هل تآكلت الطبقة الوسطى في العالم العربي؟ المؤشرات الاقتصادية في المنطقة تؤكد أن الهوة بين الطبقات الغنية والفقيرة تتسع، نتيجة الارتفاع الصاروخي في أسعار المواد الاستهلاكية، وغلاء المساكن، مقابل جمود الأجور، وصعوبة الحصول على قروض مناسبة لمواجهة ذلك.
ويظهر أن الهرم الاجتماعي العربي الذي تلعب فيها الطبقة الوسطى دور "ضابط إيقاع" الأوضاع الاقتصادية، يعرف منذ مدة اختلالات أضعفت إمكاناتها في مواجهة تكاليف العيش، بل حتى مساهمتها في الإنتاج عبر خلق قيمة مضافة داخل المجتمع.
وما يعزز الرأي القائل بأن الطبقة الوسطى في المنطقة تسير نحو "الانحصار"، نسب الفقر التي ترتفع سنوياً، حيث يعيش في العالم العربي اليوم أكثر من 11 مليون شخص بدولار واحد في اليوم، وفق آخر إحصاء لمنظمة الأمم المتحدة، ونصيب الفرد من الناتج المحلي للدول العربية لا يتجاوز 3500 دولار في السنة، من أصل تريليون و490 مليار دولار كناتج محلي إجمالي. أي أن الفروق الاجتماعية أصبحت صارخة بين الفئات المجتمعية، التي زادتها الأزمات والحروب تفتتاً وفقراً.
وحسب بحث صادر عن مركز دراسات الوحدة العربية العام 2013، فإن الطبقة الوسطى تشكل ما نسبته 44.5% من مجموع سكان المنطقة العربية، أي قرابة 146 مليون نسمة، يعيش منهم 80 مليوناً في البلدان غير النفطية و66 مليوناً في البلدان النفطية. ويتركز مئة مليون نسمة ممن ينتمون إلى الطبقة الوسطى في مصر والمغرب والسودان والسعودية والجزائر والعراق. وخلص البحث إلى أن "الصراعات الطائفية، والاحتكار الاقتصادي، والبيروقراطية، بالإضافة إلى الفساد والظلم الاجتماعي، عوامل أصبحت تحاصر الطبقة الوسطى".
ويرى الخبير الاقتصادي التونسي صادق جبنون أن الطبقة الوسطى في الدول العربية تكاد تندثر وتنتهي، وذلك بفعل الضعف الشديد الذي أصبحت تعيشه الاقتصادات العربية، مستثنياً الدول التي تنتمي إلى منطقة الخليج العربي، حيث يعتبر أن هذه الأخيرة لا تزال تضمن شروط عيش مريحة لمواطنيها المنتمين لطبقاتها الوسطى.
ويفسّر جبنون لـ "العربي الجديد" مآل أوضاع الطبقة الوسطى في المنطقة العربية، بقدوم أجيال جديدة تحرم بفعل غياب الفرص والبطالة من المشاركة في الدورة الاقتصادية، وخلق قيمة مضافة لها وللمجتمع، ما يمكنها من الرقي الاجتماعي. ويضيف المتحدث ذاته، أن من بين أسباب ضعف الطبقة الوسطى كذلك، عيشها في دول تنهار عملتها بشكل متسارع وخطير بسبب الأزمات السياسية والأمنية، وتفتقر لمقومات البحث العلمي والصناعات التكنولوجية، التي يرى فيها جبنون، نافذة التوظيف بأجور محترمة تلبي أساسيات العيش وتضمن إمكانية الرقي الاجتماعي، كما تساعد على اكتساب الخبرة لخلق مشاريع لهذه الفئة.
ويشدّد جبنون، على أن أبرز خطر يهدّد استقرار الطبقة الوسطى في الدول العربية، هو استمرار مظاهر الفساد داخل الإدارات والمؤسسات، وكذا الاشتغال بمنطق المحسوبية والوساطة في المؤسسات الاقتصادية.
ويلفت جبنون إلى أن أوضاع الطبقة الوسطى في منطقة الخليج العربي، والتي تم استثناؤها من الأوضاع الحالية، يمكن أن تعاني في المدى المتوسط من المشاكل نفسها اجتماعياً واقتصادياً، نظراً لانحصار عائدات النفط وتوجه العالم نحو البحث عن مصادر طاقة جديدة حسب وجهة نظره. ما سوف يترتب عنه انخفاض حاد في الدخل الفردي المحلي للمواطن الخليجي، الذي تعوّد على العيش في مستويات مترفة، ونمط استهلاكي يعتمد على المنتوجات العالية القيّمة في الأسواق.
من جهته، يرى الباحث في مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية "مدى" عبد اللطيف الحاجي، أن مؤشرات تقييم انتماء الأفراد إلى الطبقة الوسطى في الدول العربية، هي في الأصل مختلة، ويبرّر موقفه هذا بطرح معادلة التوازي بين الدخل والمصاريف، حيث إن ملايين العرب محسوبون على الطبقة الوسطى، لكن دخلهم الشهري يكاد لا يغطي حتى حاجياتهم الأساسية، ولا يسمح لهم بتخصيص حيز منه للادخار والعيش بنوع من الرفاهية.
ويوضح الحاجي لـ "العربي الجديد"، أن مختلف الحاجات الأساسية للمواطن العربي الذي "يحسب على الطبقة الوسطى"، من توفير السكن، والتعليم، والسيارة، ومصاريف السفر في العطلة... أصبحت غير متاحة دون اللجوء إلى قروض المصارف.
ويشير الحاجي إلى كتاب المؤرخ والمفكر المغربي حسن أوريد "مرآة الغرب المنكسرة"، والذي قال إنه حاز إجماعاً من طرف خبراء الاقتصاد الاجتماعي، نظراً لتنبؤه سابقاً بثورات الربيع العربي، ومن بين ما ذكر بشكل أساسي في كتابه، كسبب في ثورات الشعوب العربية، مسألة اتساع هوة الفقر وبوادر اختفاء الطبقة الوسطى التي تقع في وسط الهرم الاجتماعي والاقتصادي.
وبرغم المؤشرات والآراء، إلا أن العديد من التقارير والدراسات تؤكد أن فكرة "اندثار" أو "اختفاء" الطبقى الوسطى، يعتبر نوعاً من المبالغة، بحيث لا يمكن لأي مجتمع أن يقوم على انقسام مطلق التطرف في أي حال من الأحوال...
ويظهر أن الهرم الاجتماعي العربي الذي تلعب فيها الطبقة الوسطى دور "ضابط إيقاع" الأوضاع الاقتصادية، يعرف منذ مدة اختلالات أضعفت إمكاناتها في مواجهة تكاليف العيش، بل حتى مساهمتها في الإنتاج عبر خلق قيمة مضافة داخل المجتمع.
وما يعزز الرأي القائل بأن الطبقة الوسطى في المنطقة تسير نحو "الانحصار"، نسب الفقر التي ترتفع سنوياً، حيث يعيش في العالم العربي اليوم أكثر من 11 مليون شخص بدولار واحد في اليوم، وفق آخر إحصاء لمنظمة الأمم المتحدة، ونصيب الفرد من الناتج المحلي للدول العربية لا يتجاوز 3500 دولار في السنة، من أصل تريليون و490 مليار دولار كناتج محلي إجمالي. أي أن الفروق الاجتماعية أصبحت صارخة بين الفئات المجتمعية، التي زادتها الأزمات والحروب تفتتاً وفقراً.
وحسب بحث صادر عن مركز دراسات الوحدة العربية العام 2013، فإن الطبقة الوسطى تشكل ما نسبته 44.5% من مجموع سكان المنطقة العربية، أي قرابة 146 مليون نسمة، يعيش منهم 80 مليوناً في البلدان غير النفطية و66 مليوناً في البلدان النفطية. ويتركز مئة مليون نسمة ممن ينتمون إلى الطبقة الوسطى في مصر والمغرب والسودان والسعودية والجزائر والعراق. وخلص البحث إلى أن "الصراعات الطائفية، والاحتكار الاقتصادي، والبيروقراطية، بالإضافة إلى الفساد والظلم الاجتماعي، عوامل أصبحت تحاصر الطبقة الوسطى".
ويرى الخبير الاقتصادي التونسي صادق جبنون أن الطبقة الوسطى في الدول العربية تكاد تندثر وتنتهي، وذلك بفعل الضعف الشديد الذي أصبحت تعيشه الاقتصادات العربية، مستثنياً الدول التي تنتمي إلى منطقة الخليج العربي، حيث يعتبر أن هذه الأخيرة لا تزال تضمن شروط عيش مريحة لمواطنيها المنتمين لطبقاتها الوسطى.
ويفسّر جبنون لـ "العربي الجديد" مآل أوضاع الطبقة الوسطى في المنطقة العربية، بقدوم أجيال جديدة تحرم بفعل غياب الفرص والبطالة من المشاركة في الدورة الاقتصادية، وخلق قيمة مضافة لها وللمجتمع، ما يمكنها من الرقي الاجتماعي. ويضيف المتحدث ذاته، أن من بين أسباب ضعف الطبقة الوسطى كذلك، عيشها في دول تنهار عملتها بشكل متسارع وخطير بسبب الأزمات السياسية والأمنية، وتفتقر لمقومات البحث العلمي والصناعات التكنولوجية، التي يرى فيها جبنون، نافذة التوظيف بأجور محترمة تلبي أساسيات العيش وتضمن إمكانية الرقي الاجتماعي، كما تساعد على اكتساب الخبرة لخلق مشاريع لهذه الفئة.
ويشدّد جبنون، على أن أبرز خطر يهدّد استقرار الطبقة الوسطى في الدول العربية، هو استمرار مظاهر الفساد داخل الإدارات والمؤسسات، وكذا الاشتغال بمنطق المحسوبية والوساطة في المؤسسات الاقتصادية.
ويلفت جبنون إلى أن أوضاع الطبقة الوسطى في منطقة الخليج العربي، والتي تم استثناؤها من الأوضاع الحالية، يمكن أن تعاني في المدى المتوسط من المشاكل نفسها اجتماعياً واقتصادياً، نظراً لانحصار عائدات النفط وتوجه العالم نحو البحث عن مصادر طاقة جديدة حسب وجهة نظره. ما سوف يترتب عنه انخفاض حاد في الدخل الفردي المحلي للمواطن الخليجي، الذي تعوّد على العيش في مستويات مترفة، ونمط استهلاكي يعتمد على المنتوجات العالية القيّمة في الأسواق.
من جهته، يرى الباحث في مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية "مدى" عبد اللطيف الحاجي، أن مؤشرات تقييم انتماء الأفراد إلى الطبقة الوسطى في الدول العربية، هي في الأصل مختلة، ويبرّر موقفه هذا بطرح معادلة التوازي بين الدخل والمصاريف، حيث إن ملايين العرب محسوبون على الطبقة الوسطى، لكن دخلهم الشهري يكاد لا يغطي حتى حاجياتهم الأساسية، ولا يسمح لهم بتخصيص حيز منه للادخار والعيش بنوع من الرفاهية.
ويوضح الحاجي لـ "العربي الجديد"، أن مختلف الحاجات الأساسية للمواطن العربي الذي "يحسب على الطبقة الوسطى"، من توفير السكن، والتعليم، والسيارة، ومصاريف السفر في العطلة... أصبحت غير متاحة دون اللجوء إلى قروض المصارف.
ويشير الحاجي إلى كتاب المؤرخ والمفكر المغربي حسن أوريد "مرآة الغرب المنكسرة"، والذي قال إنه حاز إجماعاً من طرف خبراء الاقتصاد الاجتماعي، نظراً لتنبؤه سابقاً بثورات الربيع العربي، ومن بين ما ذكر بشكل أساسي في كتابه، كسبب في ثورات الشعوب العربية، مسألة اتساع هوة الفقر وبوادر اختفاء الطبقة الوسطى التي تقع في وسط الهرم الاجتماعي والاقتصادي.
وبرغم المؤشرات والآراء، إلا أن العديد من التقارير والدراسات تؤكد أن فكرة "اندثار" أو "اختفاء" الطبقى الوسطى، يعتبر نوعاً من المبالغة، بحيث لا يمكن لأي مجتمع أن يقوم على انقسام مطلق التطرف في أي حال من الأحوال...