يراهن تجار صينيون وأميركيون على أن تؤدي زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لأميركا التي بدأت اليوم ولمدة 4 أيام إلى إحداث اختراق في مفاوضات اتفاقية الاستثمار المتبادل، وبالتالي إحداث طفرة في العلاقات التجارية بين البلدين.
وحسب هؤلاء فإن عوامل عدة تدفع تجاه تحقيق هذا الهدف في الفترة المقبلة، منها زيادة حجم الطبقة المتوسطة في الصين، وتسهيل دخول السوق باستخدام وسائل مثل التجارة الإلكترونية وإبرام اتفاقية الاستثمار المتبادل.
وفي إطار تحوّل بكين إلى نموذج نمو قائم على المستهلك، ستصبح الصين التي تعد مصنع العالم، أكبر مورّد وأضخم سوق في العالم، وفقا لدراسة أميركية صينية.
وطبقا لأرقام المجلس الأميركي الصيني للأعمال لعام 2015، فإن الصين الآن ثالث أكبر سوق تصدير لأميركا بعد كندا والمكسيك. وارتفعت الصادرات الأميركية إلى الصين بنسبة 198% خلال العشرة أعوام الماضية، أي أعلى من معدل النمو في أي بلد آخر.
ورغم تنامي الميل الصيني لشراء المنتجات الأميركية، لا تزال الصين أكبر مصدّر للواردات الأميركية. وتجاوز الفائض التجاري لها مع أميركا 237 مليار دولار في 2014، في حين بلغ حجم التبادل التجاري 555 مليار دولار وفقا لمصلحة الجمارك الصينية.
ودائما كان العجر التجاري الأميركي الكبير مع الصين أحد أسباب البطالة في أميركا، إذ ينظر بعض الأميركيين إلى الصين على أنها أحد أهم التهديدات الاقتصادية لبلادهم.
لكنّ خبراء اقتصاد صينيين حذروا من أن إحصاءات العجز التجاري الأميركي مضللة بدرجة كبيرة، وتشوه بشدة مفهوم الواقع الاقتصادي، وأظهرت الأرقام الرسمية الصينية أن أكثر من نصف الصادرات الصينية هي منتجات معالجة.
وفيما يتعلق بتأثير الفائض التجاري الصيني على التوظيف في الولايات المتحدة أشار تاو ون تشاو الباحث في معهد الدراسات الأميركية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية إلى أنه لن تجلب جهود الصين الرامية لخفض الفائض التجاري أية وظائف في أميركا.
اقرأ أيضاً: "المركزي" الأميركي يحاول الموازنة بين الاقتصاد العالمي والنمو المحلي
وأيد أستاذ التجارة والاستثمار في كلية جون كينيدي للحكومة في جامعة هارفارد روبرت لورانس وجهة نظر تاو، وقال إن الأميركيين الذين يلقون باللوم على الصين في خسارة الوظائف "يحاربون حرب الأمس".
وقال لورانس "أعتقد أنه من غير المرجح بالنظر للمستقبل أن نظل ننظر لنفس النوع من المخاوف المتعلقة بالتنافس مع العمال الصينيين منخفضي الأجر.
لكنني لا أعتقد أن الوظائف ستعود إلى أميركا مجددا، لقد غادرت تلك الوظائف إلى دول أخرى مثل كمبوديا وماينمار وفيتنام".
ونظريا فإن الاتهامات الراهنة ضد الفائض التجاري للصين هي نتاج فرعي للسياسات الأميركية، نظرا لأن ارتفاع البطالة منذ بدء الأزمة المالية العالمية في 2008 دفعت العديد من الساسة الأميركيين، خاصة الديمقراطيين لإلقاء اللوم على الصين من أجل تخفيف الضغوط.
وبالنسبة لواشنطن، فإن أحد الأمور الصحيحة التي يجب أن تفعلها لخفض عجزها التجاري مع الصين هو رفع القيود المفروضة على صادرات التكنولوجيا الفائقة التي أجبرت بكين على التسوق في أي مكان آخر، وهو ما أدى إلى خسارة شركات التكنولوجيا الفائقة الأميركية فرصا للربح.
وخلال الفترة ما بين 2001 و2011 ارتفعت واردات التكنولوجيا الفائقة الصينية من 56 مليار إلى 463 مليار دولار بزيادة 23.5% سنويا وفقا للأرقام الرسمية الصينية، لكن خلال نفس الفترة انخفض نصيب منتجات التكنولوجيا الفائقة الأميركية من 16.7% إلى 6.3%.
وقال لورانس "لا تتنافس الصين والولايات كثيرا في أسواق التصدير، ومن الجيد لنا أن تحقق الصين نموا نظرا لأنهم يمدون المستهلكين لدينا بمنتجات أرخص، ولا يجبروننا على خفض أسعار صادراتنا".
أضاف "لذلك أرى أن النمو الصيني يصب في مصلحة الولايات المتحدة. إننا نتكامل أكثر مما نتنافس".
اقرأ أيضاً: أميركا تثبت الفائدة للحد من قوة الدولار وتداعيات الصين