أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في إقليم كردستان العراق، اليوم الثلاثاء، أنها تلقت طلبا من أتباع الديانة الزرادشتية لغرض بناء معابد لهم، فيما قال سكان محليون إن الزرادشتية بدأت بالترويج لديانتها وتحث الناس على اتباع هذا الدين لأنه دين الأجداد.
وقال مدير العلاقات والإعلام مريوان النقشبندي، في بيان له الثلاثاء إن "أتباع الديانة الزرادشتية ظهروا من جديد في كردستان، وقدموا طلبا رسميا ليكون لهم ممثل في الوزارة، وأن يتم افتتاح معابدهم الخاصة، وأن الأشهر الأخيرة شهدت عودة هؤلاء في الأوساط الجماهيرية والثقافية الكردستانية بشكل محسوس، وهو ما يشير إلى هجرة الكرد المسلمين لديانتهم والتوجه إلى دينهم القديم" وفق قوله.
والزرادشتية من الديانات القديمة المعرّضة للاندثار، تعود إلى ما قبل ولادة المسيح بحوالي 660 عاماً، ويعتقد أصحابها بوجود إلهين أحدهما: أهورامزدا وهو إله للخير، والآخر: أهريمان وهو إله للشر، وتعتبر إيران والهند مكان تواجد أتباع تلك الديانة، فضلا عن أقلية قليلة في العراق وتركيا، ومن معتقداتهم تقديس النار ثم العناصر الثلاثة للحياة الهواء والماء والتراب.
وأضاف النقشبندي أن "أحد قادة الزرادشتية الروحانيين أبلغه بأن عددهم في كردستان العراق يتجاوز 100 ألف شخص وأنهم في تزايد مستمر".
وتابع النقشبندي أنه "لا ينظر إلى ظهور الزرداشتيين وقبلهم البهائيين بمنظار المؤامرة، وأن تكون وراء ذلك أيادٍ خارجية أميركية وإسرائيلية أو ما يسمى بالماسونية العالمية أو الادعاءات الأخرى التي يحاول البعض من خلالها أن يتهرب من وقائع الأحداث الجارية الآن".
وتابع أن "الأمر له علاقة بالاضطرابات الفكرية والأيديولوجية الإسلامية المختلفة والمتطرفة والمستوردة، التي تواجه المسلمين المسالمين في كردستان، والتي تسببت في إصابة الأغلبية الإسلامية في كردستان بالتعصب والفوضى السياسية والاجتماعية واليأس".
داعش السبب
من جانبه قال أحد النشطاء في الإقليم، ويدعى سوران رشيد، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "هناك نشاطاً متزايداً للزرداشتين في الإقليم، وبدأوا بنشر تعاليمهم وأفكارهم في أوساط الشباب والمثقفين، وإن ما يقوم به تنظيم داعش من قتل الأبرياء وذبحهم، يعد من أهم الدوافع التي تساعد على عودة هذه الديانة، وإن هناك أوساطاً في الإقليم ترفض بشدة أفكار وتطرف داعش لأنه أساء إلى الإسلام من خلال الأفعال التي قام بها في الحرب الدائرة".
وأكد رشيد أن "عودة الديانات القديمة قد لا تلقى رواجا كبيرا في الإقليم، ولكنها تأتي في أوقات تشهد المنطقة تصعيدا في الأوضاع وظهور جماعات متشددة تسيء إلى الإسلام، وهذا الأمر يولّد ردا عكسيا لدى البعض، فيلجأ من خلالها إلى ترك الإسلام والتوجه إلى الزرادشتية"، لافتاً إلى أن "التطرف وظهور المد الإسلامي المتشدد المتمثل في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ساهم بشكل كبير في ظهور أمور كهذه في الإقليم والعراق".
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة: أقليات شمال العراق تواجه خطر الإبادة
ومن جهته، قال أحد الدعاة الإسلاميين العراقيين، أحمد كمال الدين في حديث لـ"العربي الجديد" إن "هناك أطرافاً خارجية مرتبطة بالماسونية العالمية، التي تروج لأمور كهذه وتدعم مالياً من يقوم بفتح معابد في المناطق التي تنشط بها، وخاصة في العراق وإيران، لأن هذه المناطق متشابهة جغرافيا وتاريخيا، ولكن نسبتهم في الإقليم قليلة، وليست ذات ثقل، لأن الدين الإسلامي يعتنقه جميع الأكراد في العراق وباقي مناطق إيران وآسيا الوسطى، وقد تلقى رواجا لدى البعض" بحسب تعبيره.
واتهم كمال الدين تنظيم داعش والجماعات المتطرفة التي تقوم بمساعدة جماعات كهذه تستغل الدين وتنشر أفكارا متطرفة ليس لها أي قبول في الإسلام، لأن الإسلام دين الوسطية وانتشر في عموم العالم".
وأشار إلى أن "هذه الديانات القديمة لا يمكن أن تجد أصداء كبيرة في الأوساط الكردية والعراقية"، مبيناً أن "من يتبع هذه الديانات القديمة ثلة قليلة يريدون نشر الدين كموقف ضد ما يفعله تنظيم داعش، وكرسالة واضحة بأنهم يريدون العودة إلى عبادة الزرادشتية بديلا عن الإسلام".
وفي التاسع عشر من الشهر الماضي، أعلن في أربيل رسميا عن تشكيل المجلس الأعلى للزرادشتيين في كردستان العراق، والذي سيتولى الترويج للديانة الزرادشتية ونبيّها زرادشت، وفقا لما أعلنه لقمان حاجی كریم، رئيس المجلس، في مؤتمر صحافي أقيم بالمناسبة وسط أربيل.
وتناهض حركات إسلامية كردية الديانات الوثنية أو غير السماوية، وتعتبرها خطرا على المجتمع، وهو ما دفع بالإقليم الكردي شمال العراق إلى توفير حماية لدعاة ورؤساء تلك الديانات.
اقرأ أيضاً: اليوم "رأس سنة أيزيدية جديدة" حزينة