مبادرة وزير التربية في مقاطعة سارلاند الألمانية خلال الأسبوع الماضي بإدخال العربية ضمن المناهج التعليمية بدأت تثير جدلاً في مجمل ألمانيا، يظهر ذلك من خلال تحوّل المسألة إلى موضوع في البرامج الحوارية التلفزيونية، وصولاً إلى ظهوره في رسوم كاريكاتيرية مثل ذلك الذي يضع في قلب العلم الألماني نجمة وهلالاً على شاكلة العلمين التونسي والجزائري.
بالنسبة للوزير أولريش كوميرسون فإن المسألة لا تعدو أن تكون انتباهاً إلى مؤشرات ديمغرافية حيث أوضح في تصريحات صحافية أن موجة الهجرة التي حدثت في السنوات القليلة الماضية باتجاه ألمانيا أنتجت واقعاً جديداً يتمثّل في وجود شريحة موسّعة من الأطفال في سن التمدرس من أصول عربية، وأن من واجب النظام المدرسي توفير فرص تطوير هذه اللغة التي اكتسبوها من الأسرة.
وحسب إحصائيات رسمية، فإنه يوجد اليوم في مدراس مقاطعة سارلاند (مليون نسمة) قرابة 7500 تلميذاً أتوا ضمن موجة الهجرة الأخيرة من سورية بالخصوص. ويُذكر هنا أن مبدأ إدخال لغة إلى المناهج التعليمية قد حظيت به من قبل لغات أخرى مثل الروسية والتركية لنفس السبب وهو توفّر فئة كبيرة من المهاجرين أتى من هذه البلدان.
ليست سارلاند حالة منعزلة في ألمانيا، فقد سبقتها مقاطعة ساكسونيا منذ أشهر حين طرح أحد وزرائها نفس الفكرة، وجرت مناقشتها في برلمان المقاطعة، غير أن انتخابات محلية أجهضت المشروع، إذ تتبنّى كتلة يسارية فكرة إدخال العربية، فيما يقف اليمينيون ضدّها.
لكن، وبشكل عام، يبدو أن التغيّرات التي شهدتها ألمانيا بسبب موجات الهجرة ستجد في الأخير تعبيراتها في إجراءات عديدة من بينها إقرار العربية في المناهج، وهو مسار حدث ما يشبهه في فرنسا، وما السجالات التي تظهر هذه الأيام سوى مخاض طبيعي. المشكل أن أحداثاً جانبية قد تؤثّر في قرارات كهذه، حيث تزامن هذا السجال في ألمانيا مع العلميات الإرهابية الأخيرة التي هزّت أوروبا من إسبانيا إلى فنلندا، والتي لن يتوانى اليمينيون في توظيفها ضدّ مناصري إدخال العربية إلى مدارس ألمانيا.