05 يونيو 2017
الضرائب القادمة في الخليج
في دولٍ كثيرة، تفرض الحكومة على مواطنيها ضرائب على الدخل، تتفاوت بحسب مستوى دخل الأفراد، وترفد خزينة الدولة بما يمكّنها من القيام بوظائفها، ومنها تقديم خدماتٍ أساسية لكل مواطنيها. في دول الخليج، لم تكن الحاجة قائمةً لفرض الضرائب على المواطنين، لأن ريع النفط كان كافياً لدعم خزينة هذه الدول، والدولة مستغنيةٌ عن تمويل خزينتها بهذه الضريبة. اليوم، ومع التحولات الاقتصادية الجارية، وخطط تنويع مصادر الدخل في هذه الدول، يظهر حديثٌ عن خطط لفرض أنواع من الضرائب في دول الخليج في الفترة المقبلة، مثل ضريبة القيمة المضافة، وضريبة السلع الانتقائية، وفي الوقت نفسه، تُنشَر تطميناتٌ بعدم وجود نية لفرض ضرائب على الدخل أو الشركات، على لسان بعض المسؤولين، وسط خوف الناس من قادمٍ مجهولٍ لا يعرفونه جيداً، اسمه الضرائب.
توجد أنواعٌ مختلفة من الضرائب، منها ما هو مباشر، وهي ضريبة تقوم الدولة بتحصيلها مباشرة من الأفراد، مثل ضرائب الدخل والشركات، ومنها ما هو غير مباشر، وهي ضريبةٌ تحصلها الدولة من خلال وسيط، مثل المحلات التجارية، حيث يدفع المستهلك نسبةً محدّدةً على المنتجات التي يشتريها، وهذا يحصل في ضريبة القيمة المضافة. الضرائب التي تم الإعلان، أخيرا، عن نية فرضها، وتعمل الحكومات الخليجية على تهيئة أفراد مجتمعاتها لدفعها، هي من أنواع الضرائب غير المباشرة، منها الضريبة الانتقائية التي يتحملها المستهلك، وتُفرض على السلع المُضرَّة بالصحة أو البيئة، مثل التبغ والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، وضريبة القيمة المضافة، بنسبة 5% على جميع المنتجات، باستثناء مائة سلعة تُعتَبر أساسية.
هناك فوارق عديدة بين أنواع الضرائب غير المباشرة، مثل الفارق بين ضريبة القيمة المضافة وضريبة المبيعات مثلاً، على الرغم من التشابه بينهما. لكن ما يعنينا هنا هو الفارق الذي يشعر به أفراد المجتمع. من هذا المنطلق، يمكن رصد حجم العبء الملقى على الفئات الاجتماعية المختلفة بسبب هذه الضرائب، خصوصا أن هذه الضرائب تُطبَّق أفقياً، بحيث ينعدم التمايز بين الأفراد على مستوى دخلهم وإمكاناتهم المادية.
في حالة ضريبة القيمة المضافة، والضريبة الانتقائية المفروضة على سلعٍ مثل التبع والمشروبات الغازية، يكون العبء المالي متساوياً بين مواطنٍ محدود الدخل وآخر من الأثرياء، إذ سيدفع الاثنان المبلغ نفسه في شراء السلع، ما يعني أن المواطن محدود الدخل ومتوسطه سيتضرّر أكثر، فيما الثري لا يتأثر كثيراً. بالمثل، تضر الرسوم على الشركات والمؤسسات التي لا تمايز بينها على أساس الحجم بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ولا تؤثر كثيراً على الشركات الكبيرة.
غياب التمييز على أساس الدخل المالي والثروة يمتد ليشمل ارتفاع رسوم الخدمات الحكومية، ورفع الدعم عن الكهرباء والمياه والبنزين. وعلى الرغم من إعلان الحكومة السعودية مثلاً نيتها تعويض الأقل دخلاً بمبلغ مالي، بدايةً من الصيف المقبل، إلا أن السمة العامة للأعباء المالية المفروضة، سُمِّيَت رسوماً أو ضرائبَ أو رفع دعم، هي عدم التمييز على أساس الدخل والثروة بين الأفراد، وتحميل العبء الأكبر لمحدودي الدخل ومتوسطيه، إضافة إلى التمنع عن فرض ضرائب تستهدف أصحاب الثروات الأكبر بشكل أساسي، مثل الضرائب على أرباح البنوك والمؤسسات المالية، ووكلاء المنتجات الأجنبية من سيارات وأجهزة إلكترونية وملابس، وكبار تجار العقار، وهي ضرائب توفر دخلاً أكبر للدولة من الضرائب التي تستهدف الفئات الأقل دخلاً، طالما أن الهدف المعلن من الرسوم والضرائب استحداث مصدر دخل جديد، كما أنها تحقق نوعاً من العدالة الاجتماعية المطلوبة في دول الخليج.
يشعر مواطنون خليجيون كثيرون بالقلق على مداخيلهم من الضرائب، والقلق يتصاعد أكثر في حال الحديث عن ضرائب على الدخل، على الرغم من أن ضريبة الدخل أفضل بكثير من ضريبة القيمة المضافة، لأنها تصاعدية، وتقتطع مبالغ أكبر من الأعلى دخلاً، لكن هذا يتطلب شفافيةً عالية، والتزاماً كبيراً، ونظاماً ضريبياً فاعلاً يُطبّق على الجميع. باختصار، يتطلب هذا الأمر تغييراتٍ كبيرة، إدارية واجتماعية واقتصادية وسياسية، وهو ما يجعله بعيداً وغير مُحَبَّذ.
في حالة الضريبة على الدخل، يدفع محدود الدخل نسبة أقل بكثير من مدخوله مقارنةً بالثري، وضريبة الشركات تستهدف الشركات الأكبر بنسبٍ أعلى. يوزّع هذا التصاعد في تطبيق الضريبة الأعباء على الناس بشكل أكثر دقة، ويحمي الفئات الأقل دخلاً، ويمنع تدهور قوتها الشرائية، وتضرّر إنفاقها الاستهلاكي، كما يوفر للدولة إيراداً جيداً، بالنظر إلى ما يقتطع من الثروات الموجودة، وما تدفعه شركاتٌ وبنوك كبيرة، راكمت أرباحاً ضخمة، واستفادت من دعم حكومي كبير، من دون تحمل أي أعباء ضريبية في الماضي.
القلق من الضرائب، بغض النظر عن أنواعها، قائم، لأن المواطنين الخليجيين لم يعتادوا دفع الضرائب، ويتوجّسون من تغيير غير مفهوم بالنسبة لهم في نمط العلاقة الاقتصادية بينهم وبين الدولة الريعية. وفي حين تُرفَع شعارات التحول الاقتصادي في الخليج، لا تظهر مؤشراتٌ على تغيير جذري في نمط الاقتصاد الريعي، والحرص على فرض أنواعٍ محدّدة من الضرائب دون سواها، يتسق مع استبعاد تغييرٍ جذري في الاقتصاد الخليجي، وتحميل الطبقات الوسطى والدنيا، العبء الأكبر من فاتورة خطط الإصلاح الاقتصادي، فيما يحافظ أصحاب الامتيازات على مكاسبهم، ويحصدون المزيد.
توجد أنواعٌ مختلفة من الضرائب، منها ما هو مباشر، وهي ضريبة تقوم الدولة بتحصيلها مباشرة من الأفراد، مثل ضرائب الدخل والشركات، ومنها ما هو غير مباشر، وهي ضريبةٌ تحصلها الدولة من خلال وسيط، مثل المحلات التجارية، حيث يدفع المستهلك نسبةً محدّدةً على المنتجات التي يشتريها، وهذا يحصل في ضريبة القيمة المضافة. الضرائب التي تم الإعلان، أخيرا، عن نية فرضها، وتعمل الحكومات الخليجية على تهيئة أفراد مجتمعاتها لدفعها، هي من أنواع الضرائب غير المباشرة، منها الضريبة الانتقائية التي يتحملها المستهلك، وتُفرض على السلع المُضرَّة بالصحة أو البيئة، مثل التبغ والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، وضريبة القيمة المضافة، بنسبة 5% على جميع المنتجات، باستثناء مائة سلعة تُعتَبر أساسية.
هناك فوارق عديدة بين أنواع الضرائب غير المباشرة، مثل الفارق بين ضريبة القيمة المضافة وضريبة المبيعات مثلاً، على الرغم من التشابه بينهما. لكن ما يعنينا هنا هو الفارق الذي يشعر به أفراد المجتمع. من هذا المنطلق، يمكن رصد حجم العبء الملقى على الفئات الاجتماعية المختلفة بسبب هذه الضرائب، خصوصا أن هذه الضرائب تُطبَّق أفقياً، بحيث ينعدم التمايز بين الأفراد على مستوى دخلهم وإمكاناتهم المادية.
في حالة ضريبة القيمة المضافة، والضريبة الانتقائية المفروضة على سلعٍ مثل التبع والمشروبات الغازية، يكون العبء المالي متساوياً بين مواطنٍ محدود الدخل وآخر من الأثرياء، إذ سيدفع الاثنان المبلغ نفسه في شراء السلع، ما يعني أن المواطن محدود الدخل ومتوسطه سيتضرّر أكثر، فيما الثري لا يتأثر كثيراً. بالمثل، تضر الرسوم على الشركات والمؤسسات التي لا تمايز بينها على أساس الحجم بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ولا تؤثر كثيراً على الشركات الكبيرة.
غياب التمييز على أساس الدخل المالي والثروة يمتد ليشمل ارتفاع رسوم الخدمات الحكومية، ورفع الدعم عن الكهرباء والمياه والبنزين. وعلى الرغم من إعلان الحكومة السعودية مثلاً نيتها تعويض الأقل دخلاً بمبلغ مالي، بدايةً من الصيف المقبل، إلا أن السمة العامة للأعباء المالية المفروضة، سُمِّيَت رسوماً أو ضرائبَ أو رفع دعم، هي عدم التمييز على أساس الدخل والثروة بين الأفراد، وتحميل العبء الأكبر لمحدودي الدخل ومتوسطيه، إضافة إلى التمنع عن فرض ضرائب تستهدف أصحاب الثروات الأكبر بشكل أساسي، مثل الضرائب على أرباح البنوك والمؤسسات المالية، ووكلاء المنتجات الأجنبية من سيارات وأجهزة إلكترونية وملابس، وكبار تجار العقار، وهي ضرائب توفر دخلاً أكبر للدولة من الضرائب التي تستهدف الفئات الأقل دخلاً، طالما أن الهدف المعلن من الرسوم والضرائب استحداث مصدر دخل جديد، كما أنها تحقق نوعاً من العدالة الاجتماعية المطلوبة في دول الخليج.
يشعر مواطنون خليجيون كثيرون بالقلق على مداخيلهم من الضرائب، والقلق يتصاعد أكثر في حال الحديث عن ضرائب على الدخل، على الرغم من أن ضريبة الدخل أفضل بكثير من ضريبة القيمة المضافة، لأنها تصاعدية، وتقتطع مبالغ أكبر من الأعلى دخلاً، لكن هذا يتطلب شفافيةً عالية، والتزاماً كبيراً، ونظاماً ضريبياً فاعلاً يُطبّق على الجميع. باختصار، يتطلب هذا الأمر تغييراتٍ كبيرة، إدارية واجتماعية واقتصادية وسياسية، وهو ما يجعله بعيداً وغير مُحَبَّذ.
في حالة الضريبة على الدخل، يدفع محدود الدخل نسبة أقل بكثير من مدخوله مقارنةً بالثري، وضريبة الشركات تستهدف الشركات الأكبر بنسبٍ أعلى. يوزّع هذا التصاعد في تطبيق الضريبة الأعباء على الناس بشكل أكثر دقة، ويحمي الفئات الأقل دخلاً، ويمنع تدهور قوتها الشرائية، وتضرّر إنفاقها الاستهلاكي، كما يوفر للدولة إيراداً جيداً، بالنظر إلى ما يقتطع من الثروات الموجودة، وما تدفعه شركاتٌ وبنوك كبيرة، راكمت أرباحاً ضخمة، واستفادت من دعم حكومي كبير، من دون تحمل أي أعباء ضريبية في الماضي.
القلق من الضرائب، بغض النظر عن أنواعها، قائم، لأن المواطنين الخليجيين لم يعتادوا دفع الضرائب، ويتوجّسون من تغيير غير مفهوم بالنسبة لهم في نمط العلاقة الاقتصادية بينهم وبين الدولة الريعية. وفي حين تُرفَع شعارات التحول الاقتصادي في الخليج، لا تظهر مؤشراتٌ على تغيير جذري في نمط الاقتصاد الريعي، والحرص على فرض أنواعٍ محدّدة من الضرائب دون سواها، يتسق مع استبعاد تغييرٍ جذري في الاقتصاد الخليجي، وتحميل الطبقات الوسطى والدنيا، العبء الأكبر من فاتورة خطط الإصلاح الاقتصادي، فيما يحافظ أصحاب الامتيازات على مكاسبهم، ويحصدون المزيد.