وحول ذلك، كشف أحد قياديي تحالف القوى العراقية وهو على صلة بالمشاورات الجارية بين الأطراف السنية، عن أن "الاجتماع لم يفض لأي اتفاق على كتلة سنية موحدة"، واصفاً الجهود حول ذلك بأنها "كانت ردة فعل على فعل مماثل من كتل شيعية يجري الآن للتوحد في بغداد وبرعاية إيرانية". واستدرك بالقول "تركيا مجرد مكان مستضيف ولا علاقة لها بأي جهود تقريب بين تلك الأطراف، وجرت العادة أن تكون مثل تلك الاجتماعات في الأردن لكن هناك موانع حالت دون أن يكون هناك".
وأضاف القيادي في التحالف الذي تفكك، أن "القوى السنية اليوم موزعة على ثلاث كتل، هي كتلة الحل، بزعامة جمال الكربولي، الرجل الذي يتحدر من الأنبار حيث مدينة القائم المحاذية للحدود السورية، وهو مدير عام جمعية الهلال الأحمر العراقية سابقاً، واتهم بقضايا فساد مختلفة، إلى جانب محافظ صلاح الدين السابق أحمد الجبوري، ذي الانتماء القبلي ومتزعم قائمة الجماهير في تكريت، عاصمة محافظة صلاح الدين، وكذلك محمد الحلبوسي، محافظ الأنبار حالياً، ومتزعم قائمة الأنبار هويتنا. ويشكل هذا التحالف الذي يطلق عليه اليوم اسم (تحالف الكرابلة)، نحو 30 مقعداً بالبرلمان الجديد، بحسب النتائج التي أُعلن عنها الشهر الماضي. أما الكتلة الثانية، فهي تحالف القرار بزعامة أسامة النجيفي، ورعاية رجل الأعمال خميس الخنجر، وتتألف من مجموعة قوائم صغيرة موزعة بين الأنبار وبغداد ونينوى ومحافظات أخرى. وحصلت على 15 مقعداً بالبرلمان العراقي. أما التكتل السياسي الثالث للعراقيين السنة، فهو تحالف الوطنية بزعامة إياد علاوي، فرغم الهوية الوطنية التي يرفعها التحالف، إلا أن غالبية أعضائها الذين فازوا بالانتخابات الأخيرة هم من المرشحين السنة، وفازت بـ20 مقعداً، ومن رموزها صالح المطلك، وسليم الجبوري، بينما توزعت أكثر من 10 مقاعد بالبرلمان لمرشحين سنة داخل قوائم النصر بزعامة حيدر العبادي، مثل بيارق الخير، وكذلك سائرون بزعامة مقتدى الصدر، والفتح بزعامة هادي العامري".
وحول سبب عدم التوافق في ما بينهم، أكد أن "مشاكل شخصية بين قيادات سنية عدة لم ينجح أحد في حلها، أبرزها خلافات بين سليم الجبوري وجمال الكربولي، وكذلك بين سعد البزاز ومحمد الحلبوسي، وكذلك بين أسامة النجيفي وشخصيات سنية أخرى موجودة في الاجتماع".
وأضاف أنها "مشاكل شخصية يضاف لها تنافس بين السياسيين من خلفية قبلية والإسلاميين السنة، إذ يُحمّل البعض الحزب الإسلامي العراقي مسؤولية الكثير من المشاكل التي تعرضت لها الطائفة السنية. كما أن هناك المشكلة نفسها الموجودة بالبيت الشيعي حيال احتكار حزب الدعوة الإسلامي لرئاسة الوزراء منذ سنوات طويلة، فإن الكتل السنية تجد في احتكار الحزب الإسلامي للمناصب التي تتعلق بحصة السنة في الدولة يجب أن ينتهي".
وأكد أن "النتيجة الأخيرة هي أنه لن تدخل القوى العربية السنية موحّدة هذه المرة للبرلمان الحالي، وسيكون هناك تحالفان، الأول بين القرار والوطنية وبنحو 40 مقعداً، والثاني لكتلة الحل أو تحالف الكرابلة. والأخيرة حالياً تفاوض قوى شيعية على الاندماج ضمن تحالفاتها، لكن القيادات الشيعية تجد أن القبول بالتحالف مع الكرابلة ضمن عنوان الكتلة الكبرى، التي ستشكل الحكومة الجديدة يعني أنه حكم مسبق بأنها الكتلة التي تمثل السنة، وهو ما سيخلق مشكلة مع الكتلة السنية الثانية". وذكر القيادي أن "الخارطة السياسية معقّدة أيضاً بالنسبة للكتل السنية، كما هو الحال للشيعية والكردية، والعنوان الذي يمكن اختصاره هو التنافس على المكاسب والمناصب والمشاكل الشخصية القديمة بين الفرقاء".
في هذا السياق، قال القيادي بتحالف القرار، عبد ذياب العجيلي، إن تحالفه "يرفض التحالف مع الفاسدين والسارقين"، في إشارة إلى كتلة الحل بزعامة جمال الكربولي. وأوضح العجيلي في تصريح نقلته وكالة أنباء محلية عراقية، أن "أي اجتماع سياسي، سواء كان سنياً أو مشتركاً مع القوى السياسية الأخرى، لم يبحث تسمية مرشح معين لأي منصب، سواء كان رئيس البرلمان أو الحصص الانتخابية".
بدورها، أوضحت عضو حزب الحل، محاسن حمدون، لـ"العربي الجديد"، أنه "حتى الآن لم يتم اتخاذ القرار النهائي بأن هناك تحالفاً بين الجميع أو تحالفاً جزئياً أو كلياً، وهناك مفاوضات بين مجموعات من الكتل السنية، ونتمنى أن تكون النتائج إيجابية، ولكن من المبكر القول إنه لا يوجد أي تحالف ما بين الكتل السنية". وأضافت أن "المفاوضات ما زالت مستمرة ولم تنته بين الكتل، كما هو حال الكتل المقابلة، وبالنهاية الجميع ينتظر نتائج الانتخابات الرسمية النهائية".
وحول ذلك، قال الخبير بالشأن السياسي العراقي وليد عطية، لـ"العربي الجديد"، إن "الخلافات الحالية لا تقتصر على فريق أو طرف داخل العملية السنية. ولعلّ الأطراف الكردية لديها مشاكل كبيرة تشبه تلك الموجودة بالساحة السنية والشيعية. وهذه نتيجة متوقعة لعملية سياسية أسستها واشنطن على نظام محاصصة طائفي ضيّق، وأدخلت رجال الدين وزعماء القبائل في السياسة وإدارة الدولة". وأضاف أنه "من المتوقع أن تستمر الخلافات السياسية داخل كل الكتل وبشكل أوسع من السابق، بسبب ما أفرزته نتائج الانتخابات من كتل متوسطة وصغيرة".
في السياق ذاته، باشرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، المُدارة بشكل مؤقت من قبل مجلس القضاء الأعلى، عقب تجميد أعضائها السابقين إثر تهم بالفساد وبالتلاعب بنتائج الانتخابات، عملية العد والفرز اليدوي لأصوات الناخبين العراقيين في سبعة محافظات عراقية مختلفة، وضمن المحطات الانتخابية التي سجلت فيها شكاوى تزوير وتلاعب بنتائج الاقتراع أو عمليات تصويت الناخبين أنفسهم.
وافتتحت عملية العد والفرز في محافظة كركوك، بعد تأخير لم تبرر أسبابه لأكثر من خمس ساعات، وتمّ جمع صناديق الاقتراع في قاعة رياضية مغلقة وسط كركوك، تحت حراسة مشددة ومنع الصحافيون من التقاط الصور وكذلك وكلاء الكيانات السياسية. وقال قاضي إشراف منتدب في كركوك، سعد خليل مال الله، لـ"العربي الجديد"، إن "العملية تشمل أكثر من 500 صندوق انتخابي"، لافتاً إلى أن "عملية العد والفرز لن تستغرق سوى أيام قليلة".
وفي الأنبار وصلاح الدين، شوهد دخول القضاة المنتدبين إلى مراكز العد والفرز الرئيسة قرب مجمع الدوائر الحكومية وسط تكريت والرمادي، وكذلك مدينة أربيل، التي يواجه فيها الحزب الحاكم "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني تهم التزوير من قبل أحزاب المعارضة.
وحذّر سياسيون من حدوث تلاعب بنتائج إعادة العد والفرز بشكل يدوي، وقال النائب عن محافظة ديالى، رعد الماس، في تصريح صحافي، إنّ "عمليات تزوير نتائج الانتخابات أصبحت حقيقة وليست تكهّنات، والحرب مع المزورين تضاهي حرب مكافحة الإرهاب والفساد، وهي ليست سهلة". وحذّر من "مغبة الالتفاف على عملية العد والفرز اليدوي، والذي قد يقود إلى انهيار العملية السياسية".
ووصف القيادي في تحالف الفتح، حنين القدو، عملية إعادة الفرز والعد اليدوي بـ"الشكلية"، مشيراً إلى أن "مخرجات الأمور سترضي جميع الأطراف من دون تغيير النتائج الكلية". وعلّق على بدء عملية العد والفرز لنتائج الانتخابات بأنها "لن تغير النتائج المعلنة سابقاً وسيتم ترضية جميع الأطراف السياسية دون تغيير"، مؤكداً أن "عملية العد والفرز اليدوي ستكون شكلية". وأضاف أن "أي تغيير في النتائج سيؤدي إلى اعتراض الكتل الفائزة ودخول البلاد في أزمة سياسية جديدة تؤخر تشكيل الحكومة المقبلة". ولفت القدو إلى أن "الكتل السياسية تحاول تلافي أزمة النتائج من أجل الشروع في تشكيل الحكومة المقبلة، كون البلاد دخلت في فراغ دستوري بعد تعطيل عمل مجلس النواب من دون حسم نتائج الانتخابات".