العثور على أرشيف دياب القرصيفي الضائع في أزقة لندن

10 أكتوبر 2014
دياب القرصيفي (بي بي سي/يوتيوب)
+ الخط -
الصدفة وحدها كشفت عن مخزون صور ضمّ أحداثاً ووجوهاً من لبنان في القرن العشرين، فقد اكتشفت الفنانة البولندية، أنيتا دابروفسكا، هذا الإرث التاريخي من الصور أثناء ورشة عمل للمشرّدين في لندن، صدف أنه كان بينهم المصوّر اللبناني، دياب القرصيفي.

تقول دابروفسكا: "عندما جاء دياب إلى ورشة العمل، أخبرني أنه يريد أن يعمل في مجال التصوير، لكنني فوجئت به يحمل معه كيسين ممتلئين بالصور وشرائط النيجاتيف، فكانت بمثابة الهدية لي".
وتتابع: "نسمع دوماً عن اكتشاف فنانين مجموعات فنية غير معروفة، ولم أتوقع أن يحدث هذا لي. إنه أرشيف ضائع".

غالبية هذه الصور لم تخرج إلى العلن، بعضها بعدسة القرصيفي كمصور هاو ومحترف في مدينته بعلبك، وبعضها الآخر جمعه من أرشيفات عدة قبل رحيله من مسقط رأسه مطلع التسعينيات، وهي كنز فني ثمين، يضم نحو 5000 صورة ونيغاتيف، يوثق لحظات أعراس ومآتم ونزهات وأعياد ميلاد، وأطفال قاصدين مدارسهم، ورجال في رحلات صيد على سفوح جبال لبنان، فضلاً عن صور شخصيات عامة ومشاهير زاروا مدينة بعلبك الحافلة بآثارها الرومانية القديمة. كما وثقت الصور لشخصيات اجتماعية وسياسية، إذ يشتمل الأرشيف على لقطات من زيارات تاريخية، كزيارة الملك سعود بن عبد العزيز إلى بعلبك عام 1966 وصورة جدّ المصوّر دياب، التي التُقطت في أميركا أواخر القرن التاسع عشر.

وحول تجربته في عالم التصوير، قال القرصيفي لصحيفة "ذا غارديان": "يجب الحفاظ على هذا التاريخ. صوري غالية على قلبي كأولادي. أنا لا أقول إن أرشيفي هو الأفضل، لكنه بداية لأرشيف قد يكون في المستقبل أفضل إذا توفرت له الظروف".

تحكي كل صورة التقطتها عدسة دياب القرصيفي حكاية ربما لم ترو بعد، أو تمسكاً بلحظة نادرة أو طرفة جرت في لبنان. ويتذكر هذا المصور البارع يوم التقط صورة لملكة جمال العالم، والعارضة اللبنانية، جورجينا رزق، عام 1977، وكيف تزوجت بعد أشهر قليلة من السياسي الفلسطيني، علي سلامة. ومضى عامان قبل أن يلتقي القرصيفي من جديد بجورجينا رزق، ليأخذ لها صورة جميلة، ولكنها في ذلك اليوم كانت قد فقدت زوجها الذي قتله جهاز الموساد الإسرائيلي، في بيروت.

من الصورالمعبرة عن لبنان متنوع الثقافات، التي حفل بها أرشيف القرصيفي، شباب يقفون بجانب حمام سباحة في السبعينيات، البطولة العسكرية للتزلج على الجليد في جبال لبنان، امرأة في زي تقليدي وزي الجيش فترة السبعينيات، زوجة دياب في عام 1989.
وصل دياب القرصيفي إلى لندن في عام 1993، وفي جعبته 27 ألف صورة توثق مائة عام من التاريخ اللبناني.

ويحكي القرصيفي عن هجرته القسرية، وكيف وصل إلى لندن على وعد بالعثور على عمل، وفي جيبه عنوان قريب استقر هناك منذ سنين. لم تُؤمّن له الوظيفة المأمولة. وبسبب ضعف لغته الانجليزية، وانهيار زواجه، وجد دياب نفسه مشرداً في أزقة العاصمة البريطانية.

وأبدى القرصيفي نيته نشر كتاب يضم كتاباته وصوره عن مدينة بعلبك منذ عام 1920 حتى عام 1997. ولكنه يعمل حالياً بمساعدة أنيتا دابروفسكا على نشر كتاب يجمع هذه الصور، التي تجسد الحياة الحقيقية المتنوعة بهدف حفظها لأجيال قادمة، كأرشيف صور التقطت بعفوية صادقة.
المساهمون