العبادي يبحث عن ضمانات لنزع سلاح الحشد الشعبي

17 ديسمبر 2017
أكد قادة بـ"الحشد" الالتزام بحصر السلاح بيد الدولة(مارتن إيم/Getty)
+ الخط -

لم يطمئن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي لإعلان عدد من قادة مليشيات "الحشد الشعبي" التخلي عن سلاحهم وتسليمه للدولة، والذي جاء مع قرب موعد الانتخابات البرلمانية، التي يُشترط للمشاركة فيها ترك أي عمل مسلح. ويخشى العبادي من أن تكون خطوة مليشيات "الحشد" مجرد مناورة وقتية، لضمان دخولها في الانتخابات ومن ثم تكون عودتها للعمل المسلح بعد ذلك، الأمر الذي دفعه للبحث عن ضمانات حقيقية تمنع عودة هذه المليشيات إلى السلاح مستقبلاً.
وفي ظل هذا الشد والجذب بين "الحشد" والعبادي ومحاولات الالتفاف على القوانين، يؤكد مراقبون أنّ أي اتفاق لـ"الحشد" مع الحكومة سيكون مجرد حبر على ورق، ولن يلتزم به قادة المليشيات الطامحون للحصول على أغلبية في البرلمان المقبل، وأنّ أي امتيازات يقدّمها العبادي لهم لن تحول دون منعهم من العودة إلى السلاح.

وقال مسؤول سياسي رفيع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "حديث قادة المليشيات عن تسليم أسلحتهم غير مطمئن بالنسبة للعبادي، إذ إنّه في الوقت الذي لا يريد دخولهم الانتخابات ومنعهم قانونياً من المشاركة فيها، مع إعطائهم امتيازات، فهو مجبر على القبول بمقترحاتهم التي تُعد شكلياً غير مخالفة للقانون"، موضحاً أنّ "العبادي يعلم يقيناً أنّ قادة الحشد يناورون بموضوع تسليم أسلحتهم لأجل ضمان دخول الانتخابات، ومن ثم يعودون إلى العمل المسلح بعدها".
وأشار إلى أنّ "العبادي يبحث اليوم عن ضمانات قانونية، غير قابلة للنقض، تمنع عودة المليشيات إلى العمل المسلح مستقبلاً، وفي حال حصوله على هذه الضمانات سيكون قيّد قادة الحشد وجعلهم يعيدون حساباتهم بقراراتهم". وأكد أنّ "الخيارات المتاحة أمام العبادي هي اثنان فقط، إمّا تشريع قانون يمنع أي تشكيل مسلح خارج إطار الدولة، أو يحصل على فتوى من المرجعية تمنع العودة إلى العمل المسلح من دون موافقة الحكومة، وهو يدرس الخيارين وسيتحرك وفق ما يمكن تطبيقه منهما"، موضحاً أنّ "المرجعية اليوم موافقة لتوجّهات العبادي، وأنّ إصدار المرجع الديني علي السيستاني فتوى حصر السلاح جاءت مطابقة لرؤية العبادي، لكنها لا تمنع مستقبلاً تشكيل فصائل مسلحة، وهو الأمر الذي يبحث عنه العبادي".

وحظيت خطوة السيستاني الذي دعا إلى حصر السلاح بيد الدولة، بترحيب من قبل الحكومة، إذ عدّها مستشار العبادي، إحسان الشمري، في بيان نشره على صفحته الشخصية، "خطوة قطعت الطريق أمام أي محاولة لاستغلال التضحيات من أي طرف أو شخصية سياسية"، مؤكداً أن "لا قائمة سياسية تمثل الحشد الشعبي أو المجاهدين". وأضاف "إخضاع المتطوعين للقوانين العسكرية بدمجهم مع القوات الأمنية، ولا سلاح خارج إطار الدولة تحت أي مسمى".

وسبقت دعوة السيستاني لحصر السلاح بيد الدولة ودمج متطوعي "الحشد" في مؤسسات الدولة، تصريحات من قبل قادة كبار في "الحشد" منهم القيادي هادي العامري، وقيس الخزعلي، أكدوا خلالها أنّ السلاح الذي بأيديهم هو سلاح للدولة، وليس لديهم سلاح خاص، مؤكدين التزام "الحشد" بحصر السلاح بيد الدولة، معلنين حملة "ابدأ بنفسك" لإزالة مظاهر عسكرة المجتمع.


وبالفعل بدأت فصائل في "الحشد الشعبي" بجمع أسلحتها وجردها، في خطوة لتسليمها للحكومة. وقال مسؤول عسكري لـ"العربي الجديد"، إنّ "فصائل في مليشيات الحشد بدأت فعلاً بعملية جرد الأسلحة التابعة لها، الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، وشكلت لجاناً خاصة لذلك، بغية تسليمها إلى الحكومة". وأكد أنّ "العمليات المشتركة تلقت توجيهاً من العبادي بتشكيل لجان خاصة لاستلام تلك الأسلحة وإحصائها، ومطابقتها وإجراء عمليات فحصها، وإيداعها في مذاخر وزارة الدفاع العراقية، والتي هيأت مخازن كبيرة لهذا الغرض"، موضحاً أنّ "عملية التسليم لم تبدأ حتى الآن".

ورجح مراقبون أنّ يكون تحرك العبادي باتجاه البرلمان، لتشريع قانون يمنع عودة المليشيات للعمل المسلح، خصوصاً أنّ ذلك لا يتعارض مع الدستور. وقال الخبير السياسي، جابر البدري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المادة التاسعة من الدستور العراقي تمنع حمل السلاح خارج إطار الدولة، الأمر الذي يستفيد منه العبادي كضمان له". وأشار إلى أن "أي اتفاق للمليشيات مع الحكومة لن تلتزم به المليشيات، الأمر الذي تنبّه إليه العبادي، وسيعمل من خلال تشريع قانون برلماني لقطع الطريق أمامها".
يأتي ذلك في خضم صراع بين الكتل السياسية للحصول على مكاسب في الانتخابات المقبلة، بينما تعوّل بعض الجهات المنافسة للعبادي على شعبية "الحشد الشعبي" في المحافظات الجنوبية للمنافسة الانتخابية.