في دعم تظاهرات البصرة مؤخراً خاصة أنّه أوسع انتشاراً في العراق من تويتر والمواقع الأخرى وبسبب الملاحقات الحكومية أمامنا خياران فقط الأول إنشاء مجموعة مغلقة وسرية للناشطين، والثاني إنشاء صفحات شخصية أو عامة ولكن بأسماء وهمية".
ويتابع الفريجي "هذه الاحتياطات للأمان حتى لا نتعرض لملاحقات أمنية ورغم ذلك تتعرض حساباتنا لهجمات إلكترونية من مواقع تابعة لجهات حكومية أو حزبية وقد نجحنا كثيراً عبر فيسبوك في تنسيق تظاهراتنا بشكل دقيق جداً".
وبرزت خلال تظاهرات البصرة الأخيرة صفحات عامة عديدة كان أبرزها صفحتا "حرام مولاي" و"ثورة العشرين الثانية" لدعم الاحتجاجات ونشر أخبارها على مدار الساعة يشرف عليها ناشطون إعلاميون. وبحسب المراقبين، تمكّنت تلك الصفحات من كسر قيود التعتيم الحكومي على ما يجري في المدينة، لذلك أخذت عنها العديد من وسائل الإعلام أخباراً ومقاطع تسجيلية كانت تُنشر لحظة بلحظة من موقع الحدث.
ولم يقتصر استخدام "فيسبوك" على تنسيق التظاهرات على مدينة البصرة جنوب البلاد. فمنذ انطلاق الاحتجاجات غرب ووسط وشمال العراق مطلع عام 2013 كان فيسبوك الموقع الرئيسي للناشطين الداعين للاحتجاجات ضد سياسات الحكومة.
ويقول خبراء إنّ فيسبوك يوفر مساحة شاسعة من التواصل مع مختلف شرائح المجتمع بمختلف ثقافاتهم ويوفر بعض مساحات الأمان لهم بعيداً عن الرقابة الحكومية. ويُبيّن خبير الأمن المعلوماتي فاضل الزبيدي أنّ "الناشطين يعلمون بمراقبة الحكومة لأرقام هواتفهم في حال تواصلهم مع بعضهم عبر الاتصالات الهاتفية العادية ولا يثقون كثيراً ببرامج فايبر وواتساب مثلاً أو برامج الاتصال الأخرى لذلك يلجؤون إلى موقع فيسبوك".
ويضيف الزبيدي لـ"العربي الجديد": "يستخدم الناشطون إلى جانب المجموعات السرية والمغلقة والأسماء الوهمية لنشر ما يصفونه بالقمع الحكومي برامج أخرى لتأمين أنفسهم كبرامج تغيير الموقع الجغرافي وتشفير المحادثات وفك حظر فيسبوك كوسائل إضافية للأمان والتواصل".
وتمكن الناشطون من إيصال مظاهراتهم إلى وسائل الإعلام العالمية عبر فيسبوك، فأخذت فضائيات كثيرة وصحف ووكالات الأنباء عنهم مقاطع تسجيلية للتظاهرات في البصرة، في وقت تشهد فيه البلاد تعتيماً إعلامياً مشدداً ورقابة غير مسبوقة على المؤسسات الإعلامية المحلية.
ويلجأ معظم الناشطين والكتاب والإعلاميين المعارضين للسياسات الحكومية في العراق إلى مجموعات سرية ومغلقة أو صفحات بأسماء مستعارة لنشر آرائهم وما بحوزتهم من وثائق وتسجيلات مصورة لما يصفونه بالقمع الحكومي ضد المتظاهرين.
وانطلقت في مدينة البصرة 450 كلم جنوب العاصمة بغداد تظاهرات عارمة قبل نحو شهرين احتجاجاً على تردي الخدمات العامة كالماء والكهرباء، فضلاً عن انتشار البطالة وارتفاع نسبة الفقر بين السكان. وأسفرت التظاهرات التي اجتاحت مدينة البصرة عن إحراق العديد من المؤسسات والدوائر الحكومية كان منها مبنيَا المحافظة ومجلس المحافظة وآخرها إحراق القنصلية الإيرانية في المدينة.
دلالات
المساهمون