نظّم أمس "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في تونس، ندوة لتقديم كتاب "الإسلام النقدي: المثقف النقدي والمسألة الدينية" لـ الطاهر أمين. كتاب يحاول طرح أسئلة على الإسلام ونصوصه، منطلقاً من صعود ظاهرة "التطرّف" باسمه.
في كلمة الافتتاح، اعتبر مدير المركز، المهدي مبروك، أن هذا العمل "إضافة حقيقية في دراسة الإسلاميات" مشيداً بمحاولة المؤلف قطع مسافة "من نقد الإسلام إلى الإسلام النقدي". يرى مبروك أن أمين طرح نموذجاً لـ "كتابة غير متوترة رغم أنه يخوض مجالاً متوتراً"، مشيراً إلى أنه "استهدف ما يتحاشاه الناس خجلاً أو نفاقاً أو تجنباً للاستفزاز".
من جهته، قدّم الباحث حمّادي برواقي قراءة في العمل بعنوان "ما في إسلامنا يتحدّى إسلامنا؟ الإسلام النقدي لـ الطاهر أمين محاولة للإجابة". ينطلق برواقي من فرضية تقول إن "الإسلام نصٌّ ونصٌّ على نصٍّ، أي أنه مدوّنة ذات مقاربة تأويلية تجعل من النص الأول تحُفّه العديد من النصوص". والكتاب، من وجهة نظره، محاولة لاستنطاق المقاربات التي تدور حول النص الأول.
يرى برواقي أن المؤلف "يبحث عن موطأ قدم نقدي جديد، وكأن أمين يقول سأمارس التفكيك دون وجل من مُخرجاته". يضع الباحث كتاب "الإسلام النقدي" في إطار عام لقراءات حول الإسلام، "فمنذ هزيمة 67 والنص الديني يتعرّض لقراءات نقدية ذات ثلاث مقاربات رئيسة، بين مركسة ولبرلة وأسلمة".
من هنا يعتبر أن "أمين تحرّر من القراءات الثبوتية للإسلام والتي تُفضي إلى تقديس قراءة وتأثيم أخرى". ليخلُص الباحث إلى موضوع راهن شغل المؤلّف، حيث يكشف أن هذا المسار أدّى لـ "ظهور قراءات مدجّجة بالسلاح".
في كلمته، قال الكاتب إنه انطلق في مؤلّفه من مفارقة وهي أن "الإسلام شكّل ولا زال يشكل قوة اجتذاب، وهو نواة صلبة. لكن إعادة اكتشاف جاذبية الإسلام تجري في ظل فوضى فكرية"، ويرى أن هذا الوضع جعل "الفكر الإسلامي يحتضر ونحن لا نعرف ذلك، أي أنه لم يعد قادراً على إشباع وعينا".
يتساءل أمين "من أين جاء هذا العجز؟"، ويجيب بأن "التاريخ الإسلامي محكوم بدياليكتيك خيبة الأمل داخل صيرورة بطيئة"، معتبراً أن "الصيغة الداعشية التي نراها اليوم هي التجسيد الأبرز لخيبة الأمل" ثم يقول "داعش هي فضيحتنا الكبرى".
يأتي هذا الكتاب استكمالاً لمشروع نقدي موسّع يبدو أنه يشغل أمين في السنوات الأخير، فقد نشر منذ أشهر عملاً في نفس السياق بعنوان "الأفق النقدي الجديد". عمل يطرح سؤالاً رئيساً "من يكون مثقف النهضة؟"، بينما يتناول في عمله الأخير سؤال "ما معنى أن تكون مسلماً في عصرنا هذا؟" كما صرّح بذلك خلال ندوة تقديم كتابه.