الطوروسيون البيض... يشعلون حملات الانتخابات التركية

22 أكتوبر 2015
نفى داود أوغلو تهديد أي طرف سياسي(آدم ألطان/فرانس برس)
+ الخط -
استأنفت الأحزاب السياسية التركية حملاتها للانتخابات البرلمانية العامة، التي من المقرر أن تجري في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وسط احتقان واستقطاب كبيرين في الشارع التركي بعد الاعتداء الانتحاري الذي ضرب العاصمة التركية أنقرة في العاشر من شهر أكتوبر/تشرين الأول الحالي، وأوقع أكثر من مائة قتيل ومئات الجرحى.

وأكد رئيس حزب العدالة والتنمية، رئيس الحكومة المؤقتة، أحمد داود أوغلو، أنّ حزبه ملتزم بعملية السلام لحل القضية الكردية في البلاد، وبأن "العدالة والتنمية" هو الحزب الوحيد القادر على تحقيق السلام، قائلاً "سنستمر بالنضال ضد أولئك الذين يستهدفون حياة أخوتنا في الجنوب والجنوب الشرقي، أولئك الذين يستهدفون رزقهم، وسنكمل العمل الذي بدأناه إلى النهاية، ولن تبقى عملية السلام في منتصف الطريق، كما أن الصراع مع الإرهاب لن يبقى في منتصف الطريق أيضاً". وأضاف "إن كل طفل يولد في هذه الأرض هو أمانة عندنا، وكل من يستهدف حياة هؤلاء الاطفال هو عدونا"، في إشارة لحزب العمال الكردستاني.

وفي إطار تشجيعه الناخبين للتصويت لصالح حزب العدالة والتنمية، أشار داود أوغلو، خلال كلمته أمام الحشد الجماهيري الذي نظمه الحزب في ولاية وان، ذات الغالبية الكردية شرقي البلاد، إلى أن الإرهاب يستهدف حكم حزبه، قائلاً "إنهم يعرفون بأن إضعاف العدالة والتنمية يؤدي إلى تعزيز قوة بؤر الإرهاب أو إلى إضعاف عملية السلام، ولأنهم يعرفون بأن إسقاط العدالة والتنمية من الحكم يؤدي إما إلى عودة حرية حركة عصابات الإرهاب أو إلى عودة عصابات الطوروسيين البيض كما في السابق. نحن في هذه البلاد، لن نسمح مرة أخرى بعصابات الإرهاب وعصابات الفاعل المجهول مرة أخرى، لا تقلقوا، لن ينجح أولئك الذين يريدون إعادة البلاد إلى ما كانت عليه في عقدي التسعينيات والثمانينيات".

اقرأ أيضاً  تركيا: مذبحة أنقرة في بازار الحملات الانتخابية الحزبية

أثار ربط داود أوغلو بين ابتعاد العدالة والتنمية عن الحكومة، وبين استعادة "عصابات الإرهاب" التي يقصد بها حزب العمال الكردستاني وتشكيلات "الطوروسيون البيض"، حرية الحركة ردات فعل غاضبة من قبل أحزاب المعارضة، إذ إن "الطوروسيون البيض" هو مصطلح كان يستخدم في التسعينيات والثمانينيات للإشارة إلى سيارات رينو 12 التي كانت تنتج في تركيا تحت اسم رينو طوروس، وكانت تستخدمها تشكيلات الاستخبارات التابعة لقوات الدرك التركية، وهي تشكيلات سيئة السمعة ومتهمة إلى جانب حزب العمال الكردستاني بارتكاب تصفيات وجرائم بحق المعارضين لها. 

ويستخدم "الطوروسيون البيض" كمصطلح بديل للإشارة إلى جرائم الفاعل المجهول، والتي انتشرت في التسعينيات أثناء استعار الحرب بين الجيش التركي والعمال الكردستاني.

لكن سرعان ما عاد داود أوغلو لينفي أن تكون تصريحاته تنطوي على تهديد لأي طرف في البلاد، قائلاً "كنت أخطب باعتباري زعيم حزب عمل لأكثر من 13 عاماً على تقوية وتعزيز دولة الحقوق والديمقراطية، لم أهدد أحداً، لأن هذا التهديد ينعكس علينا جميعاً، ولكن كان ما قلته كالتالي: بعضهم أمراء حرب، وبعضهم زعماء الإرهاب، وإن وجود زعماء الإرهاب في التسعينيات كان دعماً لوجود "الطوروسيون البيض"، إن وجود أحدهم يشكل أرضية لوجود الآخر، وإن الحكومة التي جعلتهم من دون تأثير على البلاد هي حكومة العدالة والتنمية".

وكانت أولى ردات الفعل المنتقدة لتصريحات رئيس الحكومة المؤقتة قد صدرت من قبل الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي (ذو الغالبية الكردية)، صلاح الدين دميرتاش، الذي استنكر تصريحات داود أوغلو، رابطاً بين تنظيم "داعش" و"الطوروسيون البيض".
وانتقد دميرتاش داود أوغلو قائلاً "إنه يذكرنا بالماضي، يذكرنا بالطوروسيين البيض الذين ارتكبوا جرائم الفاعل المجهول، يذكرنا بخاطفي البشر، أريد أن أوجه له سؤالاً واحداً، أنتم تحكمون البلاد منذ 13 عاماً، فإن عادت عصابات الطوروسيين البيض إلى الوجود بعد رحيلكم عن الحكم، فهذا يعني بأنكم كنتم خلال الـ13 عاماً تحمونهم، وبرحيلكم عن الحكم سيغرقون البلاد بالدماء".
ولم يتخل دميرتاش عن الاتهامات التي يكيلها للدولة التركية بالوقوف وراء الاعتداء الذي تعرضت له أنقرة، قائلاً "قبل ذلك كان اسمهم تشكيلات الاستخبارات ووحدات مكافحة الإرهاب التابعة للدرك والآن اسمهم داعش".
بدوره، استنكر حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة) تصريحات داود أوغلو. وتوجه زعيم الحزب، كمال كلجدار أوغلو، إلى داود أوغلو، قائلاً عبر تغريدة على موقع "تويتر" "إنك لا تخيف أحداً، في الأول من نوفمبر سنقوم بإغلاق ملف الطوروسيين البيض نهائياً، كي لا يتم فتحه مرة أخرى"، في إشارة إلى السعي لهزيمة العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة.

وبينما تشير جميع الدلائل إلى أن "داعش" هو المسؤول عن تنفيذ اعتداء أنقرة الانتحاري، أكد مكتب المدعي العام في أنقرة، والذي يشرف على التحقيقات المتعلقة بالهجوم، أنه أرسل رسالة إلى جهاز الاستخبارات التركية، ليطلب منه التحقيق في احتمال ضلوع أجهزة استخبارات أجنبية.

كما أشار مكتب المدعي العام إلى أنه تم التعرف إلى هوية الشخص الذي قام بإعطاء الأوامر وترتيب الهجوم في أنقرة، حيث تشير الدلائل حتى الآن إلى أنه لا يزال داخل الأراضي التركية، بينما صدرت مذكرات إلقاء قبض بحق تسعة أشخاص آخرين يشتبه بضلوعهم في الهجوم.
وكان المدعي العام قد أعلن في وقت سابق أن تفجير أنقرة هو هجوم انتحاري مزدوج نفذته عناصر تابعة لـتنظيم "داعش" تم التعرف إلى أحدهم وهو يونس إمرة ألاغوز، شقيق الانتحاري شيخ عبد الرحمن ألاغوز، الذي فجر نفسه في مدينة سروج مودياً بحياة 33 شخصاً في يوليو/تموز الماضي، بينما تستمر التحقيقات للتعرف إلى هوية الانتحاري الثاني.

اقرأ أيضاً الانتخابات التركية: "العدالة والتنمية" يُعلن برنامجاً تنافسياً

المساهمون