الطائرة في انتظاري

02 ابريل 2014
باول كوشينسكي/ بولندا
+ الخط -
لم يعد "الكذب" عند بعض كتّاب الشعر في الأردن يتأتى من باب: "أعذب الشعر أكذبه"، بل من نافذة: "أعذب السير الثقافية أكذبها"، فتراهم يجتهدون في "تأليف" سيرهم الذاتية الإبداعية بمهارات فائقة وخيال وقدرات هائلة كانوا سيبلون حسنا لو أنهم استثمروها عند كتابة قصائدهم.

أحد هؤلاء "الشعراء" أودع في سيرته كل أمنياته وأحلام يقظته ومنامه، أهمها التجوال في أوروبا. فجاءت هذه السيرة أشبه بالبرنامج السياحي زاعماً مشاركته في مؤتمرات ثقافية هناك ممثلا "أبناء جيله من الشعراء". طبعا هذا الشاعر لا يكاد يتعرف على صورته الضجرة في جواز سفره، ولا يعرف ما هو أبعد من مقهى في وسط البلد.

"شاعر" آخر أصابه الضجر وهو يزور صفحات أصدقائه في "الفايسبوك"، فأخذه التفكير إلى جذب اهتمام وتفاعل الاصدقاء معه، بكتابة جملة ادعى فيها صدور الطبعة الرابعة من كتابه اليتيم. وكلما كان عدد "اللايكات" يزداد، كانت قناعته تزداد، إلى حد دفعه إلى الذهاب للناشر يطالبه بطباعة خمسين نسخة تدمغ أغلفتها بـ"الطبعة الرابعة". وكان صديقه، وهو شاعر أيضا، أول من تساءل عن الطبعتين الثانية والثالثة!
أما شاعرنا الأخير، فكذبه هو الأكثر زرقة؛ فها هو يستذكرُ سهراته التاريخية في بيت محمود درويش في عمان، ويصف لنا غرفة مكتبه المنجّد بألوان لازوردية وزيتية، وكيف أن صورته تملأ الجدار خلفه. طبعاً كلنا كنا سنصدقه كون أحدنا لم "يحظَ" بسهرة باذخة كالتي يصفها؛ لولا ما شاهدناه من أفلام وثائقية لاحقاً صوّرت مع الشاعر في بيته، وتحديدا في "المكتب المنجّد بألوان لازوردية".
جرّب اقطع طريق أي شاعر الآن في عمّان، سيعتذر ويقول: أرجوك الطائرة/ أو الجائزة في انتظاري.

* شاعر من الأردن 


دلالات
المساهمون