أعلن مصرف الرافدين التابع لوزارة المالية العراقية، عن منح قروض للمواطنين من أهالي محافظة نينوى شمال العراق لإعمار منازلهم المدمرة، بينما وصف مسؤولون محليون وسكان شروط المصرف لمنح الأموال بـ"المعقدة"، لتشديده على ضرورة رهن العقار.
وتعرضت نينوى إلى تدمير واسع، بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على المدينة منذ يونيو/حزيران 2014، قبل أن تتمكن القوات العراقية من تحرير المدينة قبل أكثر من عام، وتسببت المعارك في هدم آلاف المنازل.
وقال المصرف، في بيان صحافي، أمس الإثنين، إنه "تقرر منح القروض للمواطنين من محافظة نينوى، الذين تعرضت مساكنهم للهدم أو الأضرار من جراء سيطرة داعش الإرهابي على مناطقهم، أو نتيجة العمليات العسكرية"، مشيرا إلى أن هذه القروض مخصصة لمن لم يحصلوا على تعويض أو منحة من أي جهة، بتأييد من لجان التعويضات.
وأضاف أن القرض يمنح بحد أعلى 30 مليون دينار (25.2 ألف دولار) للمواطن الذي يمتلك عقارا سكنيا في المدن وبضمان رهن العقار لصالح المصرف، على أن يغطي قيمة العقار، و15 مليون دينار لمن يسكن المناطق الريفية، مع رهن العقار أيضا لصالح المصرف وكفالة موظف حكومي تبلغ قيمة القسط 50% من راتبه الكلي.
وأشار المصرف إلى أن مدة القرض تصل إلى عشر سنوات، ويتم تسديد الأقساط في الشهر التالي من تاريخ منح القرض، لافتا إلى أن القرض يصرف على دفعتين متساويتين، الأولى في حال إنجاز كافة متطلبات القرض، والثانية عند وصول مرحلة البناء إلى نسبة إنجاز 50%.
واشترط المصرف أن يكون سند العقار باسم طالب القرض، ولا يجوز نقل ملكية العقار أو إجراء أي تصرفات قانونية عليه إلّا بعد تسديد التزاماته تجاه المصرف، أو بموافقة المصرف، حيث يشترط على المقترض استعمال القرض للغرض الممنوح من أجله، وفي حال إخلاله يعتبر القرض مستحق الأداء.
تأتي هذه الخطوة من قبل المصرف الحكومي، في وقت لم تلب موازنة العام المقبل 2019 طموح المواطنين، كما أن تخصيصات المناطق المحررة لم تكن بمستوى الطموح.
وقال محمد إقبال الصيدلي، النائب البرلماني عن محافظة نينوى، في بيان له، إن هناك قصورا في موازنة 2019، ما يجعلها عاجزة عن تلبية طموح المواطن، وعدم نجاحها في معالجة إخفاقات السنوات الماضية.
ودعا حسام الدين العبار، عضو مجلس محافظة نينوى، وزارة المالية، إلى "توفير شروط قادرة على تلبية حاجة المواطنين في نينوى، في ظل الدمار الذي طاول آلاف المنازل في عموم مناطق المحافظة".
وقال العبار لـ"العربي الجديد": "على الحكومة أن تعجل في تنفيذ المشاريع وإعادة إعمار المناطق، إذ هناك آلاف العائلات ما زالت تسكن المخيمات، بسبب عدم مقدرتهم على توفير الأموال لإعادة إعمار منازلهم".
وأضاف، أنّ "حجم الدمار في نينوى لا يمكن أن يعاد بموازنة 2019 أو تخصيص أموال بسيطة"، مشيرا إلى أن مجلس المحافظة قدّر، من خلال لجنة مختصة، حجم الدمار الذي بحاجة إلى أكثر من ترليوني دينار، لانتشال نينوى من واقعها، وإعادة بنائها وإصلاح البنى التحتية المنهارة.
وتابع أن "إعمار نينوى أكبر من إمكانيات المحافظة والحكومة المركزية، ونحتاج الى إسناد دولي وتدخّل دول مانحة لإعمار الضرر الذي لحق بها".
وأوضح أن "المحافظة لها في ذمة الحكومة أكثر من 300 مليار دينار، من موازنات 2015 إلى 2018، وهو مبلغ يكفي لإعمار 10% من حجم الدمار".
ووصف أحمد غانم الجبوري، أحد سكان نينوى، شروط المصرف لإعمار المنازل بـ"التعجيزية"، مؤكدا أنه ليس بمقدور المواطن تلبيتها.
وقال الجبوري "ندعو وزارة المالية إلى وضع شروط ميسرة وقابلة للتطبيق، وتقديم مساعدات للإعمار، وعدم منح قطاع المصارف فرصة لاستغلال هذا الملف".
وكان تنظيم داعش قد استولى، قبل أكثر من 4 سنوات، على قرابة ثلث مساحة العراق، ما أدى إلى نزوح نحو أربعة ملايين شخص من مناطقهم، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، فضلاً عن هجرة عدة ملايين أخرى إلى الخارج.
وبينت تقارير وتقديرات ميدانية أن ما بين 120 إلى 180 ألف وحدة سكنية دمرت بالكامل في مدن بعض المحافظات في الموصل (مركز محافظة نينوى) وكركوك وتكريت وديالى (شمال)، والأنبار (غرب)، وحزام بغداد، نتيجة العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش.
ونشر موقع ستارز آند سترايبس الأميركي، المتخصص في الشأن العسكري، تقريرا، نهاية ديسمبر/كانون الأول 2017، عن مدى الدمار الناجم عن العمليات العسكرية لاستعادة مدينة الموصل، مشيرا إلى أن عدد المنازل والأبنية التي انهارت بفعل قيام عناصر التنظيم بتفخيخها، أو التي هدمت نتيجة الضربات الجوية والميدانية للقوات العراقية والتحالف الدولي، يصل إلى 32 ألف منزل في الجانب الأيمن الذي يضم المدينة القديمة.
كما أظهرت بيانات نشرها برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN HABITAT)، أن الوحدات السكنية المدمرة في الموصل القديمة فقط بلغت، حتى 8 يوليو/تموز 2017، نحو 5393 وحدة.
ورغم مرور أكثر من عام على تحرير المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش، إلا أنها ما تزال تعاني تردياً اقتصادياً ومعيشياً، وتغيب المشاريع الحكومية عنها.
وكان حيدر العبادي، رئيس الوزراء السابق، قد قدّر، في تصريحات له في فبراير/شباط الماضي، كلفة عمليات إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة، بـ100 مليار دولار.