الطريق إلى روسيا.. ما ينقص الجزائر لعبور مجموعة الموت

12 أكتوبر 2016
مجموعة صعبة للمنتخب الجزائري (العربي الجديد/غيتي)
+ الخط -

من المرشح الأول للصعود إلى نهائيات كأس العالم، إلى الشك المتواصل بمصير معقد، هكذا هي رحلة محاربي الصحراء في التصفيات الأخيرة، بعد التعادل المفاجئ وغير المتوقع أمام أسود الكاميرون في الجولة الأولى، بعد فوز نيجيريا خارج أرضها على زامبيا، ليزيد الغموض حول مجموعة الموت مع ضربة البداية، خصوصا أن منتخبا واحدا فقط من بين كل هؤلاء العمالقة سيذهب في نهاية المطاف إلى روسيا.

عقدة أم ماذا؟
يعتبر المنتخب الجزائري هو الأجهز والأمتع في القارة السمراء، ويضم بين صفوفه خيرة لاعبي الماما أفريقيا، وربما يتفق الكثيرون أن رياض محرز هو اللاعب الأهم حاليا بين جميع أقرانه، نتيجة مهارته الواضحة وقدراته التي جعلته يقود ليستر سيتي لبطولة الدوري الإنكليزي بالموسم الماضي، بالإضافة إلى سليماني، فيغولي، براهيمي، سوداني، وكل النجوم.

لكن يعاني المحاربون بعض الشيء أمام الفرق القادمة من أدغال أفريقيا، ويجد صعوبات بالغة في هزيمتهم. حدث ذلك من قبل في أكثر من نسخة لبطولة الأمم الأفريقية، وخرجوا بغرابة شديدة أمام كوت ديفوار في الكان الماضية، دون تقديم أداء فني كبير على غير العادة. وحتى في تصفيات مونديال 2014، صعد الأبطال بصعوبة أمام بوركينا فاسو في مباراتي التأهل.

يتعلق الأمر بجانب تكتيكي قبل أن يكون نفسيا، فمنتخبات مثل الكاميرون، زامبيا، وحتى نيجريا حاليا، تضم نخبة من اللاعبين الشبان الذين يمتازون بالسرعة الخاطفة في التحولات، وبالتالي تتعقد الأمور بالنسبة لأي منافس يعتمد على المهارة في اللعب، لذلك يستطيع هؤلاء التسجيل في مرمى ممثل العرب، لأنهم يجدون فراغات واضحة في الخلف أثناء حصولهم على الكرة، مع إمكانية اللعب بمستوى شبه ثابت طوال التسعين دقيقة، نتيجة فروقات اللياقة البدنية والقوة الجسمانية.

الضربة الأولى
يعاني الخضر قبل التصفيات من مشاكل دفاعية واحدة، نتيجة كبر سن بعض العناصر وكثرة الإصابات في هذا الخط، وما زاد الأمر تعقيدا عدم جاهزية العناصر الأساسية لمباراة الكاميرون، لذلك لعب المدرب الصربي بأسماء دخيلة على المجموعة، كزيفاني وحتى كادومورو الذي لا يعيش أجمل أيامه حاليا، وبالتالي أصبح هذا المكان أضعف من السابق قبل جولات الحسم.

تسبب ضعف الدفاع في مضاعفة مهام لاعبي الوسط، من خلال عدم التقدم إلى الهجوم والعودة المستمرة إلى الخلف، ومع انخفاض مستوى رياض بودبوز وخروجه تماما عن أجواء المباراة، انفصل تقريبا ثنائي الارتكاز عن بقية لاعبي الثلث الأخير. ودفع المنتخب ثمن تمركز ثنائي محوري غير قادر على التمرير الإيجابي، فتايدر وقديورة لعبا بأسلوب مباشر، وسهلا مهمة الخصم في وضع المهاجمين تحت السيطرة دون عناء.

مع مشاكل الدفاع المعروفة وضعف الارتداد أثناء التحولات، قل الدعم من الوسط باتجاه الهجوم، لتتحول عملية صناعة الفرص إلى مجهود فردي بحت، عن طريق مراوغة من محرز أو انطلاقة سوداني، لتغلب الرتابة على طريقة اللعب، خصوصا مع المستوى السيئ لصناع اللعب في المركز 10، بودبوز ثم بديله ياسين براهيمي.

الجيل الجديد
نيجيريا ليست أقل من الكاميرون بل أفضل في البدايات، خصوصا تحت قيادة الخبير الألماني غيرنو روهر، الرجل صاحب الخبرة الكبيرة في أفريقيا مع بوركينا، النيجر، والغابون، ليضع الاتحاد النيجيري كامل ثقته فيه بعد الإخفاقات المتتالية خلال السنوات الماضية. وعمل المدرب الألماني على نسف الجيل القديم وإعادة تشكيل المنتخب بمجموعة من العناصر الشابة، ليدخل التصفيات الحالية وعينه على الصعود المبكر.

يضم المنتخب النيجيري بين صفوفه عدة مواهب رائعة، كإيهيناتشو مهاجم السيتي، إيوبي جناح آرسنال، وسيمون لاعب جينت البلجيكي، مع الحفاظ على بعض عناصر الخبرة كفيكتور موسيس، وجون أوبي ميكيل. وتلعب النسور بطريقة جمالية بعض الشيء، نظرا لقوة المهارات الفردية، وضم مجموعة تجيد اللعب بين العمق والأطراف، لذلك يستخدم المدرب أكثر من رسم خططي خلال المباراة.

وغالبا سيلعب الفريق بخطة 4-4-2 ضد الجزائر، بتواجد ثنائي هجومي في الأمام ورباعي وسط صريح، بقيادة المحورين أونازي وميكيل في عمق الملعب، مع عودة كليتشي إيهيناتشو إلى الوسط كما فعل أمام زامبيا، وبالتالي تزيد الكثافة العددية في المنتصف، ويستحوذ المنتخب على الكرة في أغلب الفترات، دون نسيان قلبي الدفاع أوميرو وإيكونغ، أسماء شابة تحمي المرمى من دون الكرة.

مفترق طرق
تعتبر مباراة نيجيريا والجزائر بمثابة المصير لكل فرق المجموعة، فتحقيق أحد الفريقين الفوز يعني تقوية موقفه في المجموعة، وتعرض أي جانب للخسارة يزيد من صعوبة الوضع. ويمتاز النسور بالمهارة والقدرة على امتلاك الكرة، إنها ميزة تجعله أقوى هجوميا من الكاميرون، المنتخب الأفضل على صعيد التحولات والمرتدات.

وبالتالي من المتوقع رؤية بعض الفراغات في نصف ملعبه، لأنه سيلعب أكثر للهجوم أملا في تحقيق فوز مبكر، لذلك سيجد هجوم الجزائر حيزا أكبر للتحرك، عكس ما حدث في المباراة الأولى، بعد لعب الكاميرون على التعادل قبل كل شيء. ونتيجة ضعف مركز صانع اللعب في المنتخب الأخضر، يمكن لمحرز ترك الجناح والتحول إلى العمق خلف سليماني.

أما الأطراف فالأفضل الاعتماد على ثنائي سريع في الارتداد، فيغولي وسوداني هما الأبرز في هذا المجال، لكن مع العودة باستمرار لأداء الشق الدفاعي. وفي حالة الحصول على تأمين أفضل، يستطيع الجهاز الفني إضافة لاعب وسط ثالث لثنائي المحور، نبيل بن طالب هو المراد بكل تأكيد، مع التضحية بواحد من الجناحين، لمحاولة خلق التفوق العددي على وسط نيجيريا، وحرمانه من أي أفضلية مطلقة على المجريات.

سواء لعبت الجزائر بـ4-4-2 أو 4-3-3 أمام نيجيريا، يبقى التكيّف مع أسلوب لعب المنافس هو الأساس، فالنجاح في لعب التمريرات الطولية، والنقل السريع للكرات من الخلف إلى الأمام، كلها أمور ستخلق خطورة حقيقية على المرمى، لأن معظم فرق أفريقيا السمراء عندما تندفع للهجوم، فالمساحات حاضرة بلا شك أمام شباكهم، في انتظار مواجهة حاسمة.

المساهمون