سورية
هذا بعض ما أتذكره:
كنت أطرّز بعناية
على قطع من القماش
أبي يلقي نظرة حنونة وهو يعمل
يمدح انسياب البذور المطرّزة بعناية
أحب الجلوس بين الأزرار
وشرائط القماش
وسماع طقطقة حجر الدواسة
وغرز آلة الخياطة.
ذات صباح شتائي
حين وصلت ندف الثلج إلى رأسي
حملني أبي بين ذراعيه
وأخذني إلى المدرسة التي تبعد نحو ميلين
مروراً بجبال الأرز المكسوة بالبياض.
لست أعلم لماذا حدث ما حدث
رسالة مسمّرة على الحائط
تنذر بمصير ينتظرنا
كنت في الثامنة من عمري
جمعنا بعض الحاجيات البسيطة
ومضينا جميعاً وتعثرنا
باتجاه سورية.
أمي وقعت على الطريق
تركناها هناك
تبعتنا ظلال الطيور الضخمة
الجنود كانوا كلاباً مسعورة
أما نحن فكنا أقلّ شأنا من السراب
في وحشة الصحراء.
توفي والدي
وشقيقاتي الصغيرات
أصبحن نحيلات إلى درجة الموت
لم يبق سواي أنا وشقيقي سركيس
والخيمة السوداء التي تخبط في عالم الرمل.
■
مصر
صورة زفافنا تم التقاطها في القاهرة
قريبة زوجي
أعانتني على الأزرار
المرصوفة إلى أسفل ثوب الحرير العاجي
أقرضتني أقراطاً ذهبية
واسوارة براقة
جلستُ على كرسي
قدماي ينتعلان حذاء شاحباً
لا يكاد يلامس سقف الآرض
وقف ليو إلى جانبي،
يد على كتفي،
تحديق في عين الجهاز والرجل
في الخلف، يحجبه قماش أسود
في طرفة عين
رأيت لوهلة إشعاع شمس الصحراء الساطعة
الخوف يغلي في داخلي
أجنحة رائعة تصطدم بأضلاعي
رأيت سركيس يلوّح من المرفأ
فكرت فقط بفرد شعري وجعل خصلاته تنساب
ولا شيء آخر
* Nancy Kricorian شاعرة وروائية أرمنية أميركية تعيش في نيويورك، والقصيدة مستوحاة من شهادة مريم كودجابابيان كريكوريان إبان تهجير الأرمن عام 1915 والسنوات التي تلت ذلك.
** ترجمة عن الإنكليزية: إليز أغازريان