أغلق التحالف الوطني الحاكم في العراق الباب أمام تسوية زعيمه، عمار الحكيم، والذي أُحبط بعد الجهود الكبيرة التي بذلها لتمريرها، ليدير بوصلة تحرّكاته ويوجهها نحو تحالفه الوطني من جديد محاولاً تعويض هذه الخسارة وساعياً لترميم تصدّع التحالف الوطني ولملمة شتاته، خصوصاً بعدما أعلن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أنّه خارج التحالف، وانتقده مرّات عدّة، كما ضرب تسوية الحكيم بالصميم.
وقال مسؤول قريب من التحالف الوطني، لـ"العربي الجديد" إنّ "الحكيم أدرك أخيراً، أنّه لا يستطيع الانفراد برأيه والاعتماد على الجهات الخارجية فقط لإنجاز مشاريعه التي يسعى لتنفيذها كرئيس للتحالف"، مبيناً أنّ "الحكيم وبإطلاقه التسوية التاريخية واجه مواقف من داخل تحالفه الوطني أحبطته، وعمّقت الخلاف والأزمات الداخلية".
وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنّ "التسوية رفضت من داخل التحالف الوطني ومن أغلب كتله، لينتهي المطاف بقطع الطريق أمام المشروع"، مبيناً أنّ "الحكيم الذي تنبه أخيراً، إلى خطورة ذلك، يواجه اليوم تصدّعات جديدة وعميقة داخل تحالفه الوطني والذي هو رئيسه والمسؤول الأول عنه، الأمر الذي دفعه الى محاولة تعويض خسارته بالتسوية بالتقرّب لكتل التحالف ومنها كتلة الصدر التي تبنّت موقفاً متشنجاً من التسوية ومن التحالف الوطني".
وأضاف أنّ "الحكيم بدأ بلقاءات مع مسؤولي تيّار الصدر، وسيلتقي أيضاً بزعيم التيّار مقتدى الصدر، ساعياً الى إعادته الى حضن التحالف"، مبيناً أنّ "تلك المفاوضات بدت مع بدايتها عقيمة جداً"، ولفت إلى أنّ "الصدر لديه شروط قد يصعب على الحكيم وغيره تنفيذها حالياً، خصوصاً أن الصدر طالب بإنهاء مشروع التسوية، وتقييد زعيم ائتلاف دولة القانون بشروط عدّة".
ولم يستبعد المسؤول "استعانة الحكيم بجهات خارجية كإيران وغيرها للتأثير على الصدر، ومحاولة ضمّه من جديد للتحالف الوطني".
من جهته، أكد نائب في التحالف الوطني، أنّ "التحالف ما زال ينظر الى التيّار الصدري على اعتباره جزءاً من التحالف لم يخرج عنه".
وقال النائب عن التحالف كامل الزيدي، إنّ "تحالفه على قناعة تامة بأنّ التيار سيكون معنا في أي وقت"، مبيناً أنّ "التيار الصدري، وحتى هذه اللحظة، لم يخرج رسمياً من التحالف، وهو باق ضمن خيمته".
وأضاف أنّ "مكونات التحالف عموماً مضت لتشكيل لجان فنية داخليـة تعمل ضمن إطار التحالف، وأنّ حصة التيار الصدري في عضوية هذه اللجان لا تزال محجوزة ولم تشغل من غيرهم"، مشيراً الى أنّ "زعيم التيار الصدري لديه ملاحظات تتعلق بعمل التحالف الوطني ونحترم ذلك، لكن بالنتيجة النهائية لدينا القناعـة بأنّ التيار الصدري سيكون داخل التحالف في أي لحظة".
بدوره، انتقد عضو التحالف الوطني، عباس الركابي "تجاوز الحكيم لتحالفه الوطني، وطرحه تسوية قبل التوافق عليها داخل التحالف".
وقال الركابي، خلال حديثه مع "العربي الجديد" إنّه "كان من المفترض على الحكيم عندما ترأس التحالف الوطني، أن يعمل على ترميمه من الداخل، لا أن يتجاوزه الى الكتل الأخرى لإطلاق التسوية"، مبيناً أنّ "كافة كتل التحالف غير راضية على تسوية الحكيم، لأنّها كانت عبارة عن تصرف فردي، تمت بمعزل عن كتل التحالف، وأنّ الحكيم لا يستطيع أن ينجح بأي مشروع من دون دعم كتل تحالفه".
وأضاف أنّ "الحكيم استوعب الدرس متأخّراً، وأحرج بعد أن علم رفض كتل التحالف ورفض المرجع السيستاني لتسويته، الأمر الذي أجبره على العودة الى الوراء محاولاً تصحيح وترميم بيت التحالف"، مبيناً أنّ "هذه الخطوة كانت من المفترض أن تسبق التسوية".
وأشار الى أنّ "تسرّع الحكيم بالتسوية، أضاع مشروع التسوية وعمّق الخلاف داخل التحالف"، مؤكداً أنّ "الحكيم سيواجه صعوبات كبيرة بترميم علاقته مع التيار الصدري وكتل التحالف الأخرى".
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد هاجم عدّة مرات التحالف الوطني، وأكد أنّه خارجه، كما هاجم تسوية زعيم التحالف عمار الحكيم، وعدّها تسوية فاشلة.