من المقرر أن يقدّم رئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي، يوم غد الأحد، قائمة جديدة بأسماء وزراء حكومته، بعد رفض القائمة الأولى من قبل القوى السياسية الشيعية على وجه التحديد. ويأتي ذلك مع استمرار مواجهته تحدي تجاوز الخلافات بين الكتل السياسية نفسها التي تتصارع حتى الآن على ست وزارات مهمة تدعي كل كتلة أحقيتها بها، هي الدفاع والداخلية والخارجية والمالية والنفط إضافة إلى وزارة الكهرباء، وهي أكثر الوزارات أهمية عدا عن كونها تحظى بأكثر المخصصات المالية.
ولاقت التشكيلة الوزارية التي عرضها الكاظمي، الأربعاء الماضي، على قادة ست كتل سياسية شيعية، أبرزها "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، و"الفتح" بزعامة هادي العامري، و"سائرون" التابعة لرجل الدين مقتدى الصدر، والتي حضر عنها كممثل القيادي بالتيار الصدري نصار الربيعي، الرفض، على الرغم من وجود بعض الشخصيات المعروفة في الوسط العراقي بكفاءتها واستقلاليتها في قائمة الوزراء. وجاء الرفض من بعض الكتل لجميع الوزراء، فيما اعترض بعضها الآخر على أسماء محددة.
وقالت مصادر مقربة من رئيس الوزراء المكلف، لـ"العربي الجديد"، إنّ الأخير فشل في إقناع القوى السياسية بأهمية وجود شخصية مستقلة على رأس الوزارات الأمنية، ووجود شخصية أكاديمية غير مسجل عليها أي موقف اصطفافي بالملف الإيراني الأميركي، مؤكدةً كذلك أنّ الكاظمي يواجه رفضاً لأكثر من سبب في وزارات مثل النفط والصناعة والكهرباء والمالية والداخلية؛ فعدا عن رفض أسماء تقدّم بها لشغل هذه الوزارات، الكتل السياسية نفسها من داخل المكون الواحد تتصارع للحصول على تلك الوزارات.
وكشف عضو في البرلمان مقرب من رئيس الوزراء المكلف، أنّ "القوى السياسية أبلغت الكاظمي بشكل واضح بأنها لن تصوت بمنح الثقة لحكومته في حال لم يغيّر قائمة وزرائه"، موضحاً أنه "من المقرر أن يعقد اجتماع، مساء غد الأحد، للاطلاع على قائمة وزراء معدلة يقدمها الكاظمي، مع استمرار حواراته الجانبية مع الكتل ذاتها".
وأكد النائب لـ"العربي الجديد"، أنّ الخلافات على وزارات الداخلية، والدفاع، والنفط، والكهرباء، والمالية، تدور بين كتل المكون الواحد، إذ يعتبر "التيار الصدري" أنّ وزارة الداخلية من حقه، بينما تصرّ كتلة "بدر" عليها. وأشار إلى أنّ هناك صراعاً بين الكتل السياسية السنية وكتلة "الوطنية" بزعامة إياد علاوي على حقيبة الدفاع، وصراعاً بين كتلة "دولة القانون" وتيار "الحكمة" على وزارة النفط، مع رفض سياسي شيعي لشرط الأكراد بالإبقاء على وزير المالية الحالي فؤاد حسين، وسط تهديد تلك القوى من الموافقة على هذا الشرط، مؤكداً عدم التوصل إلى اتفاق بين الكتل على هذه الحقائب.
يُذكر أن رئيس الجمهورية برهم صالح قام في التاسع من شهر إبريل/ نيسان الحالي، بتكليف الكاظمي بتشكيل الحكومة الجديدة. وبحسب الدستور، فإنه أمام رئيس الوزراء المكلف شهر واحد لتقديم تشكيلته للبرلمان من أجل التصويت عليها، ينتهي في التاسع من الشهر المقبل، وسط مخاوف من تكرار سيناريو محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي مع الكاظمي، بعدم منحه الثقة في البرلمان، وإجباره على تقديم اعتذاره، بسبب عدم منح القوى السياسية ما تريده من الحقائب الوزارية.
في السياق، أكّد القيادي في ائتلاف "دولة القانون" سعد المطلبي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الكابينة الوزارية التي قدمها الكاظمي لاقت رفضاً سياسياً كبيراً"، لافتاً إلى أنه "لا يمكن تمرير هذه الكابينة في البرلمان، إذ يجب إجراء تعديلات جوهرية عليها حتى يضمن الكاظمي حصوله على ثقة النواب، خصوصاً أنّ هناك كتلاً ليس لها ثقل برلماني حصلت على عدد من الوزارات، من خلال ترشيح شخصيات تابعة لها". وأوضح المطلبي أنّ "حظوظ الكاظمي تراجعت عن السابق كثيراً، خصوصاً بعد عرض تشكيلته الوزارية، ويبقى انتهاء هذه الحظوظ أو زيادتها مرهوناً بالحوارات والمفاوضات التي تجري بين رئيس الوزراء المكلف والقوى السياسية".
من جهته، قال النائب عن تحالف "الفتح" فاضل الفتلاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "التشكيلة الوزارية غير نهائية، فهناك الكثير من الأسماء ما زالت تتداول في الحوارات والمفاوضات، وهذه الكابينة قابلة للتغير والتعديل"، مضيفاً: "نعتقد أنّ الكابينة الوزارية النهائية، والتي ستصل إلى البرلمان للتصويت عليها ستكون مختلفة تماماً عن الحالية المسربة، فالحوارات مستمرة ولن تتوقف، وهناك أجواء إيجابية لحل كل الخلافات والاختلافات في الساعات المقبلة". وتابع "إذا حُلّت الخلافات كافة، فستكون جلسة التصويت على الحكومة الجديدة في الأسبوع المقبل".
في المقابل، أكد تحالف "سائرون" التابع لزعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، أنّ موقفه هو "رفض ترشيح أي شخصية مجربة سابقاً، أو كانت جزءاً من حالة الفشل". وقد قال النائب في التحالف عباس عليوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "حتى الساعة لم يتم عرض الكابينة الوزارية للحكومة الجديدة بشكل رسمي، فهي ما زالت قيد التفاوض بين الرئيس المكلف والقوى السياسية". وشدّد على "ضرورة عدم تكرار الكاظمي تجربة الحكومات السابقة، في تشكيل حكومة وفق نظام المحاصصة السياسية والطائفية، فهذا الأمر ربما يدفع إلى عدم التصويت على حكومته في البرلمان".
وحول ذلك، قال الخبير في الشأن السياسي العراقي، محمد التميمي، إنّ "عدم رضوخ الكاظمي لإملاءات الكتل وشروطها يعني أنه سيواجه مصير علاوي والزرفي"، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "جميع القوى السياسية أثبتت أنها ليست بمعرض التنازل عما تعتبره حصتها في الحكومة والوزارات التي حولتها إلى مكاتب مصالح مالية وعلاقات تابعة لها، تمول من خلالها مشاريعها الحزبية والسياسية". ورأى التميمي أنّ "هناك كتلاً سياسية باتت تفضل الإبقاء على (رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل) عبد المهدي، لأنّ مصالحها المالية والسياسية انتعشت في زمنه. لذا سيناريو فشل الكاظمي غير مستبعد".