الظلم ظلمات

01 ابريل 2016
+ الخط -
الظلم والاستبداد يفككان الروابط الموجودة في بنية الفرد (الجوانب الروحية والعقلية والجسمانية المادية)، فيفقد الفرد توازنه الإنساني والزمني - الحضاري، كما يفكك أوصال البنية الداخلية للمجتمع (النفسي الاجتماعي، الثقافي، الروحي، المادي، الذهني الجماعي في علاقته بالهوية والأرض والتاريخ والأمّة والمستقبل)، فيزيد من حالة الغواية والتشظي والتيه والضياع، والبحث عن تلبية الاحتياجات المادية الغرائزية في المقام الأوّل، ويدفع العناصر الهوياتيّة الصغيرة إلى التقوقع والتمركز والدوران حول أصنامها وأقانيمها وهياكلها الخارجة عن قوانين التدافع والتطور والتغيير، فيتأثر عمران وعمارة الفرد والأرض والمجتمع وحيويّته في مجاله الحضاري، فيؤذن، عاجلاً أم آجلاً، بخراب القيم والعمران، ويصاب الفرد والمجتمع بِحَوَلٍ جماعي متواصل حتى في الومضات القليلة من فترات العدل، أو ليس ما نشاهده من تشوّهات الآن في مستوى بنية الفرد ونظرته الجمالية إلى كلّ ما يحيط به وللكون، وما نلحظه ونراه بالعين ونتبصّره بالقلب والعقل في تعرجاتٍ لامنطقيّةٍ في حركة المجتمع وتركيبات لامجدية وغير متجانسة في بنيته المبعثرة أكثر منتج معبّر لحصيلة الاستبداد، على الرغم من الثورة عليه؟
لذلك، كان الظلم والقهر والإستبداد ظلمات في الدنيا، وخراباً لمنتجاتها، أمّا العدل والعدالة فَهُمُا أساس أمن من خوف، وأمن من جوع، وعمارة متجانسة للجسم والوجدان والروح والعقل والخيال، كما هي عمارة متوهّجة ومتفاعلة في بنيان المجتمع المادي واللامادي في بنيته السفلية وبناه الفوقية، وفيه إفراز لذيذ ومعطّر لجاذب مغناطيسي روحي من روح حضاريّة للبلدان.
avata
avata
عبد النبي العوني (تونس)
عبد النبي العوني (تونس)