العراق: تنازلات عبد المهدي ترمم علاقته مع تحالف "البناء"

18 اغسطس 2019
قدّم عبد المهدي تنازلات لكتل تحالف "البناء" (توماس كوهلر/Getty)
+ الخط -
تمكّن رئيس الحكومة العراقية، عادل عبد المهدي، من استغلال العطلة التشريعية للبرلمان، لخلق أجواء للتقارب مع كتل سياسية رئيسة، والحصول على دعمها خلال الفصل التشريعي المقبل، وتحديداً تحالف "البناء" الذي يعدّ أحد أبرز أطراف العملية السياسية في العراق، والذي يضم كتل "الفتح" بزعامة هادي العامري، و"دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، إلى جانب كتل سياسية أخرى.

وبحسب مسؤول حكومي تحدّث لـ"العربي الجديد"، فإنّ "عبد المهدي تواصل خلال العطلة التشريعية للبرلمان مع قادة تحالف البناء، وفتح معهم الملفات الحساسة"، موضحاً أنّ "أهم الملفات التي تمّ بحثها بتفصيل دقيق، قراره بإعادة هيكلة الحشد الشعبي وضمه إلى المؤسسة العسكرية، وقرار سحب فصيل الحشد الشبكي من الموصل، وتوزيع الدرجات الخاصة، وملف وجود معسكرات الحشد داخل المدن".

وأكد المسؤول أنّ "عبد المهدي قدّم تنازلات لتلك الكتل بشأن تلك الملفات، ومنحها فرصة شهرين لإعادة هيكلة الحشد، وستكون هناك مهلة أخرى لاحقة تكون سبباً للتخفيف من قرار الهيكلة. كما أنه منحها عدداً من المناصب الثانوية المهمة، والتي من أبرزها منصب المفتش العام بوزارة الدفاع، ومن ثمّ قدّم لها تسهيلات بشأن بقاء معسكرات الحشد داخل المدن".

وأشار المسؤول إلى أنّه "مقابل ذلك، استطاع عبد المهدي أن يحصل على وعود بالدعم له خلال الفصل التشريعي المقبل، لا سيما أنّ هناك جهات سياسية تريد الضغط على الحكومة ومحاولة إقالتها". وأكد أنّ "الدعم السياسي يخدم الحكومة بشكل عام، إذ إنّه يمنحها فرصة للتخلّص من الضغوط السياسية التي تعرقل أحياناً عملها، والتي قد تكون هناك مصالح سياسية معينة للجهات التي تقف وراءها".

ومع هذا التطور السريع على مستوى العلاقة السياسية، أكد تحالف "البناء" عزمه على إنجاح حكومة عبد المهدي خلال الفترة المقبلة. وقال رزاق محيبس، النائب عن تحالف "الفتح"، الممثل للحشد الشعبي (جزء من تحالف البناء)، إنّ "تحالفنا يعمل على مراقبة الأداء الحكومي بشكل عام، وكنا قد منحنا الحكومة وعبد المهدي مدداً زمنية متماشية مع برنامجه"، موضحاً في تصريح تلفزيوني أنّ "تقييمنا للأداء الحكومي سيصدر قريباً، وستعلن نتائجه".

وأكد محيبس أنّ "الحكومة قد ورثت مشاكل كبيرة من الحكومات السابقة، وعبد المهدي لا يمكنه إنجاز البرنامج الحكومي والإصلاحات في أشهر، فمن سبقوه لم يستطيعوا تحقيق الإنجازات في سنوات عدّة، ولهذا يجب أن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار"، مضيفاً "نحن منحنا عبد المهدي عامين كفرصة له، ومن بعدها سيتم تقييم عمل حكومته واتخاذ ما يتناسب مع ذلك".

وتابع محيبس "نحن عازمون على إنجاح حكومة عبد المهدي، إذ إنه في حال فشلت، فإنّ الفشل سيحسب علينا"، مشدداً على أنّ "الحلّ لا يكمن بتغيير رئيس الوزراء، بل بتنفيذ فقرات البرنامج الحكومي وتعاون الكتل السياسية مع عبد المهدي. الحل يكمن أيضاً بتطبيق القانون وبناء هيبة الدولة". ودعا محيبس الكتل السياسية إلى أن "تقدّم الدعم لعبد المهدي، ولا سيما القوى الفاعلة الممثلة بالبرلمان"، معتبراً أنّ "هناك مشاكل عميقة جداً يفترض بالقوى السياسية أن تعمل على حلها، فهي مشاكل سياسية لا تتحملها الحكومة". وأكّد أنّ "عبد المهدي لا يمكنه لوحده تجاوز المحنة".

ورأى محيبس أنّ "هناك تقدماً ملحوظاً بأداء الحكومة، وقد قطع عبد المهدي شوطاً كبيراً بالقضاء على الفساد، والضرب على يد الفاسدين"، مرجحاً أن "تشهد السنة الثانية من عمر الحكومة، انطلاقة جديدة بعملها وعمل البرلمان، وانعطافة بالتعاطي مع الملفات وحلها بطريقة مرضية وإيجابية تنعكس على الشعب العراقي".

من جهته، دعا النائب عن تحالف "المحور"، مثنى السامرائي، إلى "تعميق الحوار بين الكتل السياسية، وتوحيد المواقف للوصول إلى رؤية مشتركة تنتشل البلد من الوضع المتردي الذي يعيشه"، مؤكداً في بيان صحافي أخيراً، على ضرورة "تصحيح مسار العملية السياسية بما يجعلها قادرة على تحقيق الإنجازات التي يطمح لها المواطن".

وفي حال نجح عبد المهدي بحراكه لاستمالة تحالف "البناء" بثقله السياسي، سيكون قد استطاع سحب البساط من تحت الكتل التي تسعى لإقالة حكومته أو جزء منها، بحسب ما رآه مراقبون.

وفي السياق، قال الخبير السياسي، سالم الزهيري، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "خطوات عبد المهدي ستقوّي حكومته بشكل كبير، فهو لا يستطيع أن يستميل الأطراف السياسية كافة، في وقت يحتاج فيه إلى طرف برلماني داعم له". وأكد أنّ "الحكومة ستكون بمأمن من محاولات إسقاطها، ولو جزئياً، في حال نجاح مسعى عبد المهدي". وأشار الزهيري إلى أنّ "الظرف والأزمات الحالية مناسبة للربط بين مصالح الحكومة، وتحالف البناء، وتمهّد الطريق للتقريب بينهما".

يشار إلى أنّ موقف الحكومة في الفترة الماضية كان هشاً، كون رئيسها (عبد المهدي) لا يملك كتلة برلمانية له، الأمر الذي دفعه لبناء علاقات مع الكتل القوية، وبالتأكيد تلك العلاقات تبنى على أساس المصالح المشتركة.

المساهمون