وافق العاهل المغربي، الملك محمد السادس، على فتح الباب أمام النساء للعمل كمأذونات (عدل)، بعد اطلاعه على رأي المجلس العلمي الأعلى، وهو مؤسسة رسمية مكلفة الإفتاءَ، بعد تكليفه بذلك.
وأورد بلاغ للناطق الرسمي باسم القصر الملكي، مساء أمس الإثنين، أنه "اعتباراً لما وصلت إليه المرأة المغربية من تكوين وتثقيف علمي رفيع، وما أبانت عنه من أهلية وكفاءة واقتدار في توليها لمختلف المناصب السامية، كلف الملك وزير العدل بفتح خطة العدالة أمام المرأة (أي مهنة المأذون)، واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق هذا الهدف".
ويرتقب، أن تعلن وزارة العدل قريبًا عن مباراة لتوظيف زهاء 500 موثق عدلي، ستكون ضمنهم للمرة الأولى نساء.
تجدر الإشارة إلى أن القانون المنظم لمهنة التوثيق العدلي (العدول) جرت مراجعته في 2006، ومن بين التعديلات التي أدخلت عليه آنذاك إلغاء شرط الذكورية لممارسة هذه المهنة.
سماح العاهل المغربي للمرأة في البلاد بمزاولة مهنة المأذون، سبقه جدل كبير في وسط المهتمين والنشطاء بخصوص مدى جواز منح المرأة أهلية العمل كمأذون في مواضيع العقود الأسرية من قبيل الزواج وغيره، وتأرجحت المواقف بين رافضين ومؤيدين.
ويقول الخبير في السياسة الدينية، الدكتور إدريس الكنبوري، لـ"العربي الجديد" إن قرار إدماج المرأة في مهنة "العدول"، يعدّ جزءاً من مشروع إصلاح العدالة في البلاد، والذي سبق أن وضع محاوره وزير العدل السابق، مصطفى الرميد، من حزب العدالة والتنمية.
وأكمل الكنبوري، إن "القرار يندرج ضمن مسار الإصلاحات الدينية التي اختارها المغرب منذ سنوات، كما أنه، في نفس الوقت، يأتي بمثابة هدية للحركة النسائية المغربية التي تنادي بإشراك المرأة في جميع المجالات التي لا تزال ذكورية"، مبرزاً أنه سبق للمغرب أن "فتح باب القضاء أمام النساء والآن جاء دور مهنة العدول".
وتوقع الخبير، أن يثير القرار جدلاً واسعاً في المغرب، باعتبار أنه، حتى الآن، لم يدل المجلس العلمي الأعلى بموقفه رسمياً، وهو أعلى هيئة دينية في البلاد ويرأسه الملك بوصفه أمير المؤمنين حسب الدستور، مردفاً القول "ننتظر أن يعلن المجلس عن موقفه لنعرف المبررات والمسوغات الشرعية والفقهية التي تقف خلف هذا القرار، خاصة أن هذا سابقة من نوعها".
وكان سلفيون ومأذونون شرعيون قد انبروا إلى معارضة دخول المرأة إلى هذه المهنة، فإسلاميون اعتبروا ذلك "عبثاً بأحكام الشرع ومخالفة لما قرره أئمة الإسلام، ومنهم الإمام مالك الذي يدين المغرب بمذهبه رسمياً". بينما ذهب بعض العدول إلى أن "تأنيث مهنة المأذون في المغرب لا يستقيم مع الدين الذي لا يمنح المرأة إمكانية توثيق الزواج لاعتبارات شرعية عديدة ويخصّ بها الرجال".
في المقابل، اعتبر المؤيدون لهذه الخطوة أن "المرأة المغربية تتلقى التكوين والتأهيل اللذَين يخضع لهما الرجل، ولا يوجد مبرر لمنعها من هذه المهمة والوظيفة"، فضلاً عن كون "القانون والظهير الشريف لم ينصّا على شرط الذكورة، الأمر الذي يؤكد حق المرأة المغربية في تولّي هذه المهنة".
وأكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في وقت سابق، أن "دخول المغربيات مهنة العدول يُعدّ تفعيلاً لالتزام المملكة بمقتضيات اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، خصوصاً المادة 11 التي تلزم الدول المصادقة عليه، بضرورة اتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل".