الطاقة المتجددة... وعاء اقتصادي جديد في اليمن تنقصه الرقابة

09 مايو 2016
يمنيون في سوق لشراء الألواح الشمسية(محمد حويس/ فرانس برس)
+ الخط -
منذ سنوات طويلة لم تجد الحكومات اليمنية المتعاقبة طريقاً تسلكه لاستغلال الطاقة المتجددة. وظلت تنظر إلى الحديث عن أي مبادرات في هذا المجال، كضرب من ضروب الخيال، كما أنها لم تضع مكاناً لمصادر هذه الطاقة كـ "الرياح والمياه والشمس" بين مواردها، الأمر الذي حرم الاقتصاد الوطني من الاستفادة من الموارد الطبيعية في مجال توليد الطاقة.
ركزت الدولة اليمنية اهتمامها على قطاع النفط الذي يشهد تراجعاً كبيراً في مردوده، أضف إلى أنه مهدد بالنضوب، وظلت تدير هذا المورد بطرق لا تخلو من الفساد، لتجد نفسها دولة مستوردة للنفط وغير قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي. وفي ظل الأزمات التي تمر بها البلد، ومن بينها غياب التيار الكهربائي منذ أكثر من عام، بدأ المواطنون بشكل عشوائي الحصول على الطاقة عن طريق الشمس، في ظل غياب أي دور للدولة في تنقية السوق من منتجات الطاقة الشمسية الرديئة وخلق الوعي المجتمعي بالطرق السليمة للاستفادة الصحيحة من الطاقة الشمس.
تقف تحديات كبيرة عائقاً أمام سوق واعدة ومصدر مستدام، حسب ما يراه وحيد عبدالرحمن بشر، مدير عام شركة "باور أون" لحلول وأنظمة الطاقة المتجددة. ويقول لـ "العربي الجديد" إن الحاجة كانت سبباً رئيسياً لاتجاه اليمنيين نحو استخدام الطاقة الشمسية بعشوائية، إلا أن الأمر يتطلب زيادة الوعي خاصة أن هذه السوق تعاني الغش وغياب الجودة.
تتميز سوق الطاقة الشمسية في اليمن بأنها السوق الأسرع نمواً، فقد أنفق اليمنيون فيها نحو 300 مليون دولار، منذ نهاية 2014 حتى نهاية 2015، وبحسب صدام الأهدل، رئيس مؤسسة مساندة للتنمية التي نظمت، أخيراً، في صنعاء المعرض الأول للطاقة الشمسية في اليمن، وهو رقم كبير في ظل الحرب. ويقول الأهدل "هناك ارتفاع ملحوظ في الطلب على الطاقة ومن المتوقع أن يبقى على هذا النحو، حيث تشير التوقعات إلى أن حجم سوق الطاقة الشمسية في اليمن سيصل إلى 3 مليارات دولار، خلال السنوات الأربع المقبلة".

ويقول أحمد الحمادي، أحد تجار الطاقة الشمسية في صنعاء: "يقع المواطن ضحية الغش، فالسوق مليئة بالسلع الرديئة والمقلدة وتباع بأسعار مرتفعة، وهو ما يجسد غياب الدولة في الرقابة وحماية المستهلك". مشيراً إلى أن مستلزمات الطاقة الشمسية الرديئة قد تشكل عائقاً أمام تنمية مورد الشمس، وتولد عدم الثقة بقدرة هذا المورد على تلبية حاجة المواطن.
يطالب المهندس، عبد الناصر البريهي، المتخصص في مجال الطاقة الشمسية، بضرورة تحرك الدولة للحد من انتشار السلع المغشوشة، وأن تسعى إلى الاستثمار في أحد أهم الموارد الطبيعية المتجددة "الشمس" بدلاً من أن يُدار هذا المورد بطريقة خاطئة لا تخدم تنميته وتحرمه من القيام بدوره الاقتصادي. ويشير البريهي إلى أن المواطن يحتاج إلى 1000 دولار على الأقل لشراء منظومة شمسية ذات جودة، يحصل من خلالها على الإضاءة وتشغيل بعض من الأجهزة الكهربائية التي تتطلب طاقة كهربائية تتناسب مع قدرة هذه المنظومة. فالكُلفة باهظة أمام أغلب اليمنيين بسبب انعدام الدخل ما يجعلهم عرضة للغش.

يرى الباحث الاقتصادي مرزوق محسن أن الاستثمار في الطاقة المتجددة يخدم اليمن بشكل كبير جداً، خاصة في مجال توليد الطاقة الكهربائية التي تنفق عليها الدولة ملايين الدولارات وتجني طاقة ضعيفة. ويقول لـ"العربي الجديد": "إن التوجه نحو الطاقة المتجددة له مردود اقتصادي كبير، إلا أن ذلك يتطلب من الدولة توفير البنية التحتية للاستثمار في هذا المجال، وأن تتعامل مع موارد الطاقة المتجددة كـ "الشمس والرياح" بأنها موارد مستدامة، وأن تساهم في توفير متطلبات استثمارها".
وينتقد محسن دور الدولة السلبي، ويشير إلى أن التوجه الشعبي الحاصل الآن نحو توليد الطاقة من الشمس عبارة عن جهود ذاتية يتبناها المواطنون لتلبية حاجتهم من الطاقة.
أما وكيل وزارة الكهرباء للطاقة المتجددة حارث العمري، فيؤكد أن اليمن دخل فعلياً في مجال الطاقة المتجددة، من خلال اعتماد الاستراتيجية الوطنية التي أقرتها الحكومة عام 2009، ولم تدخل حيز التنفيذ إلا خلال هذه الفترة جراء انهيار منظومة الكهرباء واندفاع المواطنين لاقتناء منظومات الطاقة الشمسية، وكان لهذا الاندفاع أثر إيجابي للانطلاق بشكل كبير باتجاه الطاقة المتجددة.
ويشير العمري إلى أن الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة للفترة 2009ـ 2025 تهدف إلى إدخال مزيج من الطاقة في منظومة الكهرباء، وتوليد 200 ميغاوات بالطاقة الشمسية، و200 ميغاوات من طاقة الرياح، و100ـ 150 من طاقة باطن الأرض إلى جانب استغلال النفايات.
إلى ذلك ينفق اليمن 1.2 مليار دولار سنوياً لإنتاج الطاقة بالوقود الأحفوري، ولا يغطي ذلك ما نسبته 42% من احتياجات البلد من التيار الكهربائي وفقاً لوكيل وزارة الكهرباء، حارث العمري، الذي يقول "إن الوضع الاقتصادي سيتغير بشكل كبير في حال تم إدخال برامج ومشاريع ريادية للطاقة المتجددة".
المساهمون