رغم الإجراءات الوقائية المتخذة من قبل السلطات العراقية، للحدّ من انتشار فيروس كورونا، إلا أن الوباء ما زال يسجل أرقاماً تصاعدية مقلقة في عموم مدن البلاد، طاولت أخيراً مدناً ظلت محافظة على نفسها طيلة الأشهر الماضية في الفلوجة وأعالي الفرات غربي البلاد، وسط تحذيرات من فقدان الكادر الطبي في البلاد السيطرة بشكل نهائي، على الرغم من كونه منهكا أساسا ويكافح بالإمكانيات المتاحة لديه.
وحتى مساء اليوم الخميس، سجل العراق أكثر من 140 ألف إصابة مؤكدة، فضلاً عن وفاة أكثر من 5 آلاف مصاب، ليكون الأول عربياً في أعداد الوفيات، في وقت أعلن عن تعافي أكثر من 101 ألف مصاب آخرين.
وسجّلت البلاد خلال الأربعة والعشرين ساعة الماضية 3 آلاف و47 إصابة مؤكدة، فضلاً عن 67 وفاة جديدة، وبدا لافتاً أن الوفيات لم تقتصر على فئة عمرية واحدة وهم كبار السن بل شملت من هم في سن الشباب أيضاً.
وقررت لجنة الصحة والسلامة العراقية المعنية بمواجهة جائحة كورونا، فرض حظر للتجول خلال عطلة عيد الأضحى، حتى التاسع من شهر أغسطس/آب، فيما أقرت اللجنة في 16 يوليو/تموز، تخفيف إجراءات حظر التجول من خلال تقليص ساعات الحظر لتصبح من الساعة التاسعة والنصف ليلا حتى السادسة من صباح اليوم التالي، مبينة أن حظر التجول سيرفع بشكل كلي بعد عيد الأضحى شريطة الالتزام بالإجراءات الوقائية.
وقال وكيل وزارة الصحة العراقية، حازم الجميلي لـ"العربي الجديد"، إن سبب ارتفاع الإصابات اليومية بفيروس كورونا، يعود إلى عدم التزام المواطن بالإجراءات الوقائية، خصوصاً فيما يتعلق بارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي، ولغاية الساعة تقام الحفلات والتجمعات في بعض المناطق، وخصوصاً الشعبية منها.
سجل العراق أكثر من 140 ألف إصابة مؤكدة، فضلاً عن وفاة أكثر من 5 آلاف مصاب، ليكون الأول عربياً في أعداد الوفيات
وأوصح أنه من ضمن الأسباب، التي ساهمت بانتشار هذا الوباء بشكل كبير، عدم تطبيق القرارات والإجراءات المعنية بمواجهته، خصوصاً في ما يتعلق بالحظر الشامل ومنع أي تجمعات، ومحاسبة أصحاب المحال، التي فيها تجمعات، دون اتخاذ الإجراءات الصحية الوقائية، فهذا جعل المواطن يتمادى بشكل أكبر، مما أدى إلى ارتفاع الإصابات بشكل مستمر".
وأضاف أن "اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية، سيكون لها اجتماع قريب جداً، لدراسة ومناقشة ارتفاع الإصابات". مؤكدا أن "الأرقام المعلنة للإصابات بفيروس كورونا، كلها حقيقية ودقيقة ويتم تسجيلها من خلال إجراء الفحوصات، لكن ربما هناك حالات لم تجر فحوصات في المختبرات الحكومية المركزية، لم يتم كشفها بعد ولم يتم تسجيلها ضمن الإحصائيات الرسمية، ونعتقد أنها أرقام ليست بكبيرة جداً، وأغلب هؤلاء لديهم وعي صحي، وعملوا على الحجر المنزلي، كونها إصابات غير خطيرة ومستقرة، وليست بحاجة إلى البقاء في المستشفيات".
بالمقابل، قال عضو خلية الأزمة في العاصمة بغداد، عباس الحسيني، إنه يعتقد بأن الرقم الحقيقي للإصابات أكبر من الرقم المعلن"، خصوصاً أنّ الكثير من المصابين لا يراجعون المستشفيات، وبعضهم يحرص على الحجر المنزلي، والبعض الآخر لا يعلم أنه مصاب، ويعتقد أنه مصاب بأنفلونزا اعتيادية، وهذا يشكل خطرا على المجتمع كونه ينقل العدوى دون أن يعلم به أحد".
وحذر الحسيني في حديثه مع "العربي الجديد"، من أن "الوضع الصحي، حتى الساعة تحت السيطرة لكنه صعب جداً، ونخشى خروج الأمور عن السيطرة، في حال استمرت الإصابات بالارتفاع بشكل كبير، خصوصاً أن المستشفيات لها طاقة استيعابية محددة".
وبين أن "بعض المواطنين، عملوا على الحجر المنزلي والرعاية المنزلية، بسبب عدم وجود أسرة لهم في بعض المستشفيات في بغداد أو المحافظات الأخرى، ولهذا يجب وضع خطط سريعة لمواجهة الارتفاع بعدد الإصابات، والتشدد في تنفيذ القرارات والإجراءات المتخذة من قبل الجهات المختصة، وغير ذلك فالعراق سوف يتجه نحو المجهول ولا أحد يعلم ما سيكون مصيره".
من جانبه، اعتبر عضو البرلمان العراقي، رياض المسعودي، أن بلاده غير قادرة على مواجهة فيروس كورونا والنظام الصحي شبه منهار بسبب الإهمال والفساد الإداري والمالي، طيلة السنوات الماضية، ولعدم وجود وحدة قرار، لمواجهة هذه الأزمة الخطيرة.
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "الجهات المختصة اتخذت الكثير من الإجراءات والقرارات لكن غالبها لم ينفذ بسبب عدم وحدة القرار الحكومي، وعدم التزام المواطنين بتلك القرارات، كما أن حظر التجول في عموم العراق، لم ينفذ منه إلا 10 في المائة، بل بعض مناطق العاصمة بغداد وبعض المحافظات، الحياة فيها طبيعية، ولا يوجد أي تباعد اجتماعي، والأسواق مكتظة بالمواطنين، مع غياب تام للإجراءات الوقائية".
وحذر النائب العراقي من أن "استمرار الوضع على ما هو عليه، سيدفع إلى الانهيار التام للواقع الصحي في العراق، وفعلاً سوف تخرج الأمور عن السيطرة، ولهذا يجب الإسراع في اتخاذ القرارات الصحيحة، من قبل لجان مختصة، وليس لجان تشكلت وفق مزاج شخصي أو سياسي".