27 سبتمبر 2018
العلاقات الروسية الخليجية وسورية
نلمس تطوراً متسارعاً في العلاقات الخليجية الروسية، يبدو متناقضاً مع اختلاف المواقف في الموضوع السوري، وأهمية هذا الموضوع لكلا الطرفين. فقد جرى عقد اتفاقات اقتصادية كثيرة، وعلى صعيد السلاح، وتحققت زيارات كثيرة إلى موسكو من مسؤولين خليجيين، ليبدو أن لا مشكلات تعترض تطوير العلاقة بين الطرفين، على الرغم من إظهار الاختلاف حول "مصير الأسد" في سورية. وعلى الرغم من تمسك السعودية بعدم تخفيض إنتاج النفط من أجل وقف تدهور سعره، ومن ثم تحسين وضعه، وهو الأمر الذي يضرّ روسيا بشكل كبير، كونها تعتمد على تصدير النفط والغاز في ميزانيتها.
لا شك في أن تخوّف دول الخليج، وخصوصاً السعودية، من إمكانية التقارب الأميركي الإيراني، بعد توقيع الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، يدفعها إلى البحث عن تحالفاتٍ توازن ما يجري، وربما تسمح بكبح الميل الأميركي لتفضيل التحالف مع إيران. ولهذا، تميل إلى تطوير العلاقة مع روسيا التي تبدو أنها في تقابل مع أميركا، وتحاول تنويع علاقاتها، بما يسمح لها ضمان مصالحها في وضع عالمي يبدو في غاية السيولة. ذلك كله على الرغم من العلاقة الوثيقة التي تحكم العلاقة بين روسيا وإيران، حيث ربما تراهن هذه الدول على أن التقارب الأميركي الإيراني سوف يفتح على فك العلاقة بين روسيا وإيران، لتحتمي هي بهذه العلاقة مع روسيا.
هذا أساس يمكن أن يفسّر ميل السعودية، ودول الخليج العربي، إلى تطوير العلاقة مع روسيا، وإلى التمسك بهذه العلاقة. وهو ما يفيد روسيا من خلال الصفقات الاقتصادية (السلاح وغيره) التي وقعت، أو يمكن أن توقع. ولا شك في أن تراجع وضع أميركا العالمي، ونقل أولويتها إلى آسيا والمحيط الهادي، سمح بأن تبحث السعودية، خصوصاً عن "تحالفات" أخرى مقابل الميل الأميركي للتحالف مع إيران (رغم المشكلات التي لا زالت قائمة، وتُظهر أحياناً أن الصراع لا زال السمة التي تحكم العلاقة بينهما) في وضع عالمي يتسم بالسيولة وعدم الاستقرار. على الرغم من أن هذه السياسة تبقى محكومة بالتحكم الأميركي بمداخيل النفط الخليجي، وبوجود قواعد عسكرية أميركية في الخليج.
وأتى التدخل الروسي في سورية في أجواء العلاقات "المتطورة" مع دول الخليج، ويبدو أن ذلك جعل ردود الفعل عليه تميل إلى الإيجابية، لأنه كما رأت يفرض إبعاد السيطرة الإيرانية على النظام، فقد باتت مشكلة هذه الدول، منذ بداية سنة 2013، مع النظام، هي هذه السيطرة الإيرانية تحديداً. وخصوصاً بعد توسع السيطرة الإيرانية من بغداد وبيروت إلى دمشق وصنعاء، حيث أصبح الصراع إقليمياً، وباتت مواجهة السيطرة الإيرانية أولوية. لهذا، تجري الدعوة إلى خروج القوات الإيرانية وقوات حزب الله والمليشيات العراقية فقط من سورية. وبالتالي، لا يجري التطرق للاحتلال الروسي الذي بات أخطر من الوجود الإيراني الذي كان في نزاعه الأخير، حين تدخل الروس بطيرانهم وقواتهم، ووحشيتهم. ويجري الإصرار على خروج القوات التي أرسلتها إيران فقط.
لكن، ماذا يفيد الشعب السوري إبعاد إيران إذا كانت روسيا تدمر سورية، عبر اتباع سياسة الأرض المحروقة، وتعمل على بقاء بشار الأسد حاكماً، وفي هذا السياق، تعمل على سحق الثورة؟ وإذا كانت دول الخليج تصرّ على رحيل الأسد، فكيف يمكن لها أن توفّق بين الموافقة على الدور الروسي في سورية الذي يصرّ على بقاء الأسد ومنظورها هذا؟ هل ستقنع روسيا، أخيراً، بضرورة رحيل الأسد؟
تعتبر روسيا أن سورية لها، وأنها وحدها المعنية بمصير النظام فيها، ولا تريد تدخل أحد. لهذا تفصل بين علاقاتها الخليجية ودورها السوري، وتعتقد أنها قادرة على فرض هذا الأمر أمراً واقعاً. بالتالي، إذا كانت سورية تعني تلك البلدان لا يفيد تطوير العلاقات و"الحج" المستمر إلى موسكو، بل يحتاج الأمر إلى موقف جدي، لكن المصالح هي التي تحكم، وليس مصائر الشعوب.
لا شك في أن تخوّف دول الخليج، وخصوصاً السعودية، من إمكانية التقارب الأميركي الإيراني، بعد توقيع الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، يدفعها إلى البحث عن تحالفاتٍ توازن ما يجري، وربما تسمح بكبح الميل الأميركي لتفضيل التحالف مع إيران. ولهذا، تميل إلى تطوير العلاقة مع روسيا التي تبدو أنها في تقابل مع أميركا، وتحاول تنويع علاقاتها، بما يسمح لها ضمان مصالحها في وضع عالمي يبدو في غاية السيولة. ذلك كله على الرغم من العلاقة الوثيقة التي تحكم العلاقة بين روسيا وإيران، حيث ربما تراهن هذه الدول على أن التقارب الأميركي الإيراني سوف يفتح على فك العلاقة بين روسيا وإيران، لتحتمي هي بهذه العلاقة مع روسيا.
هذا أساس يمكن أن يفسّر ميل السعودية، ودول الخليج العربي، إلى تطوير العلاقة مع روسيا، وإلى التمسك بهذه العلاقة. وهو ما يفيد روسيا من خلال الصفقات الاقتصادية (السلاح وغيره) التي وقعت، أو يمكن أن توقع. ولا شك في أن تراجع وضع أميركا العالمي، ونقل أولويتها إلى آسيا والمحيط الهادي، سمح بأن تبحث السعودية، خصوصاً عن "تحالفات" أخرى مقابل الميل الأميركي للتحالف مع إيران (رغم المشكلات التي لا زالت قائمة، وتُظهر أحياناً أن الصراع لا زال السمة التي تحكم العلاقة بينهما) في وضع عالمي يتسم بالسيولة وعدم الاستقرار. على الرغم من أن هذه السياسة تبقى محكومة بالتحكم الأميركي بمداخيل النفط الخليجي، وبوجود قواعد عسكرية أميركية في الخليج.
وأتى التدخل الروسي في سورية في أجواء العلاقات "المتطورة" مع دول الخليج، ويبدو أن ذلك جعل ردود الفعل عليه تميل إلى الإيجابية، لأنه كما رأت يفرض إبعاد السيطرة الإيرانية على النظام، فقد باتت مشكلة هذه الدول، منذ بداية سنة 2013، مع النظام، هي هذه السيطرة الإيرانية تحديداً. وخصوصاً بعد توسع السيطرة الإيرانية من بغداد وبيروت إلى دمشق وصنعاء، حيث أصبح الصراع إقليمياً، وباتت مواجهة السيطرة الإيرانية أولوية. لهذا، تجري الدعوة إلى خروج القوات الإيرانية وقوات حزب الله والمليشيات العراقية فقط من سورية. وبالتالي، لا يجري التطرق للاحتلال الروسي الذي بات أخطر من الوجود الإيراني الذي كان في نزاعه الأخير، حين تدخل الروس بطيرانهم وقواتهم، ووحشيتهم. ويجري الإصرار على خروج القوات التي أرسلتها إيران فقط.
لكن، ماذا يفيد الشعب السوري إبعاد إيران إذا كانت روسيا تدمر سورية، عبر اتباع سياسة الأرض المحروقة، وتعمل على بقاء بشار الأسد حاكماً، وفي هذا السياق، تعمل على سحق الثورة؟ وإذا كانت دول الخليج تصرّ على رحيل الأسد، فكيف يمكن لها أن توفّق بين الموافقة على الدور الروسي في سورية الذي يصرّ على بقاء الأسد ومنظورها هذا؟ هل ستقنع روسيا، أخيراً، بضرورة رحيل الأسد؟
تعتبر روسيا أن سورية لها، وأنها وحدها المعنية بمصير النظام فيها، ولا تريد تدخل أحد. لهذا تفصل بين علاقاتها الخليجية ودورها السوري، وتعتقد أنها قادرة على فرض هذا الأمر أمراً واقعاً. بالتالي، إذا كانت سورية تعني تلك البلدان لا يفيد تطوير العلاقات و"الحج" المستمر إلى موسكو، بل يحتاج الأمر إلى موقف جدي، لكن المصالح هي التي تحكم، وليس مصائر الشعوب.