يعاني الأردن، منذ سنوات، من تفاقم ظاهرة التلوث، بأشكالها البصرية والسمعية، وكذا تلوث الهواء. ويمثل الزحف السكاني والعمراني المستمر نحو المناطق الصناعية والحرفية، بالإضافة إلى عدم وجود تخطيط سابق يتعلق باستعمالات الأراضي، أحد أهم أسباب المشكلة.
معضلة الأكياس البلاستيكية
ويزداد التلوث البصري بارتفاع حجم استهلاك الأردنيين للأكياس البلاستيكية. وتؤكد أرقام المؤسسة العامة للغذاء والدواء، استخدام نحو ثلاثة مليارات كيس، في حين أن حوالى 30 مليون كيس بلاستيكي يترسب سنوياً، ملحقاً الكثير من التلوث البصري، وكذا تلوث التربة، ما يشكل، كما يقول الخبير الاقتصادي، محمد الطراونة، مخاطر، دفعت وزارة البيئة إلى إعطاء مصانع البلاستيك المحلية، الذي يصل عددها إلى 400 مصنع، مهلة أربعة أشهر لوقف إنتاجها من الأكياس الملامسة للمواد الغذائية، والتحول إلى إنتاج أكياس بلاستيكية قابلة للتحلل.
وكانت نتائج قياسات البيئة، التي قامت بها وزارة الصحة في عام 2013، قد سجلت ارتفاعاً في مستوى الضجيج بلغ 58%، في حين نظمت وزارة البيئة، خلال العام الماضي، أكثر من 1386 مخالفة تلوث هوائي، و86 مخالفة تلوث سمعي في المملكة.
ويشرح الطراونة لـ"العربي الجديد": "أن التلوث البصري والبيئي الذي يعاني منه شمال المملكة ينسحب أيضاً على جنوبها، إذ تعتبر النفايات البلاستيكية المؤثر الرئيسي على البيئة البحرية في العقبة، نظراً لقصر شاطئها، حيث لا يتجاوز طوله 27 كلم بعمق 14 ميلاً بحرياً". ويتابع: "لا تتوقف المخاطر عند تضرر المشهد السياحي وحسب، بل سيتأثر أيضاً صائدو الأسماك وأصحاب القوارب والمنشآت السياحية، نتيجة تراكم نفايات بلاستيكية غير قابلة للتحلل في قاع البحر. حيث بلغت نسبة البلاستيك 65 % من النفايات التي تم استخراجها من البحر في عام 2014. وتعكف وزارة البيئة على رصد جودة الهواء والانبعاثات والتلوث الضوضائي...
هواء ملوث
ويتلوث الهواء، وفق مصدر في وزارة البيئة الأردنية، من مصادر الصناعات الثقيلة والمتوسطة، كمصفاة البترول ومعامل الفوسفات والإسمنت، التي تضخ غازات أكسيد الكربون وأكاسيد الكبريت، معتمدة بشكل رئيسي على زيت الوقود لإنتاج الطاقة. إضافة إلى المصادر المتحركة، كآليات قطاع النقل، التي وصل عددها إلى 1.2 مليون آلية.
في حين تقدر كمية النفايات الصلبة المتولدة في المملكة بنحو 3850 طناً يومياً، منها ألفا طن يومياً في مناطق أمانة عمان الكبرى، تشكل المواد العضوية منها 52%، وتزداد النسبة خارج حدود العاصمة.
من جهة أخرى، يشير الخبير الاقتصادي، محمد اليوسف، إلى أن التلوث البيئي في الأردن له انعكاسات سلبية، ويقول لـ"العربي الجديد": "بحسب مؤشر التنافسية، تلعب الظروف البيئية دوراً في تشجيع الاستثمارات. وخلال المؤتمرات الأخيرة الدولية المتعلقة بالبيئة، بينت الدراسات هروب المستثمرين من الأماكن الملوثة، خاصة إن كانت الاستثمارات تتعلق بتصنيع المواد الغذائية. حتى اليوم لا توجد أي إحصاءات دقيقة في هذا المجال".
ويتابع: "انخفاض الاستثمارات في التصنيع الغذائي يعود إلى انتشار البيئة الملوثة. من جهة أخرى، يمكن قياس التأثيرات المباشرة للتلوث البيئي من خلال أسعار العقارات، بالرغم من أنه في السنوات الماضية، ارتفعت نسب التلوث ولم نشهد أي اختلاف يذكر في أسعار العقارات، بسبب زيادة الكثافة السكانية وتدفق اللاجئين، إلا أنه خلال السنوات المقبلة، سيظهر الفارق في الأسعار، ما سيؤدي إلى حدوث أزمة عقارية".
إقرأ أيضاً: بحراً وجواً وبراً... التلوث ينهك اقتصاد مصر