العدو الظاهر والحليف المستتر

13 نوفمبر 2014
بعض الدول تبدو غير صادقة في عدائها لـ"داعش"(أ.ف.ب)
+ الخط -

وصفت "النيويورك تايمز"، تونس، في تقرير لها بعنوان: "New freedoms in Tunisia drive support for ISIS"، بأنها مميّزة في المنطقة العربية بشيئين هما "الحرية وإرسال المقاتلين لداعش".

ليست تونس هي الدولة العربية الوحيدة الموجودة في سوق تصدير المقاتلين لداعش، فعلى الطريق نفسه تأتي الأردن، ومنذ اندلاع الحرب في الأراضي السورية، انضم مئات الأردنيين إليها، وهاجر منها ما يزيد على ألفي رجل، قتل منهم 250 على الأقل هناك.

بعض الدول تبدو غير صادقة في عدائها لداعش، فهي إذ تُظهر العداء، تُبطن الرضى عن الدور الذي تلعبه داعش إقليمياً، فمن مصر إلى ألمانيا، لا تكف قوات الأمن عن إلقاء القبض على مَن تراهم منتمين لـ"داعش".


مصر

وجّهت نيابة قنا إلى أحد كوادر جماعة الإخوان المسلمين تهمة التواصل مع 20 عضواً بجبهة النصرة وداعش، وأمرت بحبسه 15 يوماً، لحيازته صوراً لمواقع القوات المسلحة، فيما ألقي القبض في الآونة الأخيرة على 3 طالبات بجامعة الأزهر بتهمة الانتماء لجماعة محظورة والانتماء لتنظيم إرهابي (داعش).


ألمانيا

تتواصل المحاكمات وأبرزها محاكمة شقيقين لبنانيين وألماني من أصل أفغاني تراوح أعمارهم بين 24 و38 عاماً، قبض عليهم أثناء ذهابهم لسورية، وتواصلوا مع قيادات داعش عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من بينها واتس آب، حسب اعترافاتهم.

كذلك ترصد السلطات الألمانية تحوّل مغني الراب، دينس كوزبارت، من برلين، إلى الغناء تأييداً لتنظيم الدولة الإسلامية.

وترى السلطات الألمانية أن النزاع لم يعد في حيّزه الجغرافي إنما انتقل لدول عدة من بينها ألمانيا، حسب ما تناولته قناة "دويتش فيله".


سويسرا

تعرّض 3 عراقيين للتوقيف بتهمة الانتماء لداعش، وأرسلت السلطات السويسرية طلباً للشرطة الأميركية والشبكات الأمنية الأوروبية لاستكمال التحقيقات.

ولا تتوقف النماذج عن التكرار، فقد احتجزت الشرطة التونسية جزائريين اثنين للسبب نفسه بمطار قرطاج عقب عودتهما من تركيا، حتى تدخل القنصل العام الجزائري لإطلاق سراحهما، والذي قال إن سبب التوقيف يرجع لطول لحى المتهمين.

في الوقت ذاته، وصل عدد المعتقلين بتهمة الانتماء لداعش حتى سبتمبر/ أيلول إلى 91 معتقلاً، بينما تراقب دولة الكويت أكثر 134 مواطناً، واعتقلت ما يزيد على 5 أشخاص بتهمة التواصل مع داعش.


الأنظمة

يقدم داعش خدماته لأنظمة عدة، فالنُظُم الاستبدادية وجدت ضالتها في "إرهاب داعش" لتشتيت الانتباه عن فشلها في حل قضايا أساسية كالتنمية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، باعتبار أن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ضد الإرهاب.

أما الشعوب، فتتأرجح مشاعرها بين الخوف من خطر الإرهاب الذي تفرضه الأبواق الإعلامية، وبين التعاطف الكامن مع "الخلافة الإسلامية " والذي يجد له متنفّساً في أحايين كثيرة، سواء في أحاديث دينية أو حتى في مدرجات كرة القدم.

وهو ما تجده في مظاهر ارتداء الزي نفسه، مثلاً، في الزرقاء الأردنية، مسقط رأس "الزرقاوي"، القيادي بالقاعدة، أو في رفع أعلام القاعدة في مصر على كوبري أكتوبر، أو خلال تظاهرة مناهضة للنظام، أو بعض التصريحات لشخصيات دينية لها قامتها.

وفي تسجيل صوتي تداوله مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في أغسطس/ آب الماضي، ونسب هذا التسجيل إلى أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، صرح بتأييده لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).

بعض التعاطف الذي نلمسه لدى الشعوب العربية ربما يعود إلى الإحباط الجمعي، خاصة في ظل الترنّح الذي أصاب الربيع العربي، وفي غمرة الإحباط تأتي "داعش" لتقدم مشروعاً واضحاً قائماً على الشريعة الإسلامية، كما تقدمه وتدعيه، ومناهضاً للغرب والأميركيين، وهو ما يلقى هوى كبيراً في كثير من النفوس العربية، وتحديداً شباب التيارات الإسلامية التي ترى في "داعش"، بشكل أو بآخر، تعويضاً لها عن تجاربها الديمقراطية التي أُفشلت.


معارضون

أبرز الذين عارضوا تنظيم داعش هم أشخاص رغم قامتهم الدينية إلا أنهم حُسبوا على الأنظمة، كالشيخ العريفي، الأستاذ بجامعة الملك سعود والداعية المعروف، والذي نصح السعوديين المسافرين إلى سورية والعراق بالعودة فوراً عبر تغريداته على "تويتر"، كما أعلن عن تواصله مع عدد من الراغبين بالعودة خلال تسجيل بالصوت والصورة تناوله مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً.

كما أفتى الدكتور إبراهيم نجم الدين، مستشار مفتي جمهورية مصر العربية، بحرمة الانتماء لمثل هذه التنظيمات أخيراً.

ربما كانت "داعش" جماعة إرهابية أو صنيعة استخبارانية أو ربما هم حماة الإسلام، لكن الأكيد أن "داعش" تفضح كثيراً من الشيزوفرينيا العربية المقتسمة بين الأنظمة والشعوب على حد سواء.

المساهمون