09 نوفمبر 2024
الصين ومسألة كوريا الشمالية
ثمّة ما يؤكد أن الصين تملك فعلاً مفتاح حلّ الأزمة التي تصاعدت بين الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الشمالية، عقب تهديد صدر من بيونغ يانغ بتوجيه ضربة نووية للولايات المتحدة، وتحذير الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، كوريا من مغبة الإقدام على الاعتداء على أراضيها، بما في ذلك التعرّض لقاعدة أندرسون العسكرية الأميركية في جزيرة غوام، إذ تعتقد الولايات المتحدة أن الرئيس الكوري كيم جونغ أون أمر بتحريك صواريخ جديدة، يمكن أن تُستخدم لهذا الغرض، استناداً إلى بيانات حصلت عليها عبر الأقمار الاصطناعية.
التصريحات الرسمية التي صدرت من الصين، بالتزامن مع تصاعد الأزمة، وتضمنت تبني مجلس الأمن الدولي، في السادس من أغسطس/ آب الجاري، القرار رقم 2371، الذي يشدّد العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية، ويجمّد أصول مصرفها للتجارة الخارجية، ويمنع سفنها التي تنتهك قرارات مجلس الأمن من دخول الموانئ الدولية، تفيد تلك التصريحات بأن الصين تسعى إلى النأي بنفسها عن الانحياز لأيٍّ من طرفي الأزمة، على الرغم من تحالفها الاستراتيجي المعروف مع بيونغ يانغ. وبالطبع، تفكّر الصين بمصالحها التجارية مع الولايات المتحدة والعالم الغربي، فضلاً عن أنها تعمل بشكل حثيث على تجنب أي صدامٍ على حدودها، يعطّل خططها التنموية الطموحة.
من ذلك، أن وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اعتبر أن الصين ستدفع الثمن الأكبر لتلك العقوبات، "نظراً للعلاقات الاقتصادية التقليدية للصين مع كوريا الشمالية"، مؤكداً أن الصين "ومن أجل حماية النظام الدولي الخاص بعدم الانتشار النووي، وحماية الاستقرار والسلام الإقليمي، فإنها ستطبق على نحو تام محتويات القرار الأممي". علماً أنها كانت صوتت لصالح القرار في مجلس الأمن، كما انتقدت غير مرة تجارب بيونغ يانغ الصاروخية والنووية، كونها تمثل تصعيداً للتوتر في شرق آسيا.
واعتباراً من منتصف أغسطس/ آب الجاري، قرّرت بكين فرض حظر تام على استيراد الفحم والمنتجات البحرية والحديد، وغيره من المعادن، من كوريا الشمالية. ويمكن أن تمثل هذه الخطوة عاملاً حاسماً في دفع بيونغ يانغ إلى تغيير سلوكها السياسي، ومن ثم حل الأزمة الراهنة، إذ تعد صادرات كوريا الشمالية إلى الصين، وخصوصا الفحم، العنصر الرئيس في اقتصاد كوريا الشمالية. وقد بلغت واردات الصين من كوريا الشمالية في العام الماضي نحو 2.5 مليار دولار، ما يؤكد أن بكين جادّة بالفعل في احتواء الأزمة وتجفيف منابعها.
على أن سلوك بكين تجاه بيونغ يانغ لا ينطوي، بالضرورة، على تغيّر للموقف الصيني تجاه كوريا الشمالية، وليس متصوراً أنه سيؤدي إلى إفساد العلاقات بين الجارتين، فالصين في ما فعلته توجه "صوت العقل" إلى حليفتها الاستراتيجية، ومن ذلك أن أخباراً وردت من بكين، أوردتها صحيفة صينية ناطقة بالإنكليزية، وشبه حكومية، اسمها غلوبال تايمز، إن "الصين ستلزم الحياد إذا شنّت كوريا الشمالية هجوماً على الولايات المتحدة، وردّت أميركا عليها بهجوم آخر". وهو ما يمكن اعتباره الموقف الحقيقي، غير المصرّح به، للصين، والهادف إلى حثّ بيونغ يانغ على تغيير سياستها، والجنوح إلى الحفاظ على الاستقرار الذي هو، من وجهة نظر بكين، الضمانة لمزيد من نهوض وقوة الدولتين خلال العقود التالية.
والحال أن الصين التي تعتبر تصرفات بيونغ يانغ بمثابة طيش سياسي لا تريد لها دفع المنطقة إلى التوتر الذي يعطّل عملية التقدّم الاقتصادي والتنموي الهائل الذي تحرزه الصين عاماً بعد عام، فضلاً عن أنها تميل إلى الحرص على كوريا الشمالية، ليظل التحالف بينهما بمثابة صمام أمان للردع في شرق آسيا، في مواجهة حلفاء الولايات المتحدة وفي مقدمتهم كوريا الجنوبية.
هذا الموقف المنحاز إلى الولايات المتحدة في العلن، والحريص على كوريا الشمالية في السر، هو ما يجعل الصين مفتاحاً للحل في الأزمة الراهنة التي تفاقمت، بعد أن أخذ الرئيس الأميركي ترمب تهديدات نظيره الكوري الشمالي على محمل الجد هذه المرة، على غير ما فعل أسلافه الذين كانوا يتجنبون الرد على مثل تلك التصريحات. والعامل الأهم من هذا كله براغماتية الصين، وانحيازها لمصالحها وخططها المستقبلية التي لا يناسبها هذا السلوك المتوتر من كوريا الشمالية.
التصريحات الرسمية التي صدرت من الصين، بالتزامن مع تصاعد الأزمة، وتضمنت تبني مجلس الأمن الدولي، في السادس من أغسطس/ آب الجاري، القرار رقم 2371، الذي يشدّد العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية، ويجمّد أصول مصرفها للتجارة الخارجية، ويمنع سفنها التي تنتهك قرارات مجلس الأمن من دخول الموانئ الدولية، تفيد تلك التصريحات بأن الصين تسعى إلى النأي بنفسها عن الانحياز لأيٍّ من طرفي الأزمة، على الرغم من تحالفها الاستراتيجي المعروف مع بيونغ يانغ. وبالطبع، تفكّر الصين بمصالحها التجارية مع الولايات المتحدة والعالم الغربي، فضلاً عن أنها تعمل بشكل حثيث على تجنب أي صدامٍ على حدودها، يعطّل خططها التنموية الطموحة.
من ذلك، أن وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اعتبر أن الصين ستدفع الثمن الأكبر لتلك العقوبات، "نظراً للعلاقات الاقتصادية التقليدية للصين مع كوريا الشمالية"، مؤكداً أن الصين "ومن أجل حماية النظام الدولي الخاص بعدم الانتشار النووي، وحماية الاستقرار والسلام الإقليمي، فإنها ستطبق على نحو تام محتويات القرار الأممي". علماً أنها كانت صوتت لصالح القرار في مجلس الأمن، كما انتقدت غير مرة تجارب بيونغ يانغ الصاروخية والنووية، كونها تمثل تصعيداً للتوتر في شرق آسيا.
واعتباراً من منتصف أغسطس/ آب الجاري، قرّرت بكين فرض حظر تام على استيراد الفحم والمنتجات البحرية والحديد، وغيره من المعادن، من كوريا الشمالية. ويمكن أن تمثل هذه الخطوة عاملاً حاسماً في دفع بيونغ يانغ إلى تغيير سلوكها السياسي، ومن ثم حل الأزمة الراهنة، إذ تعد صادرات كوريا الشمالية إلى الصين، وخصوصا الفحم، العنصر الرئيس في اقتصاد كوريا الشمالية. وقد بلغت واردات الصين من كوريا الشمالية في العام الماضي نحو 2.5 مليار دولار، ما يؤكد أن بكين جادّة بالفعل في احتواء الأزمة وتجفيف منابعها.
على أن سلوك بكين تجاه بيونغ يانغ لا ينطوي، بالضرورة، على تغيّر للموقف الصيني تجاه كوريا الشمالية، وليس متصوراً أنه سيؤدي إلى إفساد العلاقات بين الجارتين، فالصين في ما فعلته توجه "صوت العقل" إلى حليفتها الاستراتيجية، ومن ذلك أن أخباراً وردت من بكين، أوردتها صحيفة صينية ناطقة بالإنكليزية، وشبه حكومية، اسمها غلوبال تايمز، إن "الصين ستلزم الحياد إذا شنّت كوريا الشمالية هجوماً على الولايات المتحدة، وردّت أميركا عليها بهجوم آخر". وهو ما يمكن اعتباره الموقف الحقيقي، غير المصرّح به، للصين، والهادف إلى حثّ بيونغ يانغ على تغيير سياستها، والجنوح إلى الحفاظ على الاستقرار الذي هو، من وجهة نظر بكين، الضمانة لمزيد من نهوض وقوة الدولتين خلال العقود التالية.
والحال أن الصين التي تعتبر تصرفات بيونغ يانغ بمثابة طيش سياسي لا تريد لها دفع المنطقة إلى التوتر الذي يعطّل عملية التقدّم الاقتصادي والتنموي الهائل الذي تحرزه الصين عاماً بعد عام، فضلاً عن أنها تميل إلى الحرص على كوريا الشمالية، ليظل التحالف بينهما بمثابة صمام أمان للردع في شرق آسيا، في مواجهة حلفاء الولايات المتحدة وفي مقدمتهم كوريا الجنوبية.
هذا الموقف المنحاز إلى الولايات المتحدة في العلن، والحريص على كوريا الشمالية في السر، هو ما يجعل الصين مفتاحاً للحل في الأزمة الراهنة التي تفاقمت، بعد أن أخذ الرئيس الأميركي ترمب تهديدات نظيره الكوري الشمالي على محمل الجد هذه المرة، على غير ما فعل أسلافه الذين كانوا يتجنبون الرد على مثل تلك التصريحات. والعامل الأهم من هذا كله براغماتية الصين، وانحيازها لمصالحها وخططها المستقبلية التي لا يناسبها هذا السلوك المتوتر من كوريا الشمالية.