العراق: أزمة الكهرباء في موسم الحر تُنذر بتجدد التظاهرات

23 مايو 2020
تراجعت ساعات توفّر التيار لدى العراقيين (ماركو دي لاورو/Getty)
+ الخط -
بعد أشهر على استقرار خدمة التيار الكهربائي في العاصمة العراقية بغداد وبقية المحافظات، تجدّدت الأزمة وتراجعت ساعات توفّر التيار لدى العراقيين، بالتزامن مع موجة الحرّ وارتفاع درجات الحرارة في عموم البلاد، وهو ما رآه مراقبون وناشطون تحدٍ لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فيما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تحذيرات من عودة موجة الاحتجاجات.

وخلال الأيام الماضية، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي، تزايد التدوين عبر وسم #العراق_بدون_كهرباء و#نريد_كهرباء، حيث عبّر العراقيون عن استيائهم من فشل الحكومات المتعاقبة في إنشاء محطّات لتوليد الطاقة الكهربائية، بالرغم من صرف مبالغ طائلة على هذا القطاع.
وقال ناشطون عراقيون، في منشورات متفرّقة على مواقع التواصل، إنّ "أزمة الكهرباء في العراق عادت من جديد"، متسائلين عن مصير "عشرات المليارات التي خصّصتها الحكومة العراقية لمعالجة الأزمة المتداعية منذ عام 2003 ولحد الآن". كما حذّروا، في الوقت ذاته، من "إهمال ملف تردي الكهرباء، الذي قد يعيد الحراك الشعبي ضدّ الحكومة العراقية الجديدة، برئاسة مصطفى الكاظمي".


وشهدت محافظة المثنى (جنوبي العراق)، أمس الخميس، نزول عشرات العراقيين الغاضبين إلى الشوارع، فيما أغلقوا الطريق الرابط بين مدينتي سماوة والناصرية احتجاجاً على تردي واقع الكهرباء.

وفيما تشكّل مشكلة الكهرباء في العراق أحد أهم أسباب خروج المظاهرات فيه، ألمح ناشطون إلى أنّ تراجع التيار الكهربائي في العراق، قد يتسبّب بعودة الاحتجاجات. وقال الناشط المدني من بغداد، أيهم رشاد، إنّ "التظاهرات في العراق تتجدّد في كل موسم صيف، وتحديداً في شهر يوليو/تموز، مع ارتفاع درجات الحرارة، وتراجع ساعات توفّر التيار الكهربائي للعراقيين". وأضاف لـ"العربي الجديد" أنّ: "الكاظمي حالياً بات أمام تحدٍ جديد، إلى جانب الأزمة الاقتصادية ومطالب المتظاهرين".
وينتج العراق حالياً 15 ألف ميغاواط من الكهرباء، منها ما هو مستورد من إيران، فيما يحتاج بالإجمال إلى 26 ألف ميغاواط لتغطية الحاجة الفعلية منها لجميع المدن.
وبعد موجة الاستهجان والاستياء، أكّدت وزارة الكهرباء العراقية، في بيان بها، أنّها تتعرّض لهجمة إرهابية ممنهجة وشرسة، تتمثّل بالتفجيرات المتكرّرة لأبراج نقل الطاقة الكهربائية، مضيفة أنّ تفجير الأبراج انعكس سلباً على استقرار منظومة الطاقة الكهربائية، وأثّر بشكل بالغ على موقف تجهيزها بالتزامن مع حلول موسم الصيف.
وعادت الوزارة لتؤكّد وجود أسباب كثيرة أدّت إلى تراجع مستوى تجهيز الطاقة الكهربائية، على رأسها ارتفاع درجات الحرارة وزيادة استهلاك الطاقة، بحسب المتحدث باسم الوزارة أحمد موسى. وأضاف أنّ "ارتفاع درجات الحرارة وازدياد الطلب واستهلاك الطاقة الكهربائية، تسبّب بزيادة الأحمال"، وأوضح أنّ "عدم إقرار الميزانية وتوقّف التمويل أديا إلى تأخير الصيانة الدورية والاضطرارية للوحدات الإنتاجية".
وبيَّن، في إيضاح صحافي، أنّ "الوزارة تعمل على سدّ هذا النقص الحاصل من خلال ما سيدخل من محطتي الناصرية والسماوة خلال الأيام القادمة، لحين الانتهاء من صيانة المحطات الإنتاجية". وأكّد أنّ "الأعمال الإرهابية التي تستهدف خطوط نقل الطاقة مستمرة من خلال العبوات الناسفة، الأمر الذي يوثّر مع الأسباب الأخرى على تراجع مستوى التجهيز".


ويعدّ ملف الطاقة من أكبر الأزمات التي يواجهها الكاظمي، والذي طلب أخيراً وضع خطة لتوفير الطاقة وحذّر من استغلال الوظيفة الحكومية.

وقال الكاظمي، الأسبوع الماضي، أنّ "أزمة الكهرباء هي نتيجة لسوء الإدارة في العراق، ويجب أن تكون لوزارة الكهرباء خطة استراتيجية لتوفير الطاقة وسياسة تصاعدية تتناسب مع احتياجات الدولة والمجتمع".
وشدّد الكاظمي على "أهمية العدالة في الجباية وألاّ تكون سبباً في تذمّر المواطن وفقدان الثقة، مع ضرورة تقديم خدمة جيدة للمواطن في معادلة الحقوق والواجبات"، كما حذّر من "التقصير في توفير خدمة الكهرباء وبما يحفظ كرامة المواطن".

وحذّر مراقبون من أنّ استمرار تراجع معدّل ساعات تجهيز الكهرباء، مع ارتفاع درجات الحرارة وفرض السلطات حظر تجوّل بسبب تصاعد وتيرة تفشّي فيروس كورونا في البلاد منذ أيام، قد يتسبّب بعودة الاحتجاجات مرة أخرى في مدن عدة من البلاد.
وقال الخبير بالشأن العراقي أحمد الحمداني إنّ ملف الكهرباء قد يهدّد باكراً حكومة الكاظمي، ويتسبّب باضطراب الأوضاع في عموم العراق.
وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ الحكومة مطالبة بإيجاد حلول سريعة للمشكلة، قبل أن ترتفع درجات الحرارة أكثر في الأيام المقبلة، خاصة في مدن جنوبي البلاد وهو ما سيمهد لتفجّر الاحتجاجات مرة أخرى، بشكل أوسع من احتجاجات صيف البصرة، العام الماضي، التي راح ضحيّتها عدد غير قليل من المواطنين.

المساهمون