ويقول ضابط عراقي يعمل في مكتب وزير الدفاع، خالد العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأميركيين ضاعفوا من عدد قوات العشائر بشكل غير مسبوق عبر دورات التدريب التي تقام من قبلهم في معسكرات الحبانية وعين الأسد ومعسكر تحرير نينوى قرب أربيل، شمال العراق، كما تمّ تسليحهم بشكل كامل". ويضيف الضابط (طلب عدم ذكر اسمه) أنّ "الأميركيين يثقون بتلك القوات أكثر من ثقتهم بالقوات النظامية، لأنّ العشائر قامت بدور مهم في جميع المعارك التي شهدتها الأنبار، أخيراً، ضد داعش، محققة تقدماً كبيراً"، لافتاً إلى أنّ "القوات الأميركية تعقد اجتماعات دورية مع زعماء القبائل في معسكرات في الأنبار، وهذا الأمر بات يزعج الكثيرين في بغداد، على الرغم من أنّ الهدف هو قتال داعش وتحرير الأنبار". ويشير الضابط نفسه، إلى وجود "أكثر من 10 آلاف مقاتل عشائري في الأنبار، من أصل نحو 20 ألف موزّعين في جميع مدن العراق الشمالية والغربية".
عن هذه الاجتماعات، يوضح أحد رجال العشائر، الشيخ ناظم الجغيفي، الذي يشغل حالياً منصب القائد العسكري لقوات الدفاع عن مدينة حديثة غرب العراق، أنّ "الاجتماعات التي نعقدها مع الجانب الأميركي مباشرة، ونجتمع بشكل دوري مع القادة العسكريين الأميركيين وهم ضباط ومستشارون في قاعدة عين الأسد. نضع الخطط ونقدم المقترحات ونبحث التجهيزات للمقاتلين"، مؤكّداً أنّ "الأميركيين باتوا أكثر جدية عما كانوا عليه سابقاً في مسألة دعم قوات العشائر". وينتقد الجغيفي موقف التحالف الوطني والمليشيات، متسائلاً: "هل نقف وننتظر إلى حين دخول داعش ليقوم بذبحنا والحكومة تتفرج؟"، مضيفاً، نطلب من الحكومة سلاحاً وعتاداً ومساعدات غذائية، لكنّهم لا يكترثون".
ويرفض الشيخ محمود لطيف السويداوي أن تكون قوات العشائر استنساخاً لتجربة الصحوات عام 2006، التي نجحت في طرد تنظيم "القاعدة" من الأنبار، بعدما يئس الجيش الأميركي من القضاء عليه. ويقول السويداوي لـ"العربي الجديد"، إنّ "القوات العشائرية عقيدتها الدفاع عن الأرض والعرض والكرامة ضد التنظيمات المسلحة مثل داعش"، مؤكداً أنّ "العشائر لن تقع في الفخ كما حصل عام 2006، بل ستكون قواتها لحماية نفسها، كما أننا لا نريد تكرار تجربة تكريت عندما هاجمتها المليشيات، فأحرقت وسرقت كل شيء".
اقرأ أيضاً خطة أميركية لتحرير الرمادي: تعزيز دور العشائر واستثناء الحشد
على صعيد متصل، يزور محافظ الأنبار، صهيب الراوي، حالياً، واشنطن بدعوة من الأميركيين، للتنسيق في قتال تنظيم "داعش". ويتولى الراوي فضلاً عن منصبه كمحافظ، مهمة رئيس اللجنة الأمنية العليا في محافظة الأنبار. وأصدر المتحدث باسم المحافظة، حكمت الدليمي، بياناً صحافياً، أمس الثلاثاء، أكّد فيه اتفاقاً يتضمن مشاركة الأباتشي والمدفعية الأميركية في معارك تحرير المحافظة. وقال الدليمي، إنّ "محافظ الأنبار صهيب الراوي التقى في واشنطن عدداً من المسؤولين في الإدارة الأميركية، وبحث معهم الجانب الأمني والإنساني الذي يعيشه النازحون في العراق والأنبار تحديداً"، مؤكداً أنه "تم الاتفاق على إشراك طيران الأباتشي ونيران المدفعية الأميركية في المعارك ضد تنظيم داعش في الأنبار".
ووفقاً لمصادر خاصة في قاعدة الحبانية الجوية شرق الأنبار تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإنّ القاعدة تحوي على سرب كامل من مروحيات الأباتشي القتالية ومدافع ثقيلة ومتوسطة ذات التوجيه الذكي، فضلاً عن مئات الجنود التي يشرف عدد منهم على تدريب ثلاثة آلاف مقاتل عشائري، تطوعوا أخيراً، لقتال "داعش"، بعد تخرّج دفعة مماثلة في التاسع من الشهر الحالي.
ويؤكّد عضو مجلس قضاء الخالدية، الشيخ سعد الفهداوي لـ"العربي الجديد"، أنّ "مقاتلي العشائر لا يتلقون أيّ دعم مالي من الأميركيين، باستثناء الأسلحة والعتاد التي تعقب عملية التدريب على قتال الشوارع والمناطق الضيقة والتصويب ببنادق الليزر وصدّ الهجمات الانتحارية بالسيارات المفخخة، معتبراً أنّ "هذا الدعم كاف لإثبات مدى جدية العشائر في تحرير مدنها، ومنح الأميركيين الثقة كاملة". ويضيف الفهداوي أنّ "قوات العشائر هي مفتاح النصر"، مشيراً إلى أنّهم سيخاطبون، في وقت لاحق، من خلال بيان، أبناء العشائر المتواجدين حالياً في صفوف داعش، "وفي حال استمرارهم في القتال إلى جانبه، سيتم اتخاذ إجراءات ضدهم وفقاً لقانون العشيرة".
وشهد يوم الاثنين الماضي، ولادة جماعة مسلحة سنية، في محافظة الأنبار، مؤلفة من أبناء العشائر، أطلق عليها "الجيش العباسي" لقتال "داعش". ووفقاً لبيان صحافي للشيخ عمر ثابت المحلاوي، الذي قدّم نفسه، على أنّه أحد قيادات الجيش، فإنّ "جيش العباسيين مؤلف من 1000 عنصر من أبناء مناطق أعالي الفرات في محافظة الأنبار الحدودية بين الأردن وسورية، وباشر عمله في تنفيذ عمليات نوعية ضد تنظيم داعش"، مؤكداً "وجود دعم من قبل التحالف الدولي".
اقرأ أيضاً: استعدادات أميركية ـ عراقية لمعركة تحرير الأنبار