تسببت الاضطرابات التي يشهدها العراق في تجميد اتفاقات للاستثمار وهروب مليارات الدولارات، ما يزيد مأزق الحكومة الاتحادية في بغداد، التي تواجه انتقادات حادة من قبل المتظاهرين الغاضبين من تردي الظروف المعيشية وانتشار الفساد.
وقال مسؤول حكومي لـ"العربي الجديد"، إن أجواء الارتباك الحالية سياسياً وأمنياً واقتصادياً دفعت عدداً من الشركات الأجنبية إلى تجميد نشاطها ومغادرة البلاد، بينما توقفت أخرى عن مباشرة مشاريعها التي تعاقدت عليها.
ويشهد العراق خلافاً على رئاسة الحكومة الجديدة، بعد استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقيام الحكومة بمهام تصريف الأعمال منذ ذلك الحين، ما زاد من تعقيد المشهد في البلد الذي يشهد تظاهرات غاضبة منذ أكتوبر/تشرين الأول، احتجاجاً على تردي الظروف المعيشية في البلد الغني بالنفط بينما يعاني من انتشار الفساد.
وقال المسؤول الحكومي إن " مليارات الدولارات فرت من العراق إلى دول أكثر استقراراً من بينها لمستثمرين محليين وآخرين أجانب"، مضيفا أن "هناك مئات من المستثمرين الآخرين جمدوا إنفاقهم على عدة مشاريع ضخمة لانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع خاصة مع التصعيد الأميركي الإيراني".
ونفذ الجيش الأميركي ضربات جوية، يوم الأحد الماضي، على مليشيا كتائب حزب الله المدعومة من إيران، رداً على مقتل متعاقد مدني أميركي في هجوم صاروخي، يوم الجمعة، على قاعدة عسكرية عراقية، بينما ردت جماعات مسلحة ضمن مليشيات الحشد باقتحام المنطقة الخضراء في بغداد ومحاصرة السفارة الأميركية واقتحام ساحتها الأمامية وإحراق عدد من الأملاك، لتعلن الولايات المتحدة بعدها إرسال مئات الجنود لحماية رعاياها.
ووفق المسؤول العراقي فإن "الأمر مقلق للغاية، الشركات الأجنبية تنسحب ومنها شركة شمال الخليج، وهي شركة عاملة في قطاع الخدمات، كما أن عددا من الكيانات الصينية في قطاعات مختلفة لم يباشر تنفيذ مشاريعه بسبب الوضع المتأزم، فضلا عن أخرى إيرانية أيضا لم تباشر مشاريعها".
وقال إن "المستثمرين أبلغوا الحكومة العراقية قلقهم من الوضع المرتبك، والذي نتجت عنه بيئة غير آمنة لهم، وطلبوا توفير قوات لحماية شركاتهم من أي اعتداء"، مضيفا أن "الحكومة لم تلب طلبهم، ما دفعهم إلى تجميد نشاطهم ومغادرة البعض منهم البلاد".
وعاد العراق مجددا إلى بيئة طرد الاستثمارات، وفق باسم جميل أنطوان، الخبير الاقتصادي، قائلا لـ"العربي الجديد" إن "توقف المشاريع لا يزال جزئيا، لكنه قد يتسع في حال عدم اتخاذ الحكومة أي إجراءات لحماية المستثمرين الأجانب".
وأضاف أنطوان أن "أغلب تلك الشركات لديها اتفاقات مع الحكومة وفقا للعقود المبرمة بين الطرفين، بتوفير الحماية لها، وأن الحكومة تخلت عن تلك الحماية".
وتحاول الحكومة من خلال عدم استجابتها لمطالب الشركات بتوفير الحماية لها، إلقاء الكرة في ساحة المتظاهرين، على اعتبار أنهم "مسؤولون عن التردي السياسي والأمني بسبب التظاهرات"، وفق محمد عادل العيداني، عضو التيار المدني،
في تصريح لـ"العربي الجديد"، مؤكدا أن "الجميع يدركون أن التظاهرات هي ردة فعل شعبية على الفساد لدى الحكومة والأحزاب السياسية، ما يعني أن الخلل بالأساس هو خلل حكومي وهي الجهة الوحيدة المسؤولة عن الفساد، وعن توفير بيئة آمنة للاستثمار".