العراق: الزواج مهمة مستحيلة لضحايا الحرب على "داعش"

27 ابريل 2018
خلفت الحرب عددا كبيرا من المعوقين (صافين حمد/فرانس برس/Getty)
+ الخط -



سجّلت الحرب التي خاضتها القوات العراقية ضد تنظيم "داعش"الإرهابي، والتي استمرت لأكثر من ثلاث سنوات، عددا كبيرا من المعوقين الذين فقدوا القدرة على مواصلة حياتهم بشكل طبيعي، من المقاتلين أم المدنيين على حد سواء.

وعلى الرغم من انتهاء الحرب بالنصر على "داعش"، إلا أن عودة هؤلاء واندماجهم في المجتمع بات أمرا صعبا، لا سيما إذا تعلق الأمر بزواجهم الذي أصبح يُمثل عملية معقدة.

علي الفلاحي، الشاب الذي فقد ذراعه ويده في قصف جوي على مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار (غرب العراق) خلال العمليات العسكرية التي شهدتها المدينة عام 2016، يقول إنّه فقد القدرة على العمل وإعالة الأسرة التي قد تنشأ عن زواجه، مؤكدا لـ "العربي الجديد" أنه ألغى فكرة الزواج نهائياً.

وأضاف الفلاحي البالغ من العمر (34 عاماً) "حين أخرج في الصباح وأرى مئات الشباب الأصحاء وهم يتجمعون في مَسطَر(المكان الذي يتجمع فيه عمال البناء) الفلوجة بحثاً عن عمل أجد أن الزواج بالنسبة لي تحول إلى أمر مستحيل".

وأضاف "إذا كان كل هؤلاء يخرجون منذ الفجر للبحث عن عمل ولا يجدونه إلا بشق الأنفس، فكيف لي أنا المعوق أن أواصل حياتي بعزّ وأتزوج وأكوّن أسرة"، مبينا أن الأحاديث عن منح مساعدات للشباب ما هي إلا أكاذيب يروّج لها بعض السياسيين والمسؤولين والجمعيات التي تسمي نفسها بالخيرية.

ولا يختلف الحال كثيرا مع مصطفى عبد الكريم، الذي عمل عنصرا بالشرطة الاتحادية العراقية لحين تعرضه لإصابة تسببت في بتر إحدى ساقيه وإصابة الأخرى خلال معارك تحرير الموصل من سيطرة تنظيم "داعش"، إذ يؤكد أن وحدته العسكرية تخلت عنه بمجرد إصابته.

وأضاف "بعد إصابتي ونقلي إلى مدينة الطب ببغداد، جاء أحد زملائي بظرف فيه مليونا دينار عراقي فقط (ما يعادل 1600 دولار أميركي) وبعدها لم أشاهد أحدا منهم على الرغم من علمهم ببتر ساقي وتدهور حالتي الصحية".

وقال"بعد نحو شهر علمت بإنهاء خدمتي في الشرطة الاتحادية دون حصولي على أي حقوق"، مؤكدا لـ "العربي الجديد" أن هذا الأمر استنزفه وهو يراجع دوائر الدولة العراقية للحصول على حقوقه دون جدوى.

وأشار إلى أن الحادث الذي تعرض له فرّق بينه وبين خطيبته التي تركته بسبب الإعاقة وتزوجت شخصا آخر، مبينا أنه يحلم الآن كأي شاب في مطلع الثلاثينيات من العمر بالزواج وتكوين أسرة، لكن هذه الأحلام صعبة التحقيق في ظل الظروف الحالية، بحسب قوله.

 


"لا بد أن تتولى مؤسسات الدولة العراقية مهمة إعادة تأهيل ضحايا الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي، والعمل على تسهيل اندماجهم في المجتمع"، يقول الباحث الاجتماعي واثق الربيعي لـ "العربي الجديد"، مبيناً أن عددا كبيرا من حالات الطلاق سجل بعد تعرض الزوج للإعاقة، فضلا عن رفض النساء للأشخاص المعاقين الذين يتقدمون للزواج منهن.

وشدد على ضرورة الاهتمام بهذا الأمر، وتشكيل فرق خاصة للوصول إلى الأعداد الحقيقية للأشخاص الذين فقدوا القدرة على الزواج بسبب إعاقتهم وتنظيم برامج خاصة لحل مشاكلهم.