العراق: فساد متعاقب ووزراء مخضرمون

08 نوفمبر 2014
خلال تظاهرة تندّد بالفساد الحكومي في بغداد(أرشيف فرانس برس)
+ الخط -
يعاني العراق من سوء الإدارة والتخطيط منذ سنوات عدة، الأمر الذي جعله يحتل المراتب الأولى في الدول الأكثر فساداً في العالم، ما أثر بشكل سلبي على كافة مفاصل حياة العراقيين ودفع بكثيرين منهم إلى مغادرة البلاد. ويرجع المراقبون للوضع السياسي العراقي أسباب معاناة العراقيين واستشراء الفساد في كافة مفاصل الدولة لأسباب عدة، على رأسها اعتماد المحاصصة الطائفيّة والحزبيّة في تعيين الوزراء والمسؤولين الكبار في الدولة، وإهمال معيار الكفاءة.

ويرى القيادي في تحالف الكتل الكردستانية محمود عثمان، أنّ "اختيار الوزراء في الحكومات التي تعاقبت على البلاد منذ العام 2003 وحتى الآن، لم يكن موفقاً"، مبيّناً أنّه "لم يُعتمد معيار الكفاءة، بل إنّ الطائفيّة والحزبيّة كانت هي المعيار الأساس لاختيار المسؤولين". ويوضح أنّ "الكفاءات أصبحت في العراق درجة ثانية، فيما الانتماء الحزبي والسياسي يحلّ في الدرجة الأولى"، مستنتجاً أنّ "كلّ التعيينات في العراق، طيلة السنوات العشر الماضية هي خاطئة، ولهذا أصبح الأداء الحكومي ضعيفاً، وأصبح حال البلد بائساً".

ولا تتعلّق أزمة العراق الأمنية، وفق عثمان، بوزارة الدفاع أو الداخليّة، بل "هي بالأصل نتاج عدم وجود مصالحة وطنيّة حقيقيّة". ويقول عثمان إنّه "بعد سقوط حكم صدام حسين، انشغلت الحكومات بالانتقام والثأر والاجتثاث، فانقسم الشعب إلى جزأين، وبات هناك صراع طائفي وصراعات أخرى أنهكت الشعب والبلاد، ما جعل العراق متأخراً بشكل كبير عن البلدان الأخرى".

ويتوقّف المحلّل السياسي سلمان العبيدي، عند تأثير عدم تداول السلطة على الوضع القائم. ويوضح لـ "العربي الجديد" أنّه "منذ عام 2003، نرى الوجوه ذاتها التي حكمت البلاد، تتغيّر في المناصب، حتى باتوا يشكلون طبقة منتفعة لا تستطيع ترك الكعكة العراقيّة، والمهم أنهم ينهشونها من أي جهة كانت".
ويرى العبيدي أنّ "الأمل في تغيير الواقع العراقي أصبح ضئيلاً إن لم أقل تلاشى، فبعد سيطرة الأحزاب على الحكم باتت تتحكّم بمناصب وخيرات البلد كما تشاء، فضلاً عن أنّها تدين بالولاء للدول الإقليميّة، الأمر الذي يجعل مصلحة البلاد لا تعني لها شيئاً، مقابل بقائها في المنصب لفترة أطول، لتطول فترة استفادتهم".

وتربط رئيسة اللجنة المالية البرلمانية ماجدة التميمي، بين "الأزمة الاقتصادية التي يمر بها البلد وغياب النظرة الاقتصادية لدى المسؤولين عن الملف"، موضحة أنّ "هذا الأمر ناتج عن عدم وضع الأشخاص أصحاب الكفاءة في المؤسّسات المعنيّة، وهو ما تسبّب بتدهور كافة المؤسّسات، ومنها الاقتصادية". وتبدي التميمي استغرابها لـ "تنقّل الوزراء بين الوزارات، وكأنّ الوزير قادر على إدارة كافة الوزارات".

وبعد إسقاط القوات الأميركية حكم صدام حسين عام 2003، سيطرت بعض الأحزاب على السلطة في البلاد، ما جعل الوجوه ذاتها تتكرّر في الحكومات المختلفة. وأسهم ذلك بجعل بعض المناصب حكراً على أحزاب وطوائف. شغل نوري المالكي، على سبيل المثال، منصب رئيس الوزراء لدورتين، وهو يشغل اليوم منصب نائب رئيس الجمهورية، وكان أسامة النجيفي رئيساً للبرلمان، قبل أن يتولّى منصب نائب رئيس الجمهورية.

وفي الإطار ذاته، شغل صالح المطلك منصب نائب رئيس الجمهورية لدورتين برلمانيتين، وتولّى روز نوري شاويس مسؤوليّة نائب رئيس الوزراء لثلاث مرات، فيما تولّى باقر جبر سولاغ أربع وزارات، هي الإسكان والإعمار في حكومة إياد علاوي، والداخليّة في حكومة إبراهيم الجعفري، والمالية في حكومة نوري المالكي الأولى، والنقل في حكومة حيدر العبادي الحالية.
من جهته، تولّى عادل عبد المهدي منصب نائب رئيس الجمهورية في حكومة المالكي السابقة، وحقيبة النفط في حكومة العبادي، وشغل هوشيار زيباري منصب وزير الخارجية في ثلاث حكومات، وهو يمسك حالياً بحقيبة المال. من جهته، شغل حسين الشهرستاني منصب وزير النفط في حكومة المالكي الأولى، ونائب رئيس الوزراء في الحكومة الثانية، وهو حالياً وزير التعليم العالي. أمّا محمد شياع السوداني، فقد تولى منصب وزير حقوق الإنسان في حكومة المالكي الثانية، ويُمسك حالياً بحقيبة العمل والشؤون الاجتماعية.

المساهمون