العراق: تواصل الاحتجاجات واعتقالات واسعة بالتعاون مع "الحشد"

17 يوليو 2018
تتواصل الاحتجاجات لليوم العاشر(علي حيدر/فرانس برس)
+ الخط -

لليوم العاشر، تتواصل التظاهرات في عدد كبير من مدن جنوب العراق، وسط توقعات أن تشهد الساعات المقبلة تصعيداً جديداً، لاسيما بعد دخول عدد من زعماء القبائل المعروفة على خط الاحتجاجات التي تطالب بتحسين الوضع المعيشي، في حين شنّت قوات عسكرية عراقية، ليل أمس، حملة اعتقالات واسعة، طاولت ناشطين في التظاهرات.

وقالت مصادر أمنية عراقية، إنّ التظاهرات بدأت في ساعة مبكرة من صباح اليوم أثناء تشييع اثنين من قتلى الاحتجاجات في النجف وميسان أحدهما من أسرة زعيم قبلي بارز في جنوب العراق، قتل بنيران حراس مقر لمليشيات "العصائب" حاول المحتجون اقتحامه قبل يومين.

ويتوقع أن تشهد الساعات المقبلة تصعيداً جديداً لحركة الاحتجاجات بعد دخول عدد من زعماء القبائل، عقب اجتماع عقد في مدينة كربلاء في ساعة متأخرة من ليل أمس الاثنين، وفقاً لمصادر أكدت لـ"العربي الجديد"، أن سكوت المرجعية الدينية عن الاحتجاجات يعني تأييدا مطلقا لها، وهو ما عزز موقف المحتجين وكذلك زعماء القبائل الذين اعتبروا القوة المفرطة التي واجهت بها قوات الأمن أبناءهم بمثابة إهانة لمكانتهم.

وكانت القوات العسكرية قد دهمت، في وقت متأخر من ليل أمس، منازل عشرات المحتجين في مدن متفرقة، على خلفية الاحتجاجات التي شملت محافظات عدّة. واعتقلت 3 ناشطين هم عمار النعيمي وصفاء السراي وعلي خريبط، قبل أن تفرج عنهم بعد إجبارهم على التعهد بعدم الخروج في أي تظاهرات، ومنعهم من تدوين أي توجيهات في مواقع التواصل الاجتماعي تحث الناس على الاحتجاج.

وقال مصدر في الشرطة العراقية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القوات العسكرية اعتقلت 15 متظاهراً بتهمة إثارة الشغب في منطقة الشعلة ببغداد"، مبيناً أن "قوات مكافحة الشغب فرقت تظاهرة الشعلة بالرصاص الحي وأغلقت بعض مداخل المدينة".



وتابع أن "قيادة شرطة بغداد وجهت باعتقال أي شخص يحرض على التظاهر، أو يحرق الإطارات ويكتب على الجدران عبارات ضد الدولة العراقية"، لافتاً إلى أن "من يتجاوز أوامر الشرطة، يتم اعتقاله ولا يخرج من التوقيف إلا بأمر من القاضي".

وفي مدينة بابل (جنوب بغداد)، دهمت قوات الجيش بيوت عدد من المحتجين بعد رصدهم بواسطة صورٍ نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال الناشط من بابل، حسين عبد المطلب لـ"العربي الجديد"، إن "الاحتجاجات الليلية التي خرج بها أبناء المدينة في أحياء القاسم والمهدية والسوق الكبير، تم قمعها بالقوة وتفريق المتظاهرين"، مبيناً أن "القوات الأمنية عبر جهازي الاستخبارات والأمن والوطني لاحقت عدداً من المحتجين، بعد التعرف على معلوماتهم الشخصية وأماكن اقامتهم".

وأضاف أن "هناك حملة اعتقالات وملاحقة واسعة، وهو ما دفع بعض المحتجين إلى تغيير أماكن اقامتهم والتوجه إلى أحياء أخرى، وبعض الذين تم اعتقالهم لا نعرف عنهم أي شيء".

من جهة ثانية، أكّد مسؤول محلي في بابل، لـ"العربي الجديد"، أن "أعضاء المجلس المحلي لبابل عقدوا جلسة استثنائية بحضور قائد شرطة المدينة، مع عدد من الشباب ادعوا أنهم ممثلون عن المتظاهرين ليقدموا مطالبهم للحكومة المحلية"، مشيراً إلى أن "مطالبهم تمثلت بغلق إحدى شركات جباية أموال الكهرباء فقط"، وهذا الأمر يخالف ما ينادي به المتظاهرون.

وأضاف "قام مجلس المحافظة بوضع يافطة كُتب عليها (مغلق بأمر مجلس محافظة بابل)، ووضعها على باب شركة الجباية"، موضحاً "بمعنى أن الحكومة قد نفذت مطالب المتظاهرين، وبهذه الطريقة، تحوّل باقي المتظاهرين إلى خارجين على القانون، ويمكن للقوات الأمنية أن تعتقلهم جميعاً".

وفي النجف، اعتقلت القوات العراقية أربعة محتجين، تم تعذيبهم على يد أفراد مليشيات "عصائب أهل الحق"، بحسب متظاهر رفض ذكر اسمه، وقال لـ"العربي الجديد"، إن "جهازي الاستخبارات والأمن الوطني يقومان بعمليات اعتقال لبعض المتظاهرين من بيوتهم، بالتعاون مع عصائب أهل الحق"، مؤكداً أن "أربعة متظاهرين تم اقتيادهم من منازلهم بعد انتهاء التظاهرة مساء أمس الاثنين، بواسطة أفراد من العصائب، وتعذيبهم بالضرب والإهانة، وتدخل رجال دين ووجهاء، حتى تم تخليصهم مع الاشتراط بعدم الخروج للاحتجاجات مرة أخرى".

إلى ذلك، شهدت البصرة، وهي نقطة انطلاق التظاهرات، حملة اعتقالات نفذها مسلّحون مجهولون.

وأوضح أحد المتظاهرين لـ"العربي الجديد"، أن "أرقاماً غريبة تتصل بهواتف بعض الناشطين، ويتم استدراجهم ومعرفة أماكنهم بعد ترك ساحة الاحتجاج، وتتم عملية الاعتقال"، مبيناً أن "المحتجين الذين تم اعتقالهم، بواسطة مسلحين مجهولين، تم اخراجهم بعد ساعات، ولكنهم عادوا مضرجين بدمائهم من أثر التعذيب".

إلى ذلك، قال رئيس الوزراء، حيدر العبادي، إنه يدعم التظاهر السلمي، مشيراً إلى وجود من يريد التخريب.

وأكد المكتب الإعلامي للعبادي، في بيان، أن الأخير أبلغ وفداً من النجف بأن "المطالب الحقيقية مهمة، لكن هناك من يريد التخريب كي تتراجع النجف اقتصادياً"، مشدداً على أن "الأمن هو أساس الحياة".

وأضاف "اتخذنا قراراً بإلغاء الإدارة السابقة لمطار النجف، وعادت الرحلات للمطار"، موضحاً أن "العراق مر بظروف خطيرة باحتلال تنظيم داعش الإرهابي جزءاً من أراضيه، لكنه عاد أقوى من السابق أمنياً وعسكرياً واقتصادياً".

المساهمون