العراق: 582 حكم إعدام في مدينة واحدة في 2015

24 يونيو 2015
غياب معايير العدالة عن المحاكمات
+ الخط -


أعلن مركز بغداد لحقوق الإنسان الأربعاء، عن إصدار القضاء العراقي "582" حكماً قضائياً بالإعدام في مدينة واحدة جنوب العراق، بحق مدنيين مدانين بأعمال تصفها الحكومة بـ"الإرهابية".

واعتبر المركز في بيان تلقّى "العربي الجديد" نسخة منه، القرارات التي أصدرتها محكمة جنايات ذي قار (الناصرية)، مجزرة حقيقية، ويؤكد البيان عدم نزاهة واستقلالية القضاء، في تلك الإحكام التي صدرت بحق المتهمين "السنة الذين نُقلوا الى سجن الناصرية المركزي، والمتهمين وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، في قضايا لم تتوفر فيها الأدلة القانونية الكافية، واستناداً إلى اعترافات انتزعت تحت التعذيب ووشايات المخبرين السريين"، بحسب بيان المركز.

وأشار البيان إلى أن عدد أحكام الإعدام التي أصدرتها محكمة جنايات ذي قار منذ بداية عام 2015، إلى منتصف يونيو/حزيران الجاري، بلغت 582 حكماً بالإعدام، ضد مُعتقلين من (العراقيين السُنة) وعدد من (المعتقلين العرب)، معتبراً أن تلك المحاكمات تفتقر إلى أدنى متطلبات العدالة، وأنها محاكمات للتصفية الطائفية ولا تستند إلى سند قانوني ملائم، وأن جميع القضاة في المحكمة ينتمون لأحزاب شيعية، مما يجعل القضاة غير محايدين في أحكامهم.

وعدّد البيان القضاة وهم رئيس محكمة استئناف ذي قار العام، فرقد صالح هادي، ورئيس الهيئة الأولى في المحكمة، عزيز شنته الجابري، ورئيس الهيئة الثانية في المحكمة، ومحمد محسن الإبراهيمي، والقضاة ناظم حميد علك الوائلي وعلي عبد الغني جلاب وموفق نوري جاسم، أعضاء محكمة جنايات ذي قار.


كذلك وثّق المركز في بيانه، مجموعة من المخالفات القانونية في تلك الأحكام، وأكد أن جميع المعتقلين الذي صدرت بحقهم أحكام الإعدام غير القانونية، هم من "العراقيين السُنة"، والذّين تم نقلهم من سجون ومحاكم بغداد ومحافظاتهم إلى سجن الناصرية، بعد منتصف العام الماضي، وأن جميع أحكام الإعدام صدرت بناء على إفادات المخبرين السريين، والاعترافات التي انتُزعت منَ المعتقلينَ بالتعذيب الجسدي والنفسي، وبالتهديد باعتقالِ أمهاتهم أو زوجاتهم أو أخواتهم أو بناتهم وتعريضهن للاغتصاب؛ في حالة رفضهم الاعتراف بالقيام بالجرائم التي يمليها عليهم الضباط والمحققون.


وأكد البيان أن القضاة الذين وصفهم بالحزبيين، أصدروا أحكام بالإعدام ضد معتقلين في قضايا (مكتشفة)، أي أن القضاء أصدر أحكاماً ضد معتقلين سابقين فيها، وأحكاماً بالإعدام ضد معتقلين في حوادث كانوا في تاريخها خارج العراق، ولديهم مستندات رسمية تؤكد سفرهم في تاريخ الحادث، إضافة إلى أحكام بالإعدام ضد معتقلين في حوادث برّأهم منها القضاء في وقت سابق.

ويتم إحضار المعتقلين للمثول أمام محكمة التَّحقيق وأمام محكمة الجنايات من دون إبلاغ مُحاميهم، حيثُ تكون مواعيد إحضار المعتقلين سرية ولا يسمح للمحامين بالاطلاع عليها، خصوصاً أن جميع المحامين الذين يتابعون قضايا المعتقلين في سجنِ النَّاصرية هم من سكان بغداد، وقد نقلت قضايا موكليهم المعتقلين إلى محاكم الناصرية من دون معرفتهم وخلال فترة سريعة جداً.

وقال البيان إن المحامين الذين تنتدبهم محاكم ذي قار (الناصرية)، يبلغون بالانتداب قبل دقائق من بداية المرافعة، مما لا يتيح لهم الاطلاع على ملف القضية وإعداد لائحة الدفاع، مما يجعل انتداب المحامين إجراءً شكلياً لاستكمال الإجراءات فقط من دون توفير المحاكمة العادلة التي تتيح الدفاع عن المتهم بالشكل القانوني السليم.

ودعا مركز بغداد لحقوق الإنسان، المنظمات الحقوقية الدولية إلى التدخّل العاجل لإيقاف محاكم التصفيات الطائفية ضد المعتقلين السُنّة في سجون الحكومة العراقية، وإلى الضغط من أجل إعادة النظر بالأحكام الجائرة التي صدرت ضد المعتقلين، وإيقاف عقوبة الإعدام في الوقت الحالي، كما دعا إلى ضرورة البدء بإصلاح حقيقي لمؤسسة القضاء العراقي.

ويشترط القانون الدولي لحقوق الإنسان أنه طالما لم يتم إلغاء عقوبة الإعدام فإنه يجب ألا تفرض إلا في أخطر الجرائم، وبعد تقيّد صارم بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، بما فيها حق المتهم في محام كفء للدفاع، وافتراض براءته لحين ثبوت الذنب عليه، وعدم إجباره على الاعتراف بالذنب.