أرجأ البرلمان العراقي جلسته المخصصة للتصويت على منح الثقة لحكومة محمد توفيق علاوي، إلى يوم الأربعاء، بعدما كان متوقعاً عقدها اليوم الاثنين، وذلك بسبب تعثّر التوصل إلى تسوية بشأن الخلافات القائمة بين قوى عربية سنّية، وأخرى كردية، فضلاً عن نواب المكون المسيحي، تتعلق بآلية اختيار الوزراء ومفهوم الحكومة المستقلة التي أعلنها علاوي، فضلاً عن البرنامج الانتخابي.
وأعلن نائب رئيس البرلمان العراقي حسن الكعبي، في بيان أمس، أن جلسة البرلمان لمنح الثقة لحكومة علاوي، قد تقرر تأجيلها إلى الأربعاء المقبل، من دون أن يبيّن سبب ذلك، أعقبه بيان آخر لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي ظهر أمس، دعا فيه هيئة رئاسة البرلمان، المكوّنة منه ومن نائبيه حسن الكعبي وبشير حداد، إلى اجتماع طارئ لبحث تشكيلة الحكومة العراقية وبرنامجها بهدف تحديد موعد جلسة التصويت عليها.
وكانت التوقعات حتى منتصف ليل السبت-الأحد، تشير إلى عقد جلسة برلمانية اليوم الاثنين، بنصاب النصف من خلال القوى الداعمة لعلاوي، وهي كتل "سائرون"، والفتح"، و"دولة القانون"، و"صادقون"، وكتل برلمانية أخرى، منها نواب من العرب السنّة والأكراد نجحت جهود بذلها مستشارو علاوي نفسه، وكذلك القيادي في "حزب الله" اللبناني، محمد كوثراني، في إقناعهم بدعم حكومة علاوي والتصويت لها.
وقال أحد المصادر الثلاثة الذي شارك في اجتماع يوم السبت الماضي لقيادات سياسية في المنطقة الخضراء، لـ"العربي الجديد"، إن الإيرانيين يرغبون بحكومة مستقرة في العراق بلا أزمات سياسية، ويعتبرون فرض الحكومة بأغلبية برلمانية حتى وإن كانت أغلبية مريحة، سيؤدي إلى مواجهتها مشاكل كثيرة غير تلك المتعلقة بموضوع التظاهرات، كذلك فإنها قد تكون حجة لإضعاف شرعيتها غربياً وحتى عربياً.
وأوضح أن القوى السياسية الداعمة لحكومة علاوي قررت التريث بعقد الجلسة لمنح فرصة لمشاورات جديدة مع "تحالف القوى العراقية" بزعامة محمد الحلبوسي، والحزب "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، كاشفاً عن أن علاوي قد يبدي مرونة اليوم ويوم غد في مفاوضات مفترضة مع الطرفين تتعلق بتشكيلة الحكومة، وكذلك البرنامج الوزاري لها، الذي تصرّ عدة قوى على أن يتضمن التزام الحكومة تحديد موعد ثابت لانتخابات مبكرة، وأن تتعهد الحكومة بإغلاق ملف المختطفين والمغيبين، والمدن التي ترفض فصائل مسلحة مرتبطة بإيران تركها وإعادة أهلها إليها منذ سنوات، مثل جرف الصخر والعويسات ويثرب والعوجة وسنجار ومناطق أخرى، فضلاً عن تعويض ضحايا العمليات الإرهابية والأخطاء العسكرية في المدن المحررة من تنظيم "داعش".
ومن المقرر أن يُعقد في الساعات القليلة المقبلة اجتماع بين رئيس الوزراء المكلف وعدد من النواب وقادة الكتل السياسية حول الأزمة ذاتها، بحسب مصادر لـ"العربي الجديد"، أكدت أن اجتماعاً سيعقد أيضاً بالوقت ذاته في مصيف صلاح الدين بأربيل بين البارزاني وممثلين عن حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني".
وقال عضو الحزب "الديمقراطي الكردستاني" محمد أمين، لـ"العربي الجديد"، إن "الطرح الحالي للحكومة غير سليم، فهم يرفضون ترشيح الأحزاب للوزراء، بينما رئيس الوزراء هو مرشح الأحزاب، ومن جهة أخرى يقولون إن الحكومة مستقلة فيما يُختار وزراء بمراعاة تشكيلة طائفية"، لافتاً إلى أن "بعض القوى السياسية في بغداد تستخدم مبدأ حلال علينا حرام على غيرنا"، مؤكداً أن "تقديم تنازلات من كل الأطراف مطلوب، والأكراد لا ينوون أن يكونوا معرقلين، وفي الوقت نفسه لا يريدون التفريط بحقوق إقليم كردستان".
من جهته، قال القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "الخلافات السياسية ما زالت مستمرة، من دون أي حلول بين القوى السياسية السنّية والكردية ورئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي. فهذه القوى ما زالت تطالب بحصص ومغانم في الحكومة الجديدة، لكن القوى السياسية الشيعية، بسبب ضغط الشارع العراقي عليها تنازلت عن تلك المغانم والحصص". وأضاف: "إذا عقد مجلس النواب جلسته، فالحضور سيكون ضعيفاً، ولن يحقق النصاب القانوني، ولهذا فإن التفاوض الذي يوصل إلى نتائج وحلول ترضي الأطراف كافة هو الخيار الوحيد".
وأكد القيادي في التيار الصدري أنه "في حال استمرار فشل البرلمان والقوى السياسية في التصويت على حكومة مستقلة ومهنية، سيكون لنا موقف، وكلام زعيم التيار مقتدى الصدر كان واضحاً بالضغط على القوى السياسية والبرلمان من خلال تظاهرة مليونية ومحاصرة المنطقة الخضراء بالاعتصامات الشعبية، والتيار جاهز لهذا التصعيد، وهو بانتظار أوامر الصدر فقط".
أما الخبير القانوني العراقي علي التميمي، فأكد في تصريحات صحافية أن "البرلمان يستطيع عقد جلسة التصويت على الحكومة بعد طلب يقدّمه أكثر من 50 نائباً لعقدها"، مضيفاً أن علاوي "يجب أن يسلم البرلمان منهاجه الوزاري وأسماء الكابينة قبل عقد جلسة البرلمان الطارئة، وفق النظام الداخلي للبرلمان".
في المقابل، قال المحلل السياسي عبد الله الركابي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك عوامل كثيرة مشتركة بين القوى السياسية من مختلف المكونات، وهذه المشتركات دفعت إلى عدم عقد جلسة للبرلمان إلا بحصول بتوافق واتفاق بين هذه الجهات كافة". ولفت الركابي إلى أن "تهديد بعض القوى السياسية بعقد جلسة برلمانية، من دون وجود قوى سياسية سنّية وكردية، كان من أجل الضغط عليها لتقديم تنازلات بشكل أكبر، لكن عند اقتراب موعد الجلسة رفضت تلك القوى عقد أي جلسة من دون مشاركة جميع الكتل، وهذا بسبب المشتركات الكثيرة بين تلك القوى". وأضاف أن "مجلس النواب إذا عقد جلسة بلا توافق بين القوى السياسية، فالجلسة ستفشل".