وأفادت وكالة الأنباء الرسمية أنه جرى لقاء بين مستشاري الملك ورئيس الحكومة المكلف، أخبراه من خلاله بـ"انتظارات الملك وكافة المغاربة بشأن تشكيل الحكومة الجديدة"، وهو ما اعتبره مراقبون تفعيلاً للفصل 42 من الدستور، والذي ينص على أن "الملك رئيس الدولة، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية".
واعتبر محللون في قراءة لشكليات اللقاء الذي جمع بنكيران بمستشاري الملك، أن الملك حرص على أن يبعث مستشاراً متخصصاً في الشأن الدستوري، وهو المنوني، الذي ترأس من قبل لجنة صياغة دستور 2011 الذي جاء في سياق موجة "الربيع العربي".
ولاحظ مراقبون، أن العاهل المغربي حرص أيضاً على ألا يبعث مستشاره، فؤاد عالي الهمة، من أجل لقاء بنكيران، تفادياً لأية تأويلات سياسية، خاصة أن رئيس الحكومة وحزبه "العدالة والتنمية" ما فتئا يتهمان أطرافاً ينعتونها بالتحكم بالوقوف وراء تأخر تشكيل الحكومة، في إشارة إلى حزب "الأصالة والمعاصرة" الذي ساهم الهمة في تأسيسه.
ويقرأ محلل الشأن السياسي بالمغرب، محمد الزهراوي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، دلالات اللقاء الذي جمع بين مستشاري الملك ورئيس الحكومة المكلف، الذي تجاوزت مشاوراته تكوينَ فريقه الحكومي أكثر من 70 يوماً، أولها أن الملك بعث لبنكيران رسالة واضحة مفادها تأخر الإعلان عن الحكومة، وبالتالي أضحى زعيم "العدالة والتنمية" مطالباً بتشكيل الحكومة الأسبوع المقبل.
الدلالة الثانية، وفق الزهراوي، أن تدخل العاهل المغربي من خلال إرسال مستشاريه للقاء بنكيران في مقر رئاسة الحكومة بالرباط، هو نوع من ملء "الصمت" الدستوري بخصوص مدة تشكيل رئيس الحكومة المكلف لحكومته، حيث سكتت الوثيقة الدستورية عن الفترة الزمنية، وبالتالي قد يمكن اعتبار التدخل الملكي تأسيساً لعرف يملأ هذا الفراغ الدستوري، ويحرص على ألا يتجاوز تشكيل الحكومة شهرين.
وأردف المتحدث ذاته أن الدلالة الثالثة تتجسد في أن الطلب الملكي يحرج بنكيران ويدفع به إلى الإعلان عن حكومته الجديدة، أو عن فشله في مهمته، دون الركون إلى الصمت الذي آثره رئيس الحكومة المكلف طيلة أزيد من سبعين يوماً، وبالتالي يعد التدخل الملكي بمثابة رفع اللبس الحاصل بسبب هذا الصمت.
وخلص المحلل ذاته إلى أنه بعد دفع بنكيران إلى ضرورة التسريع بتشكيل الحكومة الجديدة، أو الإقرار بفشله والعودة إلى إخبار الملك بذلك، حينها يتضح حل دستوري واحد يتمثل في إعادة الانتخابات التشريعية، مؤكداً أن الكرة توجد حالياً في ملعب بنكيران الذي قد يسارع إلى الاتصال من جديد بزعيم حزب "التجمع الوطني للأحرار" عزيز أخنوش لمعرفة موقفه الأخير من تشكيل الحكومة.
ويجد بنكيران نفسه في ورطة بسبب إصرار حزب "الأحرار" على استبعاد حزب "الاستقلال" من الحكومة قبل إعلانه القبول بالمشاركة فيها، وهو الشرط الذي رفضه رئيس الحكومة المعين صراحة، حيث أبدى تمسكه بحزب الاستقلال، وهو ما عقد مسار تشكيل الحكومة إلى حدود اليوم، فضلاً عن ارتهان قرار حزبي "الاتحاد الاشتراكي" و"الاتحاد الدستوري" بالدخول إلى الحكومة بموقف "الأحرار".