العراق: حملات خيرية لتأهيل المدن

28 ديسمبر 2016
حملات لإعادة الإعمار (وثيق خزي/Getty)
+ الخط -

أحبطت آمال العراقيين بإطلاق حكومتهم حملات إعمار وتأهيل المناطق المستعادة من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وذلك بعد إقرار موازنة العام 2017 دون أن يتم تخصيص أي مبلغ مالي للإعمار أو تأهيل البنية التحتية المدمرة في نحو 23 مدينة عراقية شمال وغرب البلاد.

وخصّصت أغلب بنود الموازنة للمجهود الحربي ومرتبات القوات التي تقاتل التنظيم وصفقات السلاح، فضلا عن دفع مرتبات موظفي الدولة، وهو ما دفع بالسكان في تلك المناطق، وبشكل عفوي، إلى إطلاق حملات تعاونية عادة ما تكون مواقع التواصل الاجتماعي منطلقا لها، بهدف جمع التبرعات لتأهيل هذا المستشفى أو تلك المدرسة، وتشغيل محطة وقود أو مضخة مياه أو تنظيف شوارع المدن الرئيسية.

وأطلقت حملات في مدن ومحافظات ديالى والأنبار والفلوجة وتكريت ومدن أخرى، من خلال ناشطين عراقيين قال بعضهم إن الكثير من منظمات المجتمع المدني لم تعد محط ثقة بعد أن طاولها الفساد أيضا كباقي المؤسسات في العراق، لذا فإن قيام ناشطين بتلك الحملات نال ثقة وتجاوب المتبرعين.

وسمحت مواقع التواصل بتعميم الحملات بين المدن، فضلا عن تدويل التبرعات في بعض الأحيان بعد تبرع شخص أوروبي بجهاز "سونار" لأحد المستشفيات، وقيام مواطن عربي آخر بإرسال فلاتر مياه للتعقيم لمدينة أقصى غرب الأنبار.

وتضمنت الحملات جمع تبرعات لشراء أجهزة طبية، كأجهزة غسيل الكلى ومعدات طبية أخرى، فضلاً عن شراء مستلزمات وكتب منهجية دراسية لطلاب المدارس والتبرع للنازحين في المخيمات بمواد غذائية وعينية.



وأوضح الناشط هيثم أحمد أنّ "هذه الحملات المستمرة تأتي بعد يأسنا من الحكومة المركزية إثر مطالبات ومناشدات مستمرة لكن دون جدوى، فقررنا التوجه نحو جمع التبرعات لشراء أجهزة طبية وكتب مدرسية وأثاث للمدارس ومؤسسات الدولة الخدمية لإعادة تأهيلها في المناطق المحررة".

وأضاف أحمد لـ"العربي الجديد": بعد عودة الكثير من النازحين إلى مدن تكريت والرمادي والفلوجة ومناطق أخرى، وجدوا مناطقهم مدمرة بلا بنية تحتية، وخاصة المدارس والمستشفيات والمراكز الطبية التي تمس حياة الأهالي بشكل مباشر".

وبين أن "مواقع التواصل الاجتماعي كان لها دور فعال في نشر الحملات والتفاعل معها في الداخل والخارج، ووصلت تبرعات مكنتنا من شراء أجهزة طبية ومستلزمات دراسية لتأمين احتياجات الأهالي".

بدوره الحقوقي والناشط المدني عبد الله الدليمي، قال إنّ "هذه الحملات لا تقتصر على الناشطين فحسب، بل تشمل رجال دين وإعلاميين ومثقفين وحقوقيين ومنظمات مجتمع مدني ثقة، هدفها جمع التبرعات لتأهيل ما يمكن تأهيله من المدارس والمستشفيات والمؤسسات، فضلاً عن دعم النازحين في المخيمات بالمواد الإنسانية".

وبيّن الدليمي، لـ"العربي الجديد"، أنّ اتحاد الحقوقيين في الفلوجة قام بحملة واسعة لطبع واستنساخ المناهج الدراسية لطلاب المدارس في المدينة وضواحيها بجهود ذاتية بعد جمع التبرعات اللازمة لذلك بسبب يأسنا من الحكومة العراقية".

ولفت إلى أنه "تم توزيع مئات المناهج الدراسية على طلاب المدارس الابتدائية، بسبب النقص الحاد في تلك المناهج بعد أن قمنا بزيارات ميدانية وسجلنا الاحتياجات اللازمة للطلاب". وختم بالقول: "لسان حال الجميع هو ألا تنتظروا من الحكومة خيرا".

وأطلق ناشطون شباب حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تتضمن وسم "#بصمة_فاعل_خير"، لجمع تبرعات لشراء طابعات وأحبار وورق خاص بطباعة الكتب الدراسية للطلاب، ولاقت تفاعلاً كبيراً من الأهالي في مختلف المدن المحررة.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أطلقت حملات أخرى لجمع التبرعات لشراء أجهزة طبية في الفلوجة وتكريت والرمادي، لتأهيل المستشفيات والمراكز الطبية في المدن المحررة، كان منها شراء أجهزة غسيل الكلى بعد أن دمرت أو سرقت من المستشفيات خلال الحرب.

وكتب الناشط أبو بكر خالد العزاوي على صفحته الرسمية: "سيتم في الأيام القادمة إن شاء الله فتح مركز لغسل الكلى في الفلوجة مكون من 4 محطات مقدمة من قبل ثلاثة أشخاص من أهل الفلوجة تبرعوا بها في سبيل الله".

وذات الحال في مدن الرمادي وتكريت، إذ تحملت منظمات المجتمع المدني والناشطون الشباب  جمع التبرعات لشراء الأجهزة الطبية والمستلزمات الدراسية وحتى تنظيف الشوارع.

وقال رئيس منظمة رحمة، حازم الجبوري، إنّ "مناشداتنا لم تتوقف للحكومة المركزية، ولكن دون جدوى، فلم يعد أمامنا سوى تنفيذ حملات واسعة وجمع التبرعات لشراء الأجهزة الطبية والمستلزمات الدراسية في مدينة تكريت، بسبب النقص الحاد في كثير من المستلزمات المطلوبة للأهالي العائدين إليها".

مدينة الرمادي بدورها تعاني نقصاً حاداً في الأجهزة الطبية، والمستلزمات الدراسية بسبب تدمير المستشفيات والمراكز الطبية وتلف محتوياتها وسرقتها، وتضرر المدارس والنقص الحاد في المستلزمات والمناهج الدراسية.

وأضاف الناشط عبد الواحد الدليمي أن "التبرعات التي جمعناها بمساعدة الخيّرين من أهالي الرمادي، شملت شراء أجهزة ومعدات طبية وشراء طابعات صغيرة وأحبار وورق لطباعة كتب منهجية لطلاب المدارس بجهود ذاتية".

من جانبهم، أشاد الأهالي بدور الناشطين ومنظمات المجتمع المدني في إنقاذهم وتوفير ما يحتاجونه، منتقدين في ذات الوقت بشكل لاذع الحكومة المركزية على ما وصفوه بالإهمال.
فيما أعلنت مديرية تربية محافظة ديالى، شرق العراق الأربعاء، عن تأهيل 16 مدرسة من قبل الأهالي عبر حملات تبرع وقيامهم بحملات تنظيف وغسل المدارس وإصلاح مقاعد الدراسة".