إعلان عبد المهدي الذي يأتي تنفيذاً لتهديد سابق له بترك منصبه، جاء بعد توقعات سياسية عدّة تحدثت عن استشارة قانونيين وخبراء دستور حول صيغة الغياب الطوعي لرئيس الحكومة، والتي يتولى خلالها نائبه إدارة البلاد، في خطوة اعتبرت للحيلولة دون تنفيذ المادة 81 من الدستور التي تنقل صلاحيات رئيس الحكومة إلى رئيس الجمهورية بعد نهاية مهلة الخمسة عشر يوماً ومنح مزيد من الوقت للقوى السياسية للخروج من الأزمة الراهنة دون الاضطرار إلى اللجوء لخيارات أخرى.
وقال عبد المهدي، في رسالة بعثها إلى رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ونواب الرئيس وأعضاء البرلمان: "أعلن أن المهلة الدستورية المحددة بـ30 يوماً لنيل ثقة مجلس النواب بالحكومة الجديدة ومنهاجها الوزاري تنتهي في 2 مارس/آذار، وذكرت أنه بانتهاء هذه المدة لن أجد أمامي سوى اللجوء إلى الحلول المنصوص عليها في الدستور أو النظام الداخلي لمجلس الوزراء"، معبراً عن أسفه "لعدم نجاح محمد توفيق علاوي في مهمته لتشكيل الحكومة الجديدة، ما يتطلب منا اتخاذ الموقف المناسب".
وتابع قائلاً في رسالته: "نعلن اليوم أمام شعبنا أن أخطر ما يواجهنا حالياً هو حصول فراغ دستوري وإداري، وأن أفضل حل هو الالتزام بالمواد الدستورية ذات العلاقة، والقوانين السائدة، وعليه أعلن بعد التشاور مع دستوريين وقانونيين من أهل الاختصاص، عن قرار اتخذته وهو اللجوء إلى (الغياب الطوعي) كرئيس مجلس الوزراء بكل ما يترتب على ذلك من إجراءات".
وأضاف أن هذا لا يعني عدم اللجوء لاحقاً إلى إعلان خلو المنصب، إذا لم تصل القوى السياسية والسلطات التشريعية والتنفيذية إلى سياقات تخرج البلاد من أزمتها الراهنة، مطالباً البرلمان بعقد جلسة طارئة لحسم قانون الانتخابات والدوائر الانتخابية.
وفي الشأن، اقترح عبد المهدي عقد انتخابات مبكرة في الرابع من كانون الأول/ديسمبر المقبل من هذا العام، وأن يحل البرلمان نفسه قبل 60 يوماً من التاريخ المذكور، وأن يجرى مع الانتخابات استفتاء على تعديل الدستور.
كما طالب بتكليف أحد نواب رئيس الوزراء أو أحد الوزراء مسؤولية إدارة جلسات مجلس الوزراء وتصريف الأمور اليومية.
وأشار عبد المهدي في رسالته إلى أن مزاولة أعمال الملف الأمني وإدارة مكتب القائد العام للقوات المسلحة من قبل النائب أو الوزير المكلّف، لا تعني مصادرة منصب القائد العام للقوات المسلحة.
ويقوم مدير مكتب رئيس الوزراء والأمين العام لمجلس الوزراء بإبلاغ رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة بالأمور الحصرية العاجلة والضرورية الملاصقة لعنوانه ليتم التعامل معها بما يتوافق مع صلاحيات حكومة تصريف الأمور اليومية.
كما أكد أنه سيتغيب عن "توقيع الكتب الرسمية أو تلبية دعوات أو إجراء لقاءات أو مباحثات أو اجتماعات رسمية محلية أو أجنبية، ويستمر المسؤولون كل من موقعه بضمان إدارة وسير الأعمال وتوقيع التعاملات ومنع حصول أي فراغ رسمي في التعامل مع الملفات المحلية والأجنبية التي سيتغيب عنها رئيس الوزراء".
وختم عبد المهدي بالمطالبة بتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن.
جدل قانوني
وتسببت خطوة عبد المهدي بجدل قانوني حول معنى "الغياب الطوعي"، وما إذا كانت الخطوة دستورية، خاصة أن رئيس الوزراء يعتبر موظفاً في الدولة ويمنح إجازة اعتيادية وأخرى لدواعي المرض على سبيل المثال، بحسب النظام الداخلي لمجلس الوزراء العراقي، ومن الجهة التي يمكن لها أن توافق على "الغياب الطوعي".
وفقاً للخبير القانون علي القيسي، فإن غيابه عن المنصب كلياً لا يترتب عليه شيء، وهو سليم، لكن مصطلح "الغياب الطوعي" لم يذكره القانون العراقي في أي من مواضعه.
وأوضح القيسي أن "المتاهة القانونية التي خلقها رئيس الوزراء المستقيل يمكن تفسيرها بأنها محاولة لمنع انتقال صلاحياته لرئيس الجمهورية برهم صالح، وهو ما تؤيده كتل سياسية عدة، وقد يكون المخرج القانوني غير صحيح لكن بسبب البنود الفضفاضة في الدستور العراقي عادة ما تكون التفسيرات مختلفة وبحسب المصالح السياسية".
من جهته، عدّ رئيس مركز "التفكير السياسي"، إحسان الشمري، رسالة عبد المهدي بأنها خطة لعدم اختيار شخصية جديدة لمنصب رئيس الوزراء. وقال في تغريدة على "تويتر"، إن "رسالة (الفراغ الطوعي) لعبد المهدي محاولة استمرار معادلة السلطة في ظل الانسداد السياسي، وهي خطة مع قوى فاعلة لعدم اختيار شخصية جديدة، واستمرار عملية النهب والتقاسم، وقطع الطريق أمام رئيس الجمهورية لتسلم مهام رئاسة الوزراء"، محذراً من "استمرار العراق خارج دائرة التوازن في علاقاته الخارجية".
Twitter Post
|