قال مركز حقوقي عراقي معني بشؤون الدفاع عن الصحافيين في البلاد، اليوم الأحد، إن عشرات الصحافيين والإعلاميين والناشطين العراقيين فروا من بغداد ومدن جنوب ووسط البلاد إلى مدن إقليم كردستان بعد تلقيهم تهديدات بالتصفية الجسدية، كان آخرهم عاملون في قناة "دجلة" الفضائية التي تلقى مراسلوها في المدن والمحافظات الجنوبية والوسطى تهديدات بعد حادثة حرق القناة في بغداد.
وأضرم العشرات من أنصار المليشيات في العراق النار بمقر فضائية قناة "دجلة"، إحدى أبرز المحطات الفضائية في العراق، أواخر الشهر الماضي، بعد تحطيم محتويات القناة، بسبب ما اعتبروه مخالفة من المحطة التي تمتلك قناة إخبارية وأخرى للأغاني حيث بثت أغاني في ليلة العاشر من محرم، بالتزامن مع إصدار القضاء مذكرة اعتقال بحق مالك القناة للسبب نفسه.
وناشد مركز "ميترو للدفاع عن حقوق الصحافيين" رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي: "باسم القيم الإنسانية ومعايير حقوق الإنسان التي تضمنها الدستور العراقي وكفلتها المواثيق الدولية التي وقع عليها العراق، أن تنظروا بعين الاعتبار إلى المأساة والمعاناة الكبيرة بمختلف أوجهها، الاقتصادية والنفسية والاجتماعية، اللتي يعيشها العشرات من الإعلاميين والناشطين المدنيين، الذين فروا إلى مدن الإقليم وبالذات أربيل والسليمانية، بعد تلقيهم تهديدات بالتصفية الجسدية"، مردفاً "وكانت آخر مجموعة وصلت إلى مدن الإقليم هي العاملون في فضائية دجلة ومراسلوها في المدن والمحافظات الوسطى والجنوبية، بعد حادثة حرق مقر الفضائية في بغداد".
وأضاف "على الرغم من أن أولئك الإعلاميين قد أعلنوا استقالتهم من العمل في القناة، وقدموا اعتذارهم عن بث فضائية دجلة طرب لأغان يوم العاشر من محرم، علماً أن أولئك الإعلاميين ليس لهم أي علاقة بتلك القناة من قريب أو بعيد، بل هم مراسلون لقناة دجلة السياسية، إلا أن جهات عدة شنت حملة منظمة ضدهم، وتلقوا تهديدات بالتصفية الجسدية هم وعائلاتهم، عبر الرسائل النصية أو المكالمات الهاتفية"، مزيداً "والمؤسف حقاً أن تصدر بعض تلك التهديدات عن محافظين ومدراء أجهزة أمنية، أصدروا أوامر أشبه بهدر دمائهم، ومنعت الأجهزة الأمنية من حمايتهم والحفاظ على حياتهم وحياة أسرهم، مما اضطرهم إلى الفرار واللجوء إلى مدن الإقليم التي تنعم بالأمن والاستقرار". وأردف البيان "والأدهى من ذلك، أن المؤسسات الإعلامية التي عملوا لها وتحملوا الكثير من الصعاب أثناء تغطيتهم للتظاهرات الجماهيرية في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، قد تخلت عنهم، ولم تتقدم حتى بالسؤال عن وضعهم والاطمئنان على سلامتهم، بل إنها حتى أخرّت الأجور المستحقة لهم، التي هم في أمس الحاجة لها".
ولفت المركز إلى أن "هؤلاء الشباب من الإعلاميين والمثقفين الذين يدفعون اليوم ضريبة عملهم المهني والوطني يعانون اليوم الأمرين، سواء من الناحية الاقتصادية، فبعضهم يفترش أرض الحدائق العامة للنوم ليلاً، ولا يقوى على توفير وجبات الغذاء له، إضافة إلى المعاناة النفسية نتيجة بعدهم عن عائلاتهم، والمتزوجون منهم لا تفارق الدمعة أعينهم حين يتذكرون أطفالهم وزوجاتهم وأمهاتهم".
في السياق ذاته، قال عضو نقابة الصحافيين العراقيين أحمد الفضلي، لـ"العربي الجديد"، إن العام 2020 الحالي يمثل أحد الأعوام السيئة للصحافيين في العراق، سواء على المستوى الأمني المتعلق بهم أو حتى المعيشي، مضيفا أن ظاهرة ترهيب الصحافي والإعلامي والمدون تضاعفت كثيرا، وكل ما في الأمر شريحة هاتف تُرسل من خلالها عبارات تهديد لأي صحافي يحاول فتح ملفات فساد أو انتهاكات حقوقية أو حتى ينتقد الوضع الراهن. ولفت إلى أن أكثر من 90 صحافيا وناشطا تركوا بغداد وجنوب ووسط العراق واتجهوا للعيش في مدن بإقليم كردستان، مثل أربيل والسليمانية، خوفا على أنفسهم وأسرهم من الاستهداف، معتبراً أن الحكومة، حتى لو تعهدت بحمايتهم، فلن يكون هذا التعهد نافعا أو مشجعا لهم للعودة، لأن تجارب سابقة لم تكن آمنة وذهب ضحيتها عدد من الزملاء.