العرس الجماعي... ألف ليلة وليلة أسدية

09 ديسمبر 2017
أقيم الحفل في "مدينة الأسد الرياضية" باللاذقية (فيسبوك)
+ الخط -
إن أسوأ ما يخيم على المشهد السوري في الواقع الحالي هو الطابع العسكري الذي تكتسي به كل جوانب الحياة في الداخل السوري، فاليوم باتت الأسواق تعج بالشباب الذين يرتدون الزي العسكري، ويرتاد المقاهي الجنود بعتادهم الكامل، وتزدحم شاشات التلفزيون السوري بالشخصيات العسكرية بمناسبة أو دون مناسبة. وحتى حفلات الأعراس والمآتم، فإنها لا تخلو بطبيعة الحال من الحضور العسكري. ولكن الأسوأ من ذلك هو الطريقة الممنهجة التي بات النظام السوري يتبعها في تكريس الطابع العسكري عبر إعلامه، واستخدامه لتزيين كل مناسبة عابرة أو مفتعلة، ويتضح ذلك بشكل جلي في العرس الجماعي الذي نظمته شركة الاتصالات السورية شبه الحكومية "سريتل"، ومؤسسة "أمانة الشهيد"، تحت عنوان "عالحلوة والمرة"، وهي الشكل الأكثر بؤساً عن عسكرة المجتمع السوري ونشر إيديولوجيا النظام السوري في المجتمع.

فساتين ملوّنة بألوان العلم السوري
أقيم الحفل في الصالة المغلقة بـ"مدينة الأسد الرياضية" في مدينة اللاذقية. استهدفت الفعالية المجندين السوريين الذين لايزالون يخدمون في جيش الأسد في الوقت الحالي، أو الذين توقفوا عن الخدمة العسكرية بسب إصابة أدت إلى بتر أو شلل. وشارك في الفعالية 1460 شابا وشابة، وظهر جميع المشاركين الذكور ببدلاتهم العسكرية، التي ارتدوها بملء إرادتهم، بحسب ما رصدت وسائل إعلام النظام السوري. إذ أكدت الرواية الرسميّة للنظام أن الجنود أصروا على ارتدائها "تعبيراً منهم عن مدى ولائهم، والتزامهم لواجبهم الوطني، الذي لن يشغلهم عنه أي شاغل حتى ليلة فرحهم"! وأما الفتيات، فظهرن بفستان أبيض تقليدي، كسر النمطية فيه وشاح ملون بألوان العلم السوري، وبعضهن ارتدين فستاناً ملوناً بألوان العلم السوري بشكل كامل، ليكتمل على حسب تعبيرهن "العرس الوطني".

نشيد عسكري بدلاً من "زفة عرس"
وتماشياً مع الصورة، استبدلت أغاني الزفة التقليدية، المخصصة لاستقبال العرسان بالنشيد السوري، فرقص العرسان على أنغامه رقصة "السلو" الرومانسية. وتلى حفل الزفاف أوبريت وطنية بعنوان "عرس النصر"، شارك فيه عدد كبير من الفنانين السوريين، الذين يستغلون أي مناسبة للتعبير عن ولائهم، بالإضافة لبعض النجوم العرب الذين أبدوا ولاءهم المطلق لبشار الأسد، وآخرهم علاء زلزلي، إذ إنّ ذلك يشكل فرصة لهؤلاء الفنانين من أجل الارتزاق والتقرّب من النظام.

عرس بطقس حربي
وصرح منظمو الحفل: "الحفل دلالة على انتصار سورية النهائي على الإرهاب، لذلك ركز على أن يكون هذا النصر أسطوريا، فاستوحي الحفل من حكايات ألف ليلة وليلة". إلا أنه تم استبدال بطل الحكاية شهريار بمجند سوري بعتاده الكامل واستبدلت شهرزاد بفتاة ترتدي العلم السوري. وبالفعل بدا الحفل كحالة طقسية، وكأنه طقس حربي، كان يمارسه الجنود في الأزمنة الغابرة، عندما كانت تجمع النساء للجنود المحاربين في ليلة خمر وسكر، وتمارس النساء فيه دورهن التحفيزي الجنسي لإشباع رغبات المحاربين قبل ليلة من وضعهم في ساحات المعارك وتركهم للمصير المجهول. وذلك هو حال جنود الأسد، الذين لن ينعموا بإجازة لشهر العسل، وإنما سيعودون إلى مواقعهم بعد ساعات فقط. وبالطبع، لم يخلُ الحفل من التباكي على الجنود المعطوبين، والذين وسمهم النظام بـ"المحاربين القدامى"، ولم ينسَ دورهم. وجدير بالذكر، أن قانون التجنيد في سورية يمنع المكلفين بالخدمة العسكرية من الزواج، دون الحصول على إذن أو تصريح بذلك، ولا تعطى هذه التصريحات، إلا إذا قدم المكلف دليلاً على أن الزوجة حملت منه.




دلالات
المساهمون