العراق: انقلاب أبيض ضد المالكي بانتظار مفاجآته العسكرية

11 اغسطس 2014
انتشار مسلح ببغداد وحظر تجوال ليلاً (صباح عرار/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

نجحت المساعي الأميركية مع محور أربيل ــ النجف في الإطاحة برئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، نوري المالكي، من داخل بيته السياسي. فقد أدّت الضغوط التي مارستها المرجعية الدينية الشيعية، في النجف، وتحركات السفير الأميركي في بغداد، ستيف بيكروفت، منذ الساعات الأولى لصباح، اليوم الإثنين، بإقناع 38 عضواً في كتلة "ائتلاف دولة القانون" بالإنقلاب على المالكي، والانضمام إلى "التحالف الوطني"، مع ضمان أن يكون المرشح منهم، وهو ما جرى، عبر اختيار القيادي في الائتلاف، حيدر العبادي، رئيساً للوزراء.

وقاد الانقلاب الداخلي في كتلة المالكي، نائبه في رئاسة الحكومة، ومساعده الأيمن، حسين الشهرستاني، والذي وُصف بأنه "عراب الانقلاب".

وقال المتحدث باسم "التحالف الوطني" الشيعي، أحمد جمال، لـ"العربي الجديد"، إن "127 نائباً عن التحالف رشحوا العبادي، لتولي رئاسة الحكومة المقبلة، وهم يُشكّلون الغالبية في التحالف وبات المالكي، من دون صلاحية قانونية أو دستورية له".

وأوضح جمال أن "عملية التصويت جرت داخل مقر التحالف، ظهر اليوم الإثنين".

وأضاف أن "الكتل التي صوتت لصالح العبادي، هي: 38 عضواً عن كتلة دولة القانون، 34 عن كتلة الأحرار، التابعة للتيار الصدري، 31 عن كتلة المواطن، التابعة لرئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، عمار الحكيم، ستة عن كتلة مستقلون، وستة عن كتلة الفضيلة". وبعد اختيار العبادي، سُلّم كتاب الترشيح الى الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، الذي أقرّه رسمياً، وصادق عليه في كتاب جمهوري رسمي. 

من جهته، قال القيادي في "التحالف الوطني"، طه الكناني، إن "معصوم، أصدر كتاب تكليف العبادي، بتشكيل الحكومة خلال 30 يوماً اعتباراً من صباح، يوم غد الثلاثاء".

وأوضح أن "اجتماعاً عقد بين رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ومعصوم، بحضور رئيس التحالف الوطني، ابراهيم الجعفري، تمّت خلاله المصادقة على اسم العبادي". 

في المقابل، أشار أحد الأعضاء المنشقين عن كتلة "دولة القانون"، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إلى أنهم "أخلوا منازلهم التي يقيمون فيها بالمنطقة الخضراء، خوفاً من ردة فعل المالكي".

وكشف العضو الذي ينتمي إلى حزب "الدعوة"، أنه "رغم عدم قناعتنا بإجراءات المالكي الأخيرة لكن الرسائل التي وجّهتها المرجعية في النجف، والضغوط الأميركية، من أن لا مساعدات للعراق في حربه مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، في ظلّ حكم المالكي، جعلنا ننحاز إلى التحالف، والذهاب بعيداً عن رئيس الوزراء الحالي".

وأشار إلى أن "الجميع ينتظر الآن ردة فعل المالكي، التي لن تكون سهلة، وقد تنعكس على الواقع الأمني".

ويتخوّف سياسيون من سحب المالكي، لقطعات الجيش المحيطة ببغداد، وإفساح المجال للفصائل المسلحة لدخول العاصمة، ليتسنى له إعلان حالة الطوارئ ونسف خطوة التحالف.

ورحّب القيادي في "التحالف الكردستاني"، حمة أمين، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بانتخاب العبادي، واصفاً إزاحة المالكي، بـ"الخطوة الأولى لراحة البلاد".

وقال "إن محور أربيل ــ النجف، نجح في إزاحة الرجل رغم محاولاته الانقلابية، وساعدنا الموقف الأميركي الضاغط على الأصدقاء في التحالف الوطني، في ذلك، عبر التخلّي عن التردد والإسراع باختيار أي مرشح غير المالكي".

 وسارع "المُبعد سياسياً"، المالكي، بإعلان رفضه التنحّي وعملية اختيار العبادي، خلفاً له. وذكر في بيان صدر عنه، أن "عملية الاختيار غير شرعية، وأن كتلة، دولة القانون، لا يمثلها أشخاص، ولها رئيس ممثل عنها في التحالف، ونطعن بذلك". وأضاف أن "المحكمة الاتحادية هي من يقرر ذلك".

وبإعلان المالكي، الرافض لآلية اختيار رئيس الوزراء الجديد، تكون التوقعات مفتوحة على مفاجأة قد يفجرها.

ولفت مصدر في "التحالف الوطني"، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "هذ الرجل لن يقبل بالهزيمة بسهولة، وسيحاول خلق مشاكل أمنية كبرى في العاصمة، ومدن الجنوب".

وأضاف "عقدنا الاجتماع في منزل يعود لأحد أعضاء التحالف، في جنوب شرق بغداد، لانتخاب العبادي، خشية أن يعلم به المالكي، ويدخل بقواته علينا، ونحن لا نتوقع منه مغادرة المنطقة الخضراء بسرعة".

وبحسب المعطيات على الأرض، يُتوقع أن يتمسك المالكي بموقعه الحالي، رافضاً عملية تنحيته، مستقوياً بنحو 120 ألف من قوات النخبة التابعة لمكتبه، والتي ينحدر أغلب أفرادها من مدينة طويريج، مسقط رأس المالكي، ويديرها بشكل مباشر نجله، أحمد.

وسيتمسك المالكي، بحقه الدستوري الأخير، وهو الدفع باتجاه استحصال قرار قضائي يطعن بآلية اختيار العبادي، وهو ما قد يتيح له الاستمرار في منصبه المسلوب من الشرعية الدستورية لأسابيع طويلة.

غير أن ما يُخشى منه، ويتداوله السياسيون العراقيون همساً، ويعلنون جزءاً منه، أن يُقدم المالكي على ارتكاب حماقة خطيرة عبر منح "داعش"، أو الفصائل المسلّحة فرصة، لاقتحام جزء من المناطق الغربية والشمالية من العاصمة، ونقل المعركة الى داخلها بشكل يلغي الحراك السياسي وعملية التكليف، ويُناط بالمالكي كقائد عام للقوات المسلحة، مهمة إدارة شؤون البلاد بشكل مؤقت تحت غطاء قانون الطوارئ للعام 2005.

وما يؤكد ذلك هو إعلان مستشارة المالكي للشؤون الإعلامية، مريم الريس، في بيان لها صدر عقب تسمية العبادي، أن "عملية الترشيح غير قانونية ولا يعتد بها، والمالكي باقٍ في منصبه كرئيس وزراء، حتى عودة التحالف إلى القانون".

ولعل نشر المالكي قوات من الجيش والمليشيات المسلحة في بغداد، وإحاطة مكاتب وكالات الأنباء العالمية والصحف ومجمع الإذاعة والتلفزيون العراقي، وتطويق مكاتب ممثلي المراجع الدينية، فضلاً عن فرض حظر تجوال يومي على بغداد، يبدأ من الساعة الحادية عشر ليلاً وحتى الخامسة فجراً، يؤكد أن العراق مفتوح على فضاء واسع من المفاجآت قبل أن يتخلى المالكي، عن منصبه في رئاسة البلاد المنهكة طائفياً.

 

المساهمون