نشرت مجلة "بلومبرغ بيزنس ويك" الأميركية اليوم الأربعاء تقريراً مفصلاً حول تكيّف الاقتصاد القطري بعد 100 يوم من الحصار االذي تفرضه كل من الإمارات والسعودية والبحرين ومصر على الدوحة.
وأشارت المجلة إلى أن افتتاح ميناء حمد الدولي في 5 أيلول/ سبتمبر الماضي، والذي استغرق بناؤه 10 سنوات وكلف 7.4 مليارات دولار، يفوق الميناء القديم حجماً بـ14 مرة ويهدف بشكل رئيسي إلى منافسة ميناء جبل علي في دبي.
ولفتت المجلة الأميركية إلى الأجواء الاحتفالية المدهشة التي سادت الافتتاح، والذي رأت في توقيته رسالة تحدٍّ لخصوم قطر. فقد أعلن وزير النقل والمواصلات القطري جاسم بن سيف السليطي أمام مسؤولين إيرانيين وكويتيين وعمانيين، بالإضافة لدبلوماسيين غربيين ورجال أعمال أجانب، "نحن لا ننتظر هدوء البحر، بل نتعلم الإبحار في قلب العاصفة".
تأثير على البيئة الاستثمارية
ورأت "بلومبيرغ بيزنس ويك" أن الشرخ الدبلوماسي يبدو بعد 100 يوم من إعلان
"المقاطعة" أنه سيبقى، مما سيجبر المديرين التنفيذيين والمصرفيين والمستثمرين، فضلاً عن صناع القرار الأجانب، على إعادة النظر في مقارباتهم لمنطقة الخليج، والتي كانت من أكثر أجزاء العالم تماسكاً واستقراراً.
وبحسب تعبير المجلة فإن على جميع الشركاء الاقتصاديين الاختيار الآن، وكلما طال أمد التوتر سيكون الاختيار أصعب، في حين ستتكفل أية خطوة في الاتجاه الخاطئ بإثارة عداء أحد طرفي المواجهة.
ونقلت المجلة الأميركية عن جاسم السعدون، رئيس شركة الشال للاستشارات الاقتصادية في الكويت، أن الدول الخليجية ستبدأ شراء الدعم السياسي من الشركات متعددة الجنسيات والدول من خلال إقامة العلاقات الاقتصادية معها، حتى حين لا تكون هذه العلاقات في مصلحتها.
وبالإضافة لمئات ملايين الدولارات التي سيكلفها الشرخ الدبلوماسي الحالي خلال العقود المقبلة، بحسب ما أضافت المجلة، يبدو أن هذا الشرخ هو بداية نهاية مجلس التعاون الخليجي عملياً، وفق تعبيرها، حيث قال فاروق سوسا، كبير الاقتصاديين لدى مجموعة سيتي بنك في الشرق الأوسط، أن الروابط التجارية والمالية بين دول الخليج ضعفت بشدة ومن غير المرجح أن يتم تنشيطها حتى لو انتهى الخلاف السياسي.
تغييرات مستقبلية
والكثير من الشركات الكبرى يقوم بأعمال واسعة في عدة دول من الخليج، بحسب المجلة،
فشركة لارسين & توبرو الهندية تتولى تشييد ملعب كرة قدم في قطر ومشاريع بنية تحتية واسعة في الإمارات والسعودية، فيما تتولى شركة بويغيس سا الفرنسية تمديد شبكات صرف صحي في قطر وتشييد فندق ريتز كارلتون في دبي.
أما شركة ميتسوبيشي اليابانية للصناعات الثقيلة فقد تولت توريد مبردات كبيرة لتبريد المياه في المدينة المنورة، فيما تشارك مع عدة شركات أخرى في بناء نظام مترو الدوحة. ونقلت المجلة عن المتحدث الرسمي باسم الشركة اليابانية، شيمون ايكيا، أنه لا توجد مشاكل فى الوقت الحالي، وأن القطيعة الدبلوماسية بين قطر والسعودية لن تؤثر على أعمالها العالمية.
وقالت المجلة إن مصرفيين فضلوا عدم الكشف عن هويتهم أكدوا أن عدداً من البنوك الأجنبية التي تخدم عملاء قطريين من دبي تتطلع لإقامة مكاتب في الدوحة والتعامل مع عملائها العمانيين والكويتيين من هناك، وبعضها يرسل موظفين من مكاتب لندن ونيويورك وهونغ كونغ للقاء العملاء القطريين.
وأضافت مصادر المجلة أن البنوك القطرية تقوم بتتبع الشركاء الأجانب الذين حافظوا على أعمالهم معها وأولئك الذين غيروا في شروط الائتمان، حيث يسعى البنك المركزي لوضع قائمة بالجهات التي يمكن لقطر التعامل معها في الأعمال المستقبلية.
وأشارت المجلة إلى الجهود الاقتصادية التي تبذلها قطر منذ سنوات للتحول إلى بؤرة عالمية نشطة، حيث أنفقت ثرواتها الطائلة في شراء حصص في البنوك العالمية مثل بنك باركليز البريطاني ودويتشه الألماني، بالإضافة لمصنع سيارات فولكس فاغن ونادي باريس سان جيرمان الفرنسي لكرة القدم.
بدائل وطرق جديدة
كذلك نقلت المجلة الأميركية عن غاريت والش، الرئيس التنفيذي لشركة ميزان القابضة، والتي تتخذ من الكويت مقراً لها وتقدم خدمات التموين والماء والوجبات الخفيفة لقطر، أن البداية كانت "تحدياً لوجستياً، لكننا استطعنا العثور على طرق بديلة والآن عادت خطوط الإمداد عندنا إلى وضعها الطبيعي".
من جهتها زادت عُمان وإيران وتركيا حجم التبادل التجاري البحري والجوي لمساعدة قطر على تدارك النقص في الغذاء والإمدادات الأساسية خلال الأسابيع الأولى من المقاطعة، وقد ارتفعت التجارة بين عُمان وقطر بنسبة 2000% خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ونقلت المجلة عن مواطنين قطريين قولهم إنهم بدأوا يعتادون على الوضع، "فلا بد للأعمال أن تعود إلى سابق عهدها بمجرد العثور على طرق جديدة وأصدقاء جدد".
(العربي الجديد)