العراق: فصائل مسلّحة تبحث الردّ على القصف الأميركي وسط معارضة الصدر

13 مارس 2020
تحرّكات لاحتواء رد الفصائل المسلحة (أحمد الربيع/ فرانس برس)
+ الخط -
تعقد الفصائل العراقية المسلحة اجتماعات مكثفة لغرض مناقشة كيفية الرد على القصف الأميركي ضد مواقع تابعة لها، فيما يعارض ذلك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. 

وشهدت العاصمة العراقية بغداد، منذ فجر اليوم الجمعة، انتشاراً أمنياً مكثفاً في محيط المنطقة الخضراء المحصنة التي يقع فيها مقر السفارة الأميركية، وبعثات عربية وأجنبية، ومبنى البرلمان العراقي، ومؤسسات حكومية وأمنية أخرى، على خلفية الضربات الجوية الأميركية، وسط ترقب وتخوف من ردود أفعال عسكرية لبعض الفصائل الموالية إلى إيران.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في وقت متأخر مساء الخميس، تنفيذ ضربات استهدفت خمسة مواقع لتخزين الأسلحة تابعة لجماعة مسلحة مدعومة من إيران في العراق.

الضربة الأميركية جاءت بعد نحو 24 ساعة من القصف الصاروخي على معسكر التاجي شمالي العاصمة العراقية بغداد، الذي أودى بحياة جندي ومتعاقد أميركيين، وجندي بريطاني، فضلاً عن إصابة 10 جنود أميركيين، كانوا يعملون ضمن التحالف الدولي للحرب على الإرهاب.

ومنذ 26 فبراير/ شباط الماضي، تشهد الساحة العراقية تصعيداً واضحاً في هجمات الكاتيوشا التي طاولت السفارة الأميركية مرات عديدة، فضلاً عن قاعدة بلد الجوية ومنطقة القصور في الموصل التي توجد فيها قوات أميركية، فيما تتبرأ الفصائل المسلحة من عمليات القصف هذه، دون إعلان أي جهة مسؤوليتها عنها.

وكشفت مصادر مقربة من فصائل مسلحة، توصف على أنها مرتبطة بإيران، بأن اجتماعاً دعت إليه "كتائب حزب الله"، من المقرر أن يعقد مساء اليوم لبحث الرد على الهجوم الأميركي، مؤكدة أن تأخر بيان "هيئة الحشد الشعبي" الرسمي يأتي بسبب خلافات حادة بين رئيسه فالح الفياض، وعدد من قادة الفصائل، إذ يتحفظ الفياض على أي تصعيد أو رد من قبل الفصائل المسلحة، ويرفض تقزيم الدولة العراقية من خلال تصدر الفصائل المسلحة واجهة الرد والتعامل مع هذا الملف.

وبحسب المصادر ذاتها، فإن جهوداً تُبذل على مستوى قادة أمنيين وأحزاب سياسية شيعية وشخصيات حكومية حيال منع أي تصعيد، من خلال ردّ محتمل لفصائل مسلحة على مصالح أميركية كردّ على الضربة الأميركية، لكنها لم تحقق نجاحاً حتى الآن.

في المقابل، قال المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء كاظم الفرطوسي، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "جميع الجهات العراقية معنية بالرد على العدوان الأميركي، سواء كانت رسمية أو غير رسمية، وفصائل المقاومة في مقدمة هذه الجهات".

واعتبر أن "الرد على القصف تكلف به بالدرجة الأولى الحكومة العراقية، فالاعتداء تم على مؤسسات عسكرية رسمية، أما فصائل المقاومة فهي على حراك واسع وحوارات مكثفة من أجل الاتفاق على كيفية الرد، وتنفيذ ضربات، يكون لها ضرر أكبر على الولايات المتحدة. فهذا العدوان، لن يمر وسيكون له رداً قوياً"، وفقاً لقوله.

وأضاف المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء أن "فصائل المقاومة العراقية كانت قد وضعت جدولاً للرد على الاعتداءات السابقة الأميركية، وهذا الجدول متفق عليه من قبل جميع الفضائل، بالإضافة إلى التيار الصدري، لكن الاعتداء الأخير ربما سيغير الجدول، ولهذا الوقت أصبح الآن مفتوحاً أمام فصائل المقاومة، والحرب مستمرة وستستمر".

إلى ذلك، قال قيادي في التيار الصدري، لـ"العربي الجديد"، إن "زعيم التيار مقتدى الصدر يجري اتصالات منذ ليلة أمس، مع عدد من قادة الفصائل المسلحة، بهدف منعها من القيام بأي أعمال عسكرية ضد المصالح والأهداف الأميركية في العراق، كرد فعل على القصف الأميركي".

وأكد القيادي ذاته أن "الصدر ما زال حتى الساعة يمارس الضغوطات على قادة الفصائل لمنعها من أي عمل عسكري قد يجر العراق إلى اقتتال خطير مع الولايات المتحدة، خصوصاً مع عدم وجود استقرار سياسي، كما أن الصدر أرسل ممثلين عنه يشاركون في اجتماعات الفصائل المسلحة، كذلك بهدف حثهم على تحديد الأهداف فقط، دون أي تنفيذ في الوقت الحاضر".

في المقابل، قال الخبير في الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الفصائل المسلحة فهمت جيداً تكتيك ضربة بضربة، وكل ما كانت هناك ضربة ضد الولايات المتحدة يسقط فيها ضحايا فستكون هناك ضربة أميركية قاسية جداً ضد الفصائل، ولهذا هذه الفصائل قد تكتفي فقط بأعمال استفزاز من خلال عمليات قصف تسقط فيها صواريخ في محيط المنطقة الخضراء أو السفارة الأميركية أو قرب المعسكرات، التي توجد بها قوات التحالف الدولي، دون إلحاق أي أذى بالمصالح أو الأهداف الأميركية، بالإضافة إلى شجب إعلامي وسياسي واسع، وربما تكون هناك بعض التظاهرات الاحتجاجية، وليس أكثر من ذلك".

واعتبر أن "الدولة العراقية في مأزق الكبير، بين نار قوى عظمى كالولايات المتحدة، وبين فصائل خارج هيئة "الحشد الشعبي" غير مسيطر عليها، مع إمكاناتها في إنهاء الدولة العراقية بشكل كامل".

وأضاف أن "موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر كان أكثر وعياً وأكثر ضبطاً للنفس، وهو تعامل في هذه الأزمة كرجل دولة واعٍ جداً لخطر الدخول في حرب غير متكافئة مع الولايات المتحدة، خصوصاً أن الوضع العراقي يعاني من مشاكل كبيرة في انهيار الاقتصاد وفيروس كورونا، وعدم انسجام سياسي منذ أكثر من أربعة أشهر". وأكد الخبير في الجماعات المسلّحة أن "زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يستطيع منع الفصائل المسلحة من البدء بعمليات عسكرية، ضدّ الولايات المتحدة، فهذه الفصائل لا تريد أي خصومة مع التيار الصدري، خصوصاً في هذا الوقت".

دلالات