شككت مصادر صينية في نزاهة وكالة موديز الأميركية في أعقاب قيامها أخيراً بخفض توقعاتها للتصنيف الائتماني السيادي للصين إلى "أيه أيه 3" وكذا خفضها لتصنيف ثلاثة مصارف مقرضة و12 مصرفاً تجارياً صينياً. وهو ما يزيد مخاوف السوق العالمية إزاء اقتصاد الصين.
ونقلت وكالة شينخوا الصينية شبه الرسمية عن وسائل الإعلام الصينية قولها "نؤكد أنه استناداً إلى الحقائق الاقتصادية الصينية والعالمية، ليس من الصعب إدراك أن تحرك موديز هذا لا يرتكز على حقائق واقعية أو منطق أساسي وأن الدافع من ورائه وتوقيته مشكوك فيهما".
وأضافت أن "تباطؤ الاقتصاد الصيني في سياق الانكماش الاقتصادي العالمي يعد حقيقة موضوعية، بيد أن موديز تبالغ بلا شك في هذا التباطؤ وتحمل قراراتها طابعاً متحيزاً وسياسياً".
وقد ذكر بيان موديز أن خفض التصنيف الائتماني للصين يرجع إلى ضعف السياسة المالية للحكومة الصينية نتيجة زيادة الديون الحكومية، وتراجع احتياطيات النقد الأجنبي للصين بسبب تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج، وحالة عدم اليقين السائدة إزاء قدرة الصين على تنفيذ الإصلاحات.
ونسبت وكالة شينخوا التشكيك في نزاهة موديز إلى قاو تشين، الباحث بمعهد دراسات آسيا- الباسيفيك والاستراتيجية العالمية التابع لأكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية، قوله إن "تضخيم هذه المسألة الصينية من جانب موديز يهدف إلى التأثير على حركة رؤوس الأموال الدولية وتدفقها إلى البلاد".
وكان وزير المالية الصيني لو جي وي قد صرح في منتدى الصين للتنمية لعام 2016 قبل بضعة أيام قائلاً "نحن لا نهتم بهذا التصنيف، فعندما واجهت اليونان مشكلة اقتصادية كبيرة، كان تصنيفها وفقاً لموديز أعلى من الصين"، لافتاً إلى أن "عملية إصلاح (جانب العرض) ورد فعل السوق والتزام الحكومة الصينية تثبت جميعها ثقتنا وقدرتنا على تطوير الاقتصاد الصيني".
وقال الباحث قاو تشين إن هذه الأسباب الثلاثة التي ذكرتها موديز غير واقعية إطلاقاً، لافتاً إلى أن الوضع المالي للصين مستقر وحجم احتياطيات النقد الأجنبي كبير جداً ومازال يحتل المرتبة الأولى في العالم رغم انخفاضه إلى حد ما، علاوة على ذلك تشير الإحصاءات إلى أن قدرة الحكومة الصينية على سداد الديون أفضل من الاقتصادات الغربية الرئيسية.
ويستند تقييم المخاطر المالية لأى دولة إلى مؤشرين وهما: أن يشكل العجز كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي أقل من 3%، وألا تتجاوز النسبة التي يشكلها الدين الحكومي من إجمالي الناتج المحلي 60%. وبالنسبة للصين تبين الإحصاءات الرسمية أنه في عام 2015 بلغت نسبة العجز من إجمالي الناتج المحلي للصين 2.3% فقط، وارتفعت نسبة الدين الحكومي الصيني من إجمالي الناتج المحلي إلى 40.6%. ورغم أن مستوى الدين الحكومي الصيني من المتوقع أن يرتفع إلى 43% في عام 2017 وفقاً لتوقعات موديز، إلا أنه سيظل أقل من مستوى "خط التحذير" ومستوى العديد من الدول المتقدمة.
وفي هذا الصدد، يشير قاو تشين إلى أنه في ظل كل ما سبق يمكن القول إن المخاوف إزاء الاقتصاد الصيني غير ضرورية ولاسيما وأن الصين لديها الثقة في قدرتها على إجراء إصلاحات شاملة بل وتعميقها.
ومنذ أزمة سوق المال الصينية في الصيف الماضي، بدأت الشكوك تدور حول قوة الاقتصاد الصيني رغم قوة مركزها المالي والتجاري. وتعد سوق المال الصينية التي يبلغ حجمها 6 ترليونات دولار، ثاني أكبر سوق عالمية بعد سوق المال الأميركية التي يفوق حجمها 21.5 ترليون دولار.
ويعد الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، حيث يبلغ حجمه حوالى 10 ترليونات دولار، مقارنة بالاقتصاد الأميركي الذي يبلغ حجمه 18 ترليون دولار. ولكن أهمية الاقتصاد الصيني، لا تنبع فقط من حجمه، ولكن كذلك من قدرته في التأثير على أسعار السلع الرئيسية مثل النفط والغاز الطبيعي والمعادن التي تدخل في الصناعات.
ومن هذا المنطلق، ينظر الاقتصاديون بحذر شديد إلى أية مؤشرات سالبة في الاقتصاد الصيني، الذي ظل طوال سنوات الركود العجاف ماكينة دفع رئيسية للنمو الاقتصادي العالمي. وكانت الصين قد ذكرت خلال الأسبوع الماضي أنها قادرة على تحقيق معدل نمو يبلغ في المتوسط 6.5% خلال السنوات المقبلة.
اقرأ أيضا: تراجع كبير في أرباح الشركات الصينية