العراق: مرشحان لرئاسة الحكومة مع انتهاء المهلة الدستورية

19 ديسمبر 2019
أسقط المتظاهرون حكومة عبد المهدي (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -


عدا النائب المستقل فائق الشيخ علي الذي قدم نفسه مرشحاً لرئاسة الحكومة، لرئيس الجمهورية برهم صالح، عشية انتهاء المهلة الدستورية التي تنتهي منتصف ليل اليوم الخميس، فإن مسؤولين في ديوان الرئاسة ومصادر سياسية، أكدت في أحاديث منفصلة لـ"العربي الجديد"، أن صالح تسلّم اسمين لرئاسة الحكومة، التي من المفترض وفقاً للاتفاق المبدئي والشفهي غير المكتوب بين قادة الكتل أن تكون حكومة تستمرّ عاماً واحداً وبتشكيلة وزارية مصغرّة، لا يتجاوز عددها الـ15 وزيراً، وبمهام محددة، منها تمرير القوانين المهمة والتحضير لانتخابات نيابية مبكرة في البلاد، وإنجاز موازنة العام المقبل، 2020.

يأتي ذلك بالتوازي مع اهتمام شعبي كبير بمجريات قانون الانتخابات الجديد، الذي يتصارع ممثلو الكتل السياسية في البرلمان على بعض من فقراته المعتبرة تهديداً لمستقبلهم السياسي. وبدت الأحزاب الكبيرة التي هيمنت على الواجهة السياسية والحكومية في العراق منذ عام 2003، متفقة على دسّ بعض الفقرات بالقانون الجديد لصالحها، بما يضمن أن تبقى لها الحصة الأكبر داخل البرلمان المقبل. وهو ما ترفضه ساحات وميادين التظاهرات التي افتتحت خياماً مخصصة، استضافت فيها قانونيين وخبراء ومحامين لبحث القانون، وإذا ما كانت فيه فقرات من الممكن أن تكون لصالح الأحزاب وضد الناخب.

وكشف مسؤول رفيع المستوى في ديوان الرئاسة لـ"العربي الجديد"، أن في جعبة صالح اسم فائق الشيخ علي، واسم قصي السهيل، المرشح عن تحالف الفتح والمدعوم من نوري المالكي وهادي العامري، ويحظى أيضاً بقبولٍ من كتل أخرى. كما منح 174 نائباً تخويلاً لرئيس الجمهورية لتسمية مرشح مستقل منه، لكنهم عرضوا عليه أيضاً اسم علي علاوي المقيم منذ سنوات في بريطانيا.

ووصف المسؤول ترشيح الشيخ علي بأنه "استعراضي لا أكثر، لإحراج الرئاسة العراقية ومحاولة إيصال رسالة بأن المفاوضات ما زالت تحت خيمة التوافقات السياسية والضغوط الخارجية"، مؤكداً أن أسماء أخرى مثل مصطفى الكاظمي ووزير الصحة السابق صالح الحسناوي ما زالت مطروحة أيضاً. وذكر أن اختيار شخصية لتكليفها قبل انتهاء المهلة الدستورية ما زال مطروحاً بقوة، لكن قد يصار إلى اختيار اسم لم يطرح سابقاً، ضمن ظاهرة القرارات في الوقت بدل الضائع والمفاجئة للجميع. وكشف عن اجتماع سيعقد قريباً بين قادة الكتل وآخرين سيتم إشراكهم بها هاتفياً بسبب عدم وجودهم في بغداد.

بدوره، رأى الخبير القانوني علي التميمي أنه يحق لرئيس الجمهورية تكليف أي مرشح، من دون الرجوع إلى الكتل السياسية والنواب، ومن الممكن تسمية مرشح تحالف البناء أو مرشح النواب الـ174، أو اختيار اسم آخر. وأضاف التميمي لـ"العربي الجديد"، أنه "كما يحق لرئيس الجمهورية ترشيح أي شخص من خارج ترشيحات الكتل والنواب، فالدستور خوّله بهذا الأمر، بالتالي فإن عليه أن يكون دقيقاً وحذراً في قضية ترشيح شخصية ترضي المتظاهرين، لإخراج العراق من الأزمة التي يعيشها".

غير أن هذا التفسير الدستوري يجد من يخالفه في أكثر من وجه، فقد أبرزت كتل برلمانية تفسيرات أخرى للمادتين 76 و81 من الدستور بما يتوافق مع توجهاتها، منها أنه لا يحقّ للرئيس ترشيح أي شخصية إلا من بوابة الكتلة الكبرى في البرلمان.

من جهته، قال الخبير الدستوري طارق حرب، لـ"العربي الجديد"، إن "سياق الوصول إلى المنصب المقصود يمر عبر الكتلة النيابية الكبرى، إلا أن من حق أي شخص إعلان ترشحه للمنصب، لكن من دون أن يكون بإمكان رئيس الجمهورية إعلان تكليفه لأنه مقيد بمادة دستورية".



من جانبه، ذكر النائب قصي الياسري، القيادي في تحالف "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر، لـ"العربي الجديد"، أن "تحالف سائرون، والكثير من النواب من خارج التحالف، لن يصوّتوا لصالح مرشح تحالف البناء، قصي السهيل، في طرح بشكل رسمي لنيل الثقة". واعتبر أن "تحالف سائرون سيعارض ويقف بوجه أي عملية لتمرير أي شخصية لا تتوفر فيها المواصفات التي نادى بها المتظاهرون في ساحات الاحتجاج والاعتصام بكافة المدن العراقية". وأكد أن "تحالف سائرون، والكثير من النواب، سوف يصوّتون ويمررون اسم الشخصية المستقلة التي تنطبق عليها مواصفات المتظاهرين، وغير ذلك، لن تكون لنا مشاركة في التصويت، ونتوقع أن يكون من الصعب تمرير أي مرشح يقدم من قبل القوى السياسية".

ويعتبر قانون الانتخابات الجديد من أبرز مطالب التظاهرات العراقية منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقد أنجز منه نحو 80 في المائة، وجرى التوافق مبدئياً عليها، غير أن البندين 15 و16، هما نقطا الخلاف وتعتبرهما الأحزاب مهددين لمستقبلها السياسي.

مع العلم أن الجلسة التي كانت مقررة الأسبوع الماضي، فشلت في تمرير القانون إثر اعتراضات على المادة 15 من القانون والتي تنص على أن تكون 50 في المائة من مقاعد البرلمان للأحزاب والقوى السياسية بقاسم انتخابي مرتفع، والـ50 في المائة الأخرى تكون للأعلى صوتاً، وهو ما اعترض عليه المتظاهرون في ساحات وميادين بغداد، وكذلك التيار الصدري، ما أدى الى تأجيل الجلسة، ليصار إلى إعادة صياغة المادة فيكون التصويت فردياً وبنسبة 100 في المائة والفائز بالانتخابات هو الذي يحصل على أعلى عدد من أصوات الناخبين. وهو ما تعتبره قوى سياسية عدة، بينها حزب الدعوة والحزب الإسلامي والمجلس الأعلى وقوى سياسية أخرى أبرزها الكردية، تهديداً لها ولنفوذها بالحكومات المقبلة، كما سينهي هيمنة الأحزاب والقوى على البرلمان المقبل ويتيح ولادة وجوه وقوى وحركات جديدة داخل العملية السياسية. أما المادة 16 فمتعلقة بالدوائر المتعددة التي يصر عليها المتظاهرون ويرونها وسيلة لانتخاب العراقيين من يعرفونه، وتكون الانتخابات أكثر وضوحاً وتسمح بفوز من يعرفه الناس عن قرب وتفكيك التحالفات السابقة المبنية على أساس مصالح حزبية أو طائفية أو دينية في المحافظة الواحدة.

وعلى الرغم من رفض بعض القوى السياسية للنظام الفردي وتقسيم البلاد إلى دوائر انتخابية صغيرة، يتمسك ناشطون بهذه الآلية التي يعتبرونها مخرجاً مهماً من هيمنة الأحزاب الكبيرة التي فرضت قبضتها على السلطة منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003.

وبحسب الحقوقي والناشط في احتجاجات بغداد علاء الشماع، فإن تقسيم العراق إلى عدد من الدوائر الصغيرة يوازي عدد أعضاء البرلمان، يعدّ مكسباً للمتظاهرين في حال تحقيقه، لأن الانتخاب في هذه الحالة سيكون فردياً لمن يحصل على أكثر عدد من الأصوات من دون الحاجة إلى دعاية انتخابية كبيرة وفضائيات ومال سياسي. واعتبر وجود قانون انتخابات عادل يمثل نصراً لساحات التظاهر لأن القانون العادل سيفرز برلماناً وحكومة يمثلان الشعب بشكل حقيقي.