بعد ساعات قليلة من تصريحات وبيانات مكتوبة لزعماء مليشيات الحشد، ونواب عن التحالف الوطني (الجناح الموالي لإيران) هاجموا فيها الوجود العسكري التركي أقصى شمال العراق، على الرغم من تأكيدات أطراف عراقية عدة بأن الوجود التركي المحدود يعمل على تقديم الدعم والتدريب لقوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق، فضلا عن متطوعي العشائر العربية المناهضة لتنظيم داعش.
أطلق رئيس الوزراء حيدر العبادي، ووزير خارجيته إبراهيم الجعفري، تصريحات جديدة ترفض ما وصفته بأي تدخل تركي في العراق، في الوقت الذي تشير تقارير عراقية إلى وجود أكثر من خمسة آلاف مسلح إيراني يتبعون قوات الحرس الثوري والباسيج، ويعملون في مناطق عدة إلى جانب مليشيات الحشد بدون غطاء أو تشريع برلماني.
وقال رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في مؤتمر صحافي في بغداد، مساء الأحد، قبل توجهه إلى الولايات المتحدة الأميركية لحضور اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك إن: "وجود القوات التركية يعرقل جهود القضاء على داعش" مشيراً إلى أنه يعمل على إيجاد حوار سياسي وطني بالتوازي مع معركة تحرير الموصل" وفقاً لقوله.
يأتي ذلك بعد بيان لوزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، رفض فيه "عملية عسكرية تركية في شمال العراق، وذلك خلال لقائه بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو على هامش اجتماعات قمة حركة عدم الانحياز السابعة عشرة المقامة في فنزويلا.
وقال الجعفري في بيانه الذي اطلع "العربي الجديد" على نسخة منه، إنَّ "التصريحات الأخيرة الصادرة عن الجانب التركي، تبعث على الاستغراب والخاصة بالقيام بعملية عسكرية تركية في العراق، مماثلة للعملية التي حصلت في سورية خلال الفترة الماضية".
مضيفاً "نرفض رفضاً قاطعاً أي عملية عسكرية تتم على الحدود المشتركة من دون علم وتنسيق مع الحكومة الاتحادية ببغداد".
واستدرك قائلا: "نؤكد رفض العراق المستمر لوجود القوات التركية قرب مدينة بعشيقة، وضرورة سحبها من داخل الأراضي العراقية، وإنهاء هذا الملف من سجل العلاقات العراقية التركية".
وأشار بيان وزير الخارجية العراقي إلى "أن وزير الخارجية التركي أكد حرص حكومته على وحدة العراق وأهمية انتصاره على الإرهاب، وإلى ضرورة تعزيز العلاقات بين البلدين بما يخدم مصالح الشعبين الجارين".
ويأتي الموقف الحكومي في بغداد متناغماً مع مليشيات الحشد والموقف الإيراني، على الرغم من وجود الآلاف من القوات الإيرانية بالعراق، من دون غطاء قانوني أو تخويل برلماني كما ينص الدستور العراقي الحديث.
وسبق تلك التصريحات الرسمية هجوم وتهديد من قبل زعيمي مليشيا العصائب وبدر، قيس الخزعلي، وهادي العامري، ضد أي تدخل تركي يهدف لمحاربة تنظيم داعش، فيما قالت النائبة فردوس العوادي من ائتلاف دولة القانون والقيادية في حزب الدعوة في بيان لها "القوات التركية تتحمل مسؤولية بقائها في شمال العراق، ولن تسلم من نيران وضربات فصائل المقاومة والحشد الشعبي الذي من حقه أن يطردها بالقوة" على حد وصف البيان.
من جهة ثانية، أعلنت جهات سياسية عراقية تأييدها الوجود العسكري التركي في العراق، مؤكدة أنه لغرض تدريب ودعم قوات البشمركة الكردية والحشد الوطني الذي أسسه القيادي في ائتلاف "متحدون" أثيل النجيفي، في قتالهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، في مناطق شمال العراق.
وقال القيادي في قوات العشائر بمحافظة نينوى، محمد الجابر لـ"العربي الجديد" إن الأتراك موجودون باتفاق مسبق مع الحكومة منذ عام 2015 والانقلاب الحكومي في الموقف جاء بضغط إيراني.
وأضاف "التدريب والدعم لا شيء غيرهما، والجميع يعلم ذلك، لكن بغداد تردد ما يمليه عليها المسؤولون في الجارة الشرقية" في إشارة إلى إيران. موضحاً أن "الحكومة تسكت عن الوجود الإيراني وتعترض على التركي، برغم أن الأول طائفي إجرامي، والثاني لدعم من يقاتلون داعش".
وأشار إلى أنه ينبغي سؤال حكومة العبادي: "كيف يموّل مقاتلو العشائر أنفسهم وهي لا تقدم لهم شيئاً، ويطلب في الوقت نفسه من أهالي الموصل المساعدة في طرد داعش".