العراقيون يقيّمون تجربة التعليم الخاص

07 مارس 2015
بدأت المدارس الخاصة بعد عام 2003(صافين حامد/ فرانس برس)
+ الخط -
ينبهر المواطن العراقي بطريقة الإعلان والترويج للمدارس الخاصة (الأهلية) في مختلف شوارع بغداد والمحافظات، بما تقدمه من عروض. فالمدارس الخاصة تدرّس الكومبيوتر واللغات المختلفة، كما تحتوي مناهج تعليمية حُرم منها التلاميذ العراقيون سابقاً. هذا الأمر يغري الأهالي بتسجيل أبنائهم فيها، فالإعلانات تؤكد أنّها "تبني مستقبلهم العلمي على أسس متينة". لكنّ الحقيقة مغايرة بحسب البعض.

وعلى هذا الأساس، يقول المواطن العراقي حمزة جياد لـ"العربي الجديد": "أدخلت ابني سيف إلى مدرسة ابتدائية خاصة. وأمضى فيها 3 سنوات قبل أن أنقله إلى مدرسة حكومية. فالتعليم الخاص سيئ جداً، وبالرغم من المكان النظيف والأمان واختفاء زحمة التلاميذ في الصف الواحد، فالمناهج التعليمية غير صحيحة". ويفسر ذلك بقوله: "تبدأ هذه المدارس تعليم اللغات الانكليزية ولغات أخرى من المرحلة الأولى للابتدائية، وهو ما لم يألفه العراقيون. وهذا ما أدى الى تشابك اللغات بعضها ببعض". ويشير إلى نقطة سلبية أخرى في رأيه هي أنّ "أغلب المدرّسين في المدارس الأهلية هم من كبار السن أي المتقاعدين، فقانون المدارس الأهلية لا يسمح بتوظيف مدرسين جدد إلاّ إذا تركوا وظيفتهم الحكومية. وبسبب كبر سنهم لا يتمكنون من التعامل مع التلاميذ الصغار كما يجب".

من جهته، يقول أستاذ مادة التاريخ كريم عبد الله لـ"العربي الجديد" إنّ مشروع التعليم الخاص مشروع استثماري إلى جانب كونه مشروعاً تعليمياً. وينتقد عبد الله ذلك النوع من التجارة، خصوصاً في بعض المدارس الخاصة التي تفتح في العطلة الصيفية دورات تقوية من أجل جني أموال إضافية.

في المقابل، يدافع أصحاب المدارس الخاصة عن مؤسساتهم. ويؤكدون أنّها فتحت بموافقة حكومية، ووفق قواعد وآليات وضعتها وزارة التربية. وتقول منيرة الأوسي، وهي مديرة إحدى المدارس الخاصة لـ"العربي الجديد" إنّ "العمل في هذه المؤسسات بدأ بعد العام 2003، لتتمكن في سنوات قليلة، من تغيير المسيرة التربوية من خلال خلق روح التنافس بين القطاعين الحكومي والخاص، فضلاً عن توفيرها الكثير من النشاطات والاحتياجات التي لم توفرها حتى الآن الحكومة". وتخلص إلى أنّ "المدارس الخاصة هي لمن يرغب بالتعليم الحقيقي".

ومع ذلك، لا تنفي الأوسي أنّ "بعض المدارس لا تلبي طموح أولياء التلاميذ من جهة ضعف الكادر التعليمي، أو عدم ملاءمة مكان المدرسة مع ما يرغبون فيه. لكن لا يمكننا أن نضع كل تلك المدارس في ميزان واحد". وتشير إلى أنّ المهمة المرتبطة بمتابعة المعايير التعليمية المطلوبة تقع على عاتق اللجان التفتيشية في وزارة التربية، التي يتوجب عليها معاقبة المقصرين.

بدورها، تؤكد وزارة التربية أنّ تجربة المدارس الخاصة هي من التجارب الناجحة التي خاضتها الوزارة بعد العام 2003، لأنها قطفت ثمارها من خلال النتائج التي حصل عليها تلاميذ تلك المدارس. كما باتت البديل عن الدروس الخصوصية.

ويلفت وكيل وزير التربية علي الإبراهيمي لـ"العربي الجديد" إلى وجود 758 مدرسة خاصة، بين ابتدائية ومتوسطة وثانوية. أما عدد التلاميذ فيبلغ 80 ألفاً و32 تلميذاً. فيما يصل عدد المدرسين والمدرسات إلى 8 آلاف و516.

ويؤكد الإبراهيمي أنّ "الوزارة لديها لجان تقوم بجولات تفتيشية وبشكل دوري على مختلف المدارس الخاصة بغية الحفاظ على صيغة وطبيعة التعليم فيها". كما يؤكد أنّ "الوزارة لا تعارض أو تمانع تأسيس مدارس خاصة، لأنها تساعد التعليم الحكومي. وهي تجربة موجودة منذ سنوات في عدد كبير من الدول".

كما يكشف أنّ "الوزارة تطمح إلى توسيع عمل الاستثمار في قطاع التربية. وتدرس هذا الأمر مع شركات عالمية من أجل فتح سلسلة مدارس عالمية في العراق. والتجربة الأولى ستكون في بغداد مع افتتاح مدارس بريطانية. وفي حال نجاحها سنعممها على بقية المحافظات".

مثل هذه المبادرات تلاقي انتقادات واسعة في الشارع العراقي. ويؤكد المنتقدون أنّ من الأجدر بالوزارة، قبل شروعها بدعم هذه المشاريع، توفير ما يتلاءم مع أغلب شرائح المجتمع داخل المدارس الحكومية، كالتخفيف من ازدحام الصفوف، وتدريس المناهج الجديدة، كالكومبيوتر واللغات، واعتماد طرق التدريس الحديثة. وتوفير وسائل ترفيهية خصوصاً في المدارس الابتدائية. فضلاً عن إعادة نظام الرحلات الترفيهية التي منعت في المدارس الحكومية، وصولاً إلى تمكين قطاع التعليم الحكومي من منافسة الخاص كما يجب.